اهتم الإسلام بالمرأة، وأوصى النبي بها وخاصة في خطبة الوداع؛ إذ قام النبي خطيبا في الناس، ونادى بحق المرأة، وأوصى بها خيرا، وحذر من التقصر في حقها، لذلك يتناول هذا المقال حديث استوصوا بالنساء خيرا بالتفصيل.
حديث استوصوا بالنساء خيرا
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 960 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
شرح حديث استوصوا بالنساء خيرا
قوله (بالنساء خيرا) كان فيه رمزا إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه ، وإلى هذا أشار المؤلف بإتباعه بالترجمة التي بعده ” باب قوا أنفسكم وأهليكم نارا ” فيؤخذ منه أن لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو ترك الواجب ، وإنما المراد أن يتركها على اعوجاجها في الأمور المباحة.
وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب . وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن ، وأن من رام تقويمهن فإنه الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه ، فكأنه قال : الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها.
قوله ( فإنهن خلقن من ضلع ) بكسر الضاد والمعجمة وفتح اللام وقد تسكن ، وكأن فيه إشارة إلى ما أخرجه ابن إسحاق في ” المبتدأ ” عن ابن عباس ” إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم ” فكان المعنى أن النساء خلقن من أصل خلق من شيء معوج ، وهذا لا يخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع ، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه وأنها عوجاء مثله لكون أصلها منه ، وقد تقدم شيء من ذلك في كتاب بدء الخلق.
قوله (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) ذكر ذلك تأكيدا لمعنى الكسر ، لأن الإقامة أمرها أظهر في الجهة العليا ، أو إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن ، ويحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلا لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها ، وفيه لسانها وهو الذي يحصل منه الأذى ، واستعمل ” أعوج ” وإن كان من العيوب لأنه أفعل للصفة وأنه شاذ ، وإنما يمتنع عند الالتباس بالصفة فإذا تميز عنه بالقرينة جاز البناء.
قوله (فإن ذهبت تقيمه كسرته) الضمير للضلع لا لأعلى الضلع ، وفي الرواية التي قبله ” إن أقمتها كسرتها ” والضمير أيضا للضلع وهو يذكر ويؤنث ، ويحتمل أن يكون للمرأة ، ويؤيده قوله بعده ” وإن استمتعت بها ” ويحتمل أن يكون المراد بكسره الطلاق.
قوله (وإن تركته لم يزل أعوج) أي وإن لم تقمه ، وقوله ” فاستوصوا ” أي أوصيكم بهن خيرا فاقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها ، قاله البيضاوي . والحامل على هذا التقدير أن الاستيصاء استفعال ، وظاهره طلب الوصية وليس هو المراد ، وقد تقدم له توجيهات أخر في بدء الخلق.
تكريم المرأة في الإسلام
كرم الإسلام المرأة، وأعلى من شأنها؛ سواء كانت أما، أو أختا، أو بنتا، أو زوجة، ومن ذلك أنه أمر الأزواج بالرفق بهن، وحسن معاشرتهن، ونهى وليها أن يزوجها لرجل لا تريده، وجعل لها نصيبا من الميراث بعد أن كانت محرومة منه، ورحمة الإسلام بها تتعدى ذلك إلى العديد من المظاهر، إذ أوجب لها المهر، ومنع وليها أن يأخذ منه شيئا، وأسقط النفقة عنها، ومما يدل على تكريم الإسلام للمرأة أن في القرآن سورة تناولت كثيرا من الأحكام الخاصة بهن، وقد سميت بسورة النساء.
وصايا الرسول بالنساء
جاءت العديد من الأحاديث التي يوصي فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنساء، ومن هذه الأحاديث والوصايا ما يأتي:
- حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر) (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1469 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) فالنبي نهى الزوجين عن بغض أحدهما للآخر بسبب خلق واحد سيئ؛ فإن كان لدى الزوجة صفة سيئة، فقد يكون لديها في المقابل صفات حسنة كثيرة.
- حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم) (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 1162 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح )) وقد جاءت هذه الوصية بالمرأة؛ لأنها أضعف من الرجل، وبحاجة إلى من يرحمها، وفي ذلك إشارة من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن حسن خلق الرجل مع أهل بيته يزيده خيرية.
- حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 4207 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه )) وفي هذا حث من النبي -عليه الصلاة والسلام- على العدل بين الزوجات في حال تعددهن؛ سواء كان في المبيت، أو النفقة.
- الحديث الذي رواه أنس بن مالك عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ قال: (كان للنبي صلى الله عليه وسلم حاد يقال له أنجشة، وكان حسن الصوت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: رويدك يا أنجشة، لا تكسر القوارير) (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6210 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
فشبه النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة بالقارورة؛ لأن القارورة لينة وكسرها سهل؛ وحث على المحافظة على المرأة من الكسر، أو الضياع؛ لما تحمله النساء من ليونة، وضعف في الجسم، والقلب.
اقرأ أيضًا:
ما هو مفهوم القوامة في الإسلام
لماذا سميت سورة النساء بهذا الاسم
المصادر: