كان حافز الإمام البخاري لتصنيف كتاب الجامع المسند الصحيح أنّه كان يوماً في مجلس العالم إسحق بن راهوية حيث طرحت فكرة جمع الأحاديث صحيحة الإسناد عن النبي، فوقعت تلك الفكرة في نفس الإمام البخاري حيث أعجب بها وصمّم على تنفيذها، كما رأى يوماً في منامه أنّه يحمل بيده مروحة يذب بها عن رسول الله، فعبر له أحد المعبرين ذلك بأنّه سيذبّ عن رسول الله الكذب، ونوضح في هذا المقال شروط الإمام البخاري في قبول الحديث.
شروط الإمام البخاري في قبول الحديث
لم يصرح الإمام البخاري بشرط في كتابه ولا في غيره كما جزم به غير واحد منهم النووي، وإنما عرف بالسبر كتابه، ولذا اختلف الأئمة في ذلك:
فقال أبو الفضل بن طاهر الحافظ في جزء سمعناه أفرده لشروط الستة: شرطه أن يخرج الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلا غير مقطوع، وإن كان للصحابي روايان فصاعدا فحسن، وإن لم يكن له إلا راو واحد وصح الطريق إليه كفى.
وما ادعاه من الاتفاق على ثقة نقلته قد لا يخدش فيه وجود حكاية التضعيف في بعضهم ممن قبله لتجويز أنه لم يراه قادحا فنزل كلام الجمهور، والمعتمد عنده منزلة الإجماع، وكذا قوله: من غير اختلاف بين الثقات ليس على إطلاقه، فإنه ليس كل خلاف مؤثر، وإنما المؤثر مخالفة الثقة لمن هو أحفظ منه أو أكثر عددا من الثقات.
اتبع الإمام البخاري منهجاً محكماً في جمع الأحاديث النبوية الصحيحة، واستنتج العلماء شروط الإمام البخاري في قبول الحديث من منهجه والأسانيد التي وضعها وقبلها، حيث لم يصرح بشروط قبول الحديث في مسنده، ويمكن أن نوجز شروطه في قبول الحديث بما يأتي:
- الحديث الصحيح المقبول هو الحديث الذي رواه العدل الضابط من أول السند إلى منتهاه، من غير شذوذ أو علّة، والعدل هو الذي يتصف بصفات التقوى والعدالة والسلامة من خوارم المروءة، والضابط هو الحافظ الذي يتقن حفظه، ومن غير شذوذ أي عدم مخالفة رواي الحديث لرواية من هو أوثق منه، والعله هي أمر خفي في سند الحديث أو متنه يمنع عنه الصحة.
- الحديث الذي يرويه الثقات الملتزمين عن أعيانهم بشرط طول الملازمة سفراً أو حضراً.
- الثقة والاشتهار في راوي الحديث.
- شرط المعاصرة والسماع، فقد تشدد الإمام البخاري في قبول الحديث أكثر من غيره من علماء الحديث، فاشترط أن يكون راوي الحديث معاصراً لمن يحدث عنه، بالإضافة إلى شرط السماع منه بقوله عند رواية الحديث حدثني أو سمعت منه أو أخبرني أو غير ذلك من الألفاظ التي تفيد السماع المباشر.
الفرق بين البخاري ومسلم في شروط قبول الحديث
اختلف البخاري عن مسلم في شروط قبول الحديث، فالحديث الذي يشتمل على سند فلان عن فلان اشترط البخاري فيه اللُّقيا، بينما تساهل مسلم في ذلك فاشترط المعاصرة للرواة مع إمكانية اللُّقيا لقبول الحديث، كما كان البخاري أكثر تشدداً من مسلم في شرط العدالة والضبط الواجب توفرها في الرواة، بينما عُرِف عن الإمام مسلم تخريجه لبعض الأحاديث لمن لم يسلم راويها من غوائل الجرح، إذا كان الراوي كثير الملازمة لمن روى عنه
عدد أحاديث صحيح البخاري
جمع الإمام البخاري قي مسنده الصحيح ما يقارب من السبعة آلاف حديث صحيح، انتقاها من ستمئة ألف حديث جمعها، وكان قبل أن يضع الحديث يصلي ركعتين ويستخير الله زيادة في التثبت.
مؤلفات الإمام البخاري
ألف الإمام البخاري الكثير من المصنفات وكان على رأسها صحيح البخاري، الذي جعل الإمام البخاري فيه 7563 حديثًا صحيحًا من أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وبَقِىَ 22 عام وهو يجمع الأحاديث النبوية ويتأكد من صحتها حتى جمع هذا العدد من الأحاديث، وهو أول من صنف في الأحاديث الصحيحة.
وجعل الإمام البخاري يُصنف الأحاديث في الكتب والأبواب حسب الموضوع الذي يتحدث عنه الحديث، واشترط الإمام البخاري تمام العدالة والضبط في الرواة، فعُدّ العلماء بذلك صحيح البخاري كأصح الكتب بعد القرآن الكريم.
وأما أهم مؤلفاته الأخرى فهي: الجامع الصحيح، والجامع الصغير، والجامع الكبير، والأدب المفرد، وأسامي الصحابة، والأشربة، كما صنف في كتب التاريخ: الكبير والأوسط والصغير، وخلق أفعال العباد، ورفع اليدين في الصلاة، والضعفاء الصغير، والعلل، والفوائد، والقراءة خلف الإمام، وقضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، والكُنَى، والمبسوط، والمسند الكبير، والتفسير الكبير.
اقرأ أيضًا:
المصادر: