علم الحديث واحد من فروع العلوم الشرعية، يعنى بما نقل عن النبي من أقوال وأفعال وتقريرات، ويدرس سيرة النبي قبل البعثة وبعدها. وقد كانت العناية بهذا الأصل الشرعي كبيرة منذ زمن النبي، لأنه الوسيلة التي يعرف بها الدين، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال كل ما يتعلق بـ علم الحديث من حيث تعريفه وأقسامه ومنهجه وأعلامه.
علم الحديث
يعدُّ هذا العلم أحد فروع العلوم الشرعية الذي يهتمُّ بدراسة كل ما وردَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أفعال وأقوال وتقرير، كما يتناول سيرةَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل وبعد البعثة، ويهتمُّ أيضًا بحفظ وتدوين أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يبحث في مصادر الأحاديث ودراسة أسانيدها ومتونها.
فالأسانيد: هي تسلسل جميع الرواة الذين نقلوا الحديث من رسول الله، والمتون: هي نصوص الأحاديث النبويّة الشريفة، وبما إنّه الطريقة الوحيدة التي انتقل الدين الإسلامي من خلالها فقد أولى المسلمون منذ عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا العلم اهتمامًا كبيرًا وعنايةً فائقةً لتمحيص كل ما ورد في هذا الدين؛ وذلك لضمان أكثر من أمر يخصُّ الحديث النبوي الشريف ومن أبرز تلك الأمور: أن يضمن المسلمون عدمَ ضياع أي حديث من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن تتمَّ حماية هذه الأحاديث من الأحاديث الموضوعة والضعيفة.
ولذلك تطوَّر علم الحديث رويدًا رويدًا على أيدي المسلمين الذي جاؤوا بعد موت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد وقعَ على عاتقهم نقل هذا الدين لمن بعدهم على أكمل وجه.
ومن أبرز العلماء في هذا المجال الإمام البخاري في كتابه صحيح البخاري والإمام مسلم في كتابه صحيح مسلم وغيرهم كثير، فأصبح الاهتمام بمجال الحديث وتمحيصه علمًا بحدِّ ذاته مستقلًا له خصائصه وكتبه وعلماؤه، ونشأ كل ذلك بجهود الأجيال المتلاحقة، ويتضمَّن علم الحديث الكثير من العلوم التي اندرجت ضمنه كعلم دراسة درجات الحديث، علم الجرح والتعديل وهو علم تراجم الرجال، وعلم مصطلح الحديث، وغير ذلك.
أقسام علم الحديث
كما سبق فإنَّ علوم الحديث هي أحد العلوم الشرعية التي تبحثُ في أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حيث النقل والتدوين وضبط الألفاظ والتأكد من المصدر وما إلى ذلك، ولعلم الحديث قسمان رئيسان يُبنى عليهما هما: علم الحديث رواية، وعلم الحديث دراية، والفرق بين هذين العلمين كالفرق بين علمَيْ النحو والإعراب، وفيما يأتي سيتمُّ التعريف بكل قسم من أقسام علمِ الحَديث:
- علم الحديث رواية: يتناول أفعال وأقوال وصفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى الأمور التي أقرها، ويتناول كذلك دراسة رواية هذه الأحاديث وضبطَها ودراسة الأسانيد لكل حديث، وفي هذا العلم تتمُّ معرفة وضع كل حديث من حيث القبول أو الرفض، ومعرفة شرح الحديث والفوائد التي ممكن أن تستنتج منه.
- علم الحديث دراية: ويُسمَّى أيضًا علم مصطلح الحديث أو أصول الحديث، وهو العلم الذي يتناول القواعد التي يتمُّ من خلالها دراسة أحوال المتون والأسانيد من حيثُ قبول أو ردِّ الحديث، وهي قواعد تحيط بأحوال الرواة والمرويَّات، وهو بشكل عام العلم الذي يتمُّ من خلاله معرفة المردود من المقبول من الأحاديث.
منهج علم الحديث
أول ما ينظر إليه المحدث هو السند من حيث الاتصال، وذلك لتجنب أنواع السقط (المرسل والمنقطع والمعضل والمدلس والمرسل والخفي والمعلق). بعد ذلك يمر إلى الخطوة التالية وهي معرفة الرواة ودرجة صدقهم، أي الجرح والتعديل وما يقتضيه من معرفة علوم الرواة التاريخية وعلوم أسماء الرواة. بعد ذلك يجد نفسه قد صحح حديثين قد يبدو أنهما متناقضين ومن هنا ينظر في المتن فيجد أن هذا التناقض إما من مختلف الحديث أو الناسخ والمنسوخ.
أعلام أهل الحديث
عرف التاريخ الإسلامي الكثير من أعلام أهل الحديث الذين كان لهم أثر واضح في خدمة الحديث النبوي الشريف ونقله للأجيال التالية منزهًا عن الشوائب والتحريفات ومنهم ما يأتي:
- الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-: المتوفى سنة 57هـ، وهو علم من أعلام أهل الحديث بين الصحابة الكرام، وأكثر الصحابة رواية للحديث وأكثرهم حفظًا، حيث قاربت الأسانيد التي انتهت إليه خمسة آلاف إسناد.
- أبو الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي الأزدي: توفي سنة 93هـ، كان إمامًا في الحديث والفقه، تتلمذ على حبر الأمة عبد الله بن عباس، وروى الحديث عن أم المؤمنين عائشة.
- مُطَرِّف بن عبد الله بن الشخير: ومن أعلام أهل الحديث -المحدث الكبير- مُطَرِّف بن الشخير المتوفى سنة 95 هـ، وكان من كبار التابعين، وأحد أشهر رواة الحديث النبوي الشريف.
- مالك بن أنس: المتوفى سنة 179هـ، وهو أحد أعلام أهل الحديث في القرن الثاني الهجري، وأحد أئمة المذاهب الأربعة التي ينتسب إليها أهل السنة والجماعة، حيث ينتسب إليه المالكية الذين انتشر مذهبهم في بلاد المغرب العربي، وله كتاب يُعتبر من أهم الكتب في رواية الحديث النبوي الشريف وهو الموطأ، ورتب الإمام مالك كتابه حسب الأبواب الفقهية، وشرح الكتاب شروحًا متعددة من علماء المذهب.
- أحمد بن حنبل: المتوفى سنة 241هـ، أحد أبرز أعلام أهل الحديث في القرن الثالث الهجري، وينتهي إليه نسبة المذهب الحنبلي أحد مذاهب أهل السنة والجماعة، له كتاب المسند الذي روى فيه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ورتبها حسب الإسناد، وليس حسب الأبواب الفقهية.
- محمد بن اسماعيل: البخاري المتوفى سنة 256هـ، إمام أهل الحديث، والعَلَمُ الأبرز بين أعلام أهل الحديث في القرن الثالث الهجري، وقد جمع ما صح من حديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في كتابه المشهور بصحيح البخاري، وعكف على جمعه ستة عشر عامًا، لقي الكتاب اهتمامًا كبيرًا من العلماء، فشُرح شروحًا متعددة كان من أشهرها كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني.
- مسلم بن الحجاج: المتوفى سنة 261هـ، من أكابر أعلام أهل الحديث، جمع ما صح من سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، ولقي كتابه قبولًا كبيرًا عند العامة والخاصة، وشُرح شروحًا متعددة، من أشهر شروحه كتاب المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام شرف الدين النووي.
- محمد بن يزيد بن ماجه: المتوفى سنة 273هـ، صاحب السنن المعروفة بسنن ابن ماجة، وقد وقع في كتابه بعض الأحاديث التي لم تصل لدرجة الصحة والتي بينها العلماء في العصور التالية.
- سليمان بن الأشعث السجستاني: والمشهور بأبي داوود المتوفى سنة 275هـ، جمع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولقي كتابه قبولًا في زمانه، وقد وقع في كتابه بعض الأحاديث التي لم تصل لدرجة الصحة وقد أشار إليها العلماء، وصنف العلماء في شرحه شروحًا متعددة من أشهرها عون المعبود شرح سنن أبي داوود.
- محمد بن عيسى الترمذي: المتوفى سنة 279هـ، جمع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن شروطه لصحة الحديث كانت أخف من شروط البخاري ومسلم، فوقع في كتابه بعض الأحاديث التي لم تصل لدرجة الصحة أو التحسين.
- أحمد بن شعيب النسائي: المتوفى سنة 303هـ، كان من أشهر علماء زمانه في الحديث، جمع سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في كتابيه المشهورين بسنن النسائي الصغرى والكبرى.
- شهاب الدين العسقلاني : وهو من كبار شراح الحديث، واسمه الإمام شهاب الدين أبو الفضل علي بن محمد بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 923هـ، لقبه علماء عصره بأمير المؤمنين في الحديث، شرح أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل- وهو صحيح البخاري بكتابه المشهور بفتح الباري شرح صحيح البخاري.
- شمس الدين الذهبي: المتوفى سنة 748 هـ، محدث وإمام حافظ جمع بين حفظ التاريخ الإسلامي والمعرفة الواسعة بقواعد الجرح والتعديل للرجال، فكان مدرسة حديثية قائمة بحد ذاتها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: