فضل سورة البروج
سورة البروج هي السورة الخامسة والثمانون من سور القرآن الكريم البالغ عددها مائةً وأربعة عشر سورةً كريمة، يبلغ عدد آياتها اثنان وعشرين آيةً وهي من السور المكيّة، وتقع سورة البروج في الجزء الثلاثين تسبقها سورة الانشقاق وتليها سورة الطارق، ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم لأنّ الله تعالى افتتحها بقوله: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة البروج وسبب نزولها ومقاصدها.
فضل سورة البروج
إنَّ تلاوة سورة البروج لها فضل عظيم كسائر سور الكتاب، فقراءة حرف من كتاب تعادل حسنة والحسنة بعشر أمثالها، وقد جاء في فضل سورة البروج بعض الأحاديث الشريفة المتفاوتة فيها بينها في الصحة والضعف، وفيما يأتي بعض الأحاديث الواردة في فضل سورة البروج على وجه الخصوص:
جاء في فضل سورة البروج توجيه الرسول لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- بعدم الإطالة في قراءة القرآن في صلاة العشاء من خلال اختيار قصار سور المفصَّل ومنها سورة البروج، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذُ اقرَأْ بـ {السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند، الصفحة أو الرقم: 46 | خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين ))
ورد عن جابر بن سمرة أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر ب { والسماء والطارق } ، { والسماء ذات البروج } ، ونحوهما من السور. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : أصل صفة الصلاة، الصفحة أو الرقم: 2/492 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
روى أبو هريرة أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يقرأُ في عشاءِ الآخِرةِ بـ {وَالسَّمَاءِ} يعني: ذات البروجِ و{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 805 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح ))
هناك بعض الأحاديث التي وردت في فضل سورة البروج ولكنها ليست لها أصل مثل حديث: “من قرأ سورة البروج أعطاه الله بعدد كل يوم جمعة وكل يوم عرفة يكون فيه في الدنيا عشر حسنات”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 315 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
سبب نزول سورة البروج
لا بدَّ من الإشارة إلى سبب نزول سورة البروج، فسبب النزول يرتبط ارتباطًا وثيقًا في مقاصد السورة ومضامينها، وسورة البروج تناولتْ قصة أصحاب الأخدود، وسرد القصص ورد في كثير من سور القرآن الكريم، وإنَّما تكون هذه القصص مضرب مثل للناس حتَّى يعتبروا ويتعظوا بها.
وسورة البروج نزلتْ في مكة تثبيتًا للمسلمين الذي أوذوا من قِبل كفار قريش، لذلك عرض الله -سبحانه وتعالى- قصة أصحاب الأخدود الذين لم يكن حالهم أحسن من حال المسلمين في قريش قبل الهجرة.
وتتناول قصة أصحاب الأخدود الحديث عن مجموعة من الناس المؤمنين الذي تعرَّضوا للأذى من قبل المشركين، حيث حاول هؤلاء المشركون إجبار المؤمنين على ترك دينهم بشتَّى الوسائل، ولكنَّ المؤمنين صبروا على ما قاسوه من العذاب والأذى، وكان تمسكهم بدينهم عظيمًا، مما دفع بالمشركين إلى حفر حفرة كبيرة وإضرام النار فيها، ثمَّ قاموا بإلقاء كلِّ من لا يرتدُّ عن إيمانه من المؤمنين، فثبتَ أصحاب الأخدود على دينهم وعقيدتهم وماتوا في سبيل إيمانهم.
قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}
مقاصد سورة البروج
إنَّ الحديث عن مقاصد سورة البروج يعني الحديث عن الأفكار التي تضمنتها هذه السورة المباركة، ومقاصد سورة البروج ترتبط بسبب نزولها، وكما وردَ سابقًا إنَّ سورة البروج نزلتْ لتثبيتِ المسلمين الذين تعرضوا لشتَّى أنواع العذاب من قريش قبل الهجرة، فسردتْ لهم قصة أصحاب الأخدود الذين ماتوا في سبيل دينهم.
إنَّ المقصد الرئيس من مقاصد سورة البروج هو عرض قصة أصحاب الأخدود الذي قُتلوا حرقًا بالنار الكبيرة التي أضرمها المشركون في الأخدود العظيم، وقد وردتْ هذه القصة في الآيات التالية: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.
أمَّا الآيات التالية فإن مقاصد سورة البروج في الآيات التالية تذكير المسمين بمصير المشركين الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ولم يتوبوا، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}.
ثمَّ ينتقل الحديث الإلهي في الآية الكريمة إلى مصير المؤمنين الصادقين الموحدين، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}، ثمَّ ينتقل الحديث عن عظمة الله تعالى وقدرته وقوَّته، وعفوه ومغفرته وملكه وعرشه المجيد، قال تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ}.
ويختم الله تعالى مقاصد سورة البروج بتذكيره الناس بمصير فرعون وثمود تأكيدًا على قدرته وعظمته -سبحانه وتعالى-، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ * بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: