التفاؤل في الإسلام
الإنسان المؤمن دائمًا يتشوق للخير والسعادة، ويؤثر حسن الظن بالله ومن تمام الصحة والعافية، أن تكون متفائلاً، ومتعلقًا بالرجاء والأمل في الله، وأول خطوة في الطريق للنجاح الأمل الذي هو راحة للنفس ولو لأمد محدود حتى ولو وقع البلاء فستكون قد عشت لحظات الأمل والسعادة، ويُوضح لكم موقع معلومات في هذا المقال مدى أهمية التفاؤل في الإسلام.
التفاؤل في الإسلام
التفاؤل من الجذر (فأل) ويأتي بتخفيف الهمزة (فال) وهو (اسم) ضد الطيرة والشؤم ومعناه: كل فعل أو قول يُستبشر به، والمصدر منه التفاؤل وهو استعداد نفسي يهيء لرؤية جانب الخير في الأشياء والاطمئنان إلى الحياة.
ركز الدين الإسلامي على التفاؤل والأمل في حياة البشر وبث طاقته الإيجابية في أكثر من مكان في القرآن والسنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم. يقول الله عز وجل في كتابه (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (( الشرح، 5.6 )) إذ يبشر الله بأن العسر والهم سيأتي يسر وسرور من بعده، ومن لطائف الآية أن جاء العسر واحداً معرفاً واليسر جاء دون تعريف وتكرر مرتين، فقيل: لن يغلب عسرٌ يسرين.
اعتبر الله عز وجل أن اليأس والقنوط وهما نقيضين للتفاؤل من أعمال الكافرين إذ قال على لسان سيدنا يعقوب عليه السلام في معرض بحثه عن ولده يوسف عليه السلام وكان متفائلاً بإيجاد ولده رغم فقده سنوات عديدة (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (( يوسف، 87 )).
ذكر الله عز وجل على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يهاجر من مكة إلى المدينة برفقة أبي بكر بعد أن لحقهم مشركو مكة إلى الغار، فوجد النبي في صاحبه خوفاً وحزناً فقال له: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا) (( التوبة ، 40 )) رغم كل ما يحيط بهم من محن وعوائق كان متفائلاً بالنصر والنجاة.
وذكرت الواقعة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي بكر قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما). (( الراوي : أبو بكر الصديق | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3922 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من صفاته التفاؤل في العديد من مواقفه في سيرته العطرة فقد كان يحب الفأل ويكره التشاؤم والطيرة، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2220 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
كما روي عن النبي– صلى الله عليه وسلم – “إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم” (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4983 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) وكان – صلى الله عليه وسلم- ينفر من كل ما يدعو للتشاؤم، فإذا رأى اسمًا من هذا القبيل بدّله. قال ابن عمر “إن ابنةً لعمر كانت تسمى عاصيةً فسماها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جميلة ” (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2139 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
أهمية التفاؤل في الحضارة الإسلامية
لم تغفل الحضارة الإسلامية هذا المعنى الكريم، فأوقفت الأوقاف على رجال كل عملهم أن يمروا على المصحات يتحاورون فيقول أحدهم: انظر إلى هذا المريض لقد تعافى، فيقول الآخر: بالفعل انظر إلى حمرة خديجة فقد ماء الحياة فيها.
إن القائد والداعية الواعي لا ينظر إلى الحياة بمنظار أسود بل يلتمس الأسباب التي تشبع روح التفاؤل، الذي يفضي بالنفس إلى السكينة ويحول الأمل إلى عمل، والضيق إلى سعة، والمحنة إلى منحة فتتقدم الحياة وتنمو، ويستمر عطاؤها ويثمر الخير.
ونظرًا لأن حياة الناس ملأى بالمنغصات وما يعكر الصفو ويبعث على الحزن والانكسار، وهبوط المعنويات والانهزامية وهذا لا يصلح مع الحياة، ولا يؤدي للنجاح، ومخالف لمنهج الإسلام نجد أن القرآن الكريم يحيي روح البشر فيقول – تعالى-: (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) (( الكهف، 2 )).
ثمرات التفاؤل
- يرفع المعنويات ويمحو الانهزامية والانكسار ويزيد الإنتاج.
- يبعث على النصر في نفوس الجنود، وقد وعد الله به عباده المؤمنين حيث قال: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (( الروم، 47 )) وقال تعالى: (وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) (( محمد، 35 ))
- يدفع العبد إلى الرجوع والتوبة عن المعصية حين يعلم أن الله يغفر الذنوب وهو أهل التقوى وأهل المغفرة، وهو أفرح بتوبة العبد من رجل فقد دابته التي تحمل زاده في صحراء قاحلة ثم وجدها بعد طول عناء وبحث. ثم يصبح التائب شخصًا سويًا مقبولاً من المجتمع.
- يجعل من يتيقن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، مطمئنًا على رزقه دون قلق، لأن الله تعهد بذلك، وقد طمأن آدم عليه السلام أزلاً بقوله: (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى) (( طه، 118، 119 )) وقال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا) (( هود، 6 )) فلن تموت نفس حتى تستوفي أجلها، فحاول أن تكون متفائلاً ومبتسمًا للحياة وكن جميلاً تر الحياة جميلة.
اقرأ أيضًا:
المصادر: