نقل الصحابة عن النبي عليه الصلاة والسلام الكثير من الأحاديث التي تتألف من نوعين؛ وهي: الأحاديث القُدسية؛ وهي التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، والأحاديث النبوية التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام من قول وفعل وتقرير، ونستعرض في هذا المقال بالتفصيل الإجابة عن سؤال ما الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي.
ما الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي
- عندما يروي النبي صلى الله عليه وسلم الحديث القُدسي ينسبه إلى الله تعالى، ولكن في الحديث النبوي يرويه النبي عليه الصلاة والسلام دون أن ينسبه إلى الله تعالى.
- يختلف الحديث القُدسي عن النبوي من حيث الموضوع، حيث تتصف مواضيع الأحاديث القُدسية بكلام الله عز وجل مع مخلوقاته، والخوف والرجاء، والقليل من الأحكام التكليفية، أما الأحاديث النبوية تتطرق إلى المواضيع التي ذُكرت وأيضاً تتعلق بالأحكام الشرعية.
- تختلف الأحاديث النبوية عن القدسية من حيث العدد؛ فإنّ عدد الأحاديث القُدسية قليلٌ مقارنة مع عدد الأحاديث النبوية الكثير جداً.
- تعتبر الأحاديث القُدسية من السنة القولية؛ لأنّ معناها من الله تعالى، ولفظها من الرسول عليه الصلاة والسلام، لذلك لا يُتعبد بلفظه في الصلاة، والأحاديث النبوية هي قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وما ورد عنه من أفعال وتقرير.
مثال على الحديث القُدسي
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: (إذا تقرَّب العبدُ إليَّ شِبرًا تقرَّبتُ إليه ذِراعًا ، وإذا تقرَّب إليَّ ذِراعًا تقرَّبتُ منه باعًا ، وإذا أتاني مَشيًا أتَيتُه هَروَلَةً). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7536 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
مثال على الحديث النبوي
عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال أنَ النَبيَ صلَى اللهُ عليه وسلَم جاء إليه رجلٌ فقال: (يا رسولَ اللهِ، هلَكتُ . قال : ما لَكَ . قال : وقَعتُ على امرأتي وأنا صائمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : هل تجِدُ رقبةً تُعتِقُها . قال : لا . قال : فهل تستطيعُ أن تصومَ شهرينِ متتابعينِ . قال : لا . فقال : فهل تجِدُ إطعامَ ستينَ مسكينًا . قال : لا . قال : فمكَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيه تمرٌ، والعَرَقُ المِكتَلُ، قال : أين السائلُ . فقال : أنا . قال : خُذْ هذا فتصدَّقْ به . فقال الرجلُ : أعلى أفقرَ مني يا رسولَ اللهِ ؟ . فواللهِ ما بين لابَتَيها، يُريدُ الحَرَّتينِ، أهلُ بيتٍ أفقرُ من أهلِ بيتي . فضَحِك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه ثم قال : أطعِمْه أهلَك). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1936 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
الفرق بين الحديث القُدسي والقرآن الكريم
توجد عدّة أمورٍ يمكن من خلالها التفريق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم، بيانها فيما يأتي:
- آيات القرآن الكريم أوحى بها الله -تعالى- إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- باللفظ والمعنى، بواسطة أمين الوحي جبريل -عليه السلام-.
- القرآن الكريم معجزته خالدةٌ وباقيةٌ على مر الأزمان، ولم يستطع العرب الإتيان بشيءٍ مثله أو معارضته، والتحدي به لم ينتهِ.
- لا تُنسب آيات القرآن إلّا لله -تعالى-، أمّا الحديث القدسي فيُضاف إلى الله -تعالى- إنشاءً، كأن يُروى بقول: قال أو يقول الله تعالى، كما أنّه يُضاف إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتكون نسبته إلى الله -تعالى- نسبة إخبارٍ لا إنشاءٍ، وتكون صيغة الإخبار بقول: قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربه -عزّ وجلّ-.
- نُقل القرآن الكريم بالتواتر وحُفظ من التبديل والتحريف، وثبت بصورةٍ قاطعةٍ، قال الله تعالى: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، وذلك بخلاف الأحاديث القدسية، إذ إنّها أخبار آحادٍ يُحكم عليها كما يُحكم على باقي الأحاديث النبوية، فيطرأ عليها القبول والردّ، فتكون إمّا صحيحةً أو حسنةً أو ضعيفةً، وإطلاق صفة القدسي على الحديث لا يعني أنّه مقطوعٌ بصحته.
- لا يجوز لمن أصابه حدثٌ ما مسّ القرآن الكريم، كما لا يجوز لمن أصابته الجنابة قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية التي يجوز فيها المسّ والقراءة.
- يتعبّد العبد لله -تعالى- ويتقرب منه بتلاوة آيات القرآن الكريم، وينال عشر حسناتٍ بتلاوة كلّ حرف منه بخلاف الأحاديث القدسية.
- يُحكم على من جحد شيئاً من القرآن الكريم بالكفر؛ إذ إنّه ثبت قطعاً، بخلاف الأحاديث القدسية.
اقرأ أيضًا:
المصادر: