سورة النصر هي آخر سورةٍ نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- من القرآن الكريم إذ توفي بعد نزولها بسنتيْن. يُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة النصر ومكان نزولها بالإضافة إلى سبب تسميتها بهذا الاسم وفضلها.
أسباب نزول سورة النصر
نزلت سورة النصر على النبي -صلى الله عليه وسلم- في طريق عودته من غزوة حنين لزفّ البشرى له وللمسلمين باقتراب موعد النصر وحصول الفتح والمقصود بالفتح بإجماع علماء المسلمين بأنّه فتح مكة حيث كانت القبائل العربية مترددةً في الدخول في الإسلام بسبب موقف قريشٍ من النبي؛ فكانوا يقولون:”إن ظهر على قومه فهو نبيٌّ”، وعندما فُتحت مكة توالى وفود القبائل العربية على المدينة معلنةً دخولها في الإسلام ومنضويةً تحت رايته،
جاء في الحديث:”كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُكثِرُ قبْلَ موتِه أنْ يقولَ:”سُبحانَ اللهِ وبحمدِه أستغفِرُ اللهَ وأتوبُ إليه” قالت: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ إنَّك لَتُكثِرُ مِن دعاءٍ لم تكُنْ تدعو به قبْلَ ذلك؟ قال:”إنَّ ربِّي -جلَّ وعلا- أخبَرني أنَّه سيُريني عَلَمًا في أمَّتي فأمَرني إذا رأَيْتُ ذلك العَلَمَ أنْ أُسبِّحَه وأحمَدَه وأستغفِرَه وإنِّي قد رأَيْتُه “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ” أي فتحُ مكَّةَ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 484 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
لمَّا نَزَلتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ…} [سورة النصر]، قال: يا جِبريلُ، نَفْسي قد نُعِيتْ؟ قال: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِن الْأُولَى} [الضحى: 4]، ثمَّ أمَرَ بلالًا فنادى: الصَّلاةُ جامِعةٌ. ثمَّ خطَبَ خُطبةً، وقال: مَن كان له قِبَلي مَظلَمةٌ فليَقتَصَّ. وذكَرَ خَبرًا طَويلًا، وأنَّ عُكَّاشةَ رَفَعَ إليه القَضيبَ ليَقتَصَّ منه. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 3201 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
هل سورة النصر مكية أم مدنية؟
سورة النصر واحدةٌ من قِصار سور المفصَّل المدنية، إذ يبلغُ عدد آياتها ثلاث آياتٍ تقع في الربع الثامن من الحزب ستين في الجزء الثلاثين وترتيبها بالمصحف العثماني العاشرة بعد المائة، ونزلت بعد سورة التوبة بعد حجة الوداع.
تتطرق السورة إلى ثلاثة مقاصد هي عاقبة المؤمنين في الدنيا، ومشروعية الاستغفار والتسبيح عند النِّعم ونعي الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
سبب تسمية سورة النصر بهذا الاسم
عُرفت هذه السورة في أقوال وأحاديث السَّلف باسم سورة إذا جاء نصر الله والفتح لأنها الآية التي افتُتحت بها السورة، لكنها في المصحف الشريف وفي كُتب التفسير معروفة باسم سورة النصر لما فيها من الإشارة الصريحة إلى تحقق النصر أي التأييد على كفار قريشٍ وقهرهم والاستعلاء عليهم وتحقق ذلك أثناء فتح مكة كنتيجة لبراءة الرسول من الكفار.
أُطلق على هذه السورة أيضًا اسم سورة الفتح لما فيها من أثناء دخول مكة من فتح مساكن الأعداء والدخول إلى منازلهم بتأييدٍ من الله تعالى وبهذا يكون هذا الاسم أي “الفتح” مشتركًا ما بين سورة النصر وسورة الفتح “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”.
كما عُرفت هذه السورة باسم سورة التوديع؛ لما فيها من الإشارة إلى قُرب رحيل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أكمل المهمة وأدى الرسالة وتحقق النصر بارتفاع رايات الإسلام في مكة قلب شبه الجزيرة العربية، وقال عبد الله بن عباس في إيماء السورة إلى وداع الرسول:”هوَ أجلُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أعْلَمَهُ لهُ، قالَ: “فإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ” وذلِكَ علامةُ أجلِكَ”.
فضل سورة النصر
القرآن الكريم بجميع آياته وسوره يحمل الفضل العظيم والخير العميم لقارئه وحافظه ومفسِّره ومتدبره والعامل به؛ فقراءة كلّ حرفٍ من حروف ينال عليها العبد عشرة حسناتٍ أمّا بخصوص ما ورد في فضائل بعض السُّور فمنها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيفٌ أو موضوعٌ أو موضع خلافٍ بين المحدثين ومن تلك السُّور سورة النصر.
الأرجح أنّه لم يرد بخصوص فضلها شيءٌ يُذكر سوى الحديث الذي ذُكر فيه أنها تعدل رُبع القرآن، حيث قال رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- لرَجلٍ من أصحابِهِ: هل تزوَّجتَ يا فلانُ قالَ: لا واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ ولا عِندي ما أتزوَّجُ بِهِ قالَ: أليسَ معَكَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قالَ: بلَى قالَ: ثلُثُ القرآن، قالَ: أليسَ معَكَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والْفَتْحُ قالَ: بلى، قالَ: ربعُ القرآن، قالَ: أليسَ معَكَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) قالَ: بلَى، قالَ: ربعُ القرآن قالَ: أليسَ معَكَ (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ) قالَ: بلى، قالَ: ربُعُ القرآن قالَ تزوَّجْ تزوَّجْ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2895 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
عن جبير بن مطعم: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتُحِبُّ يا جُبَيرُ إذا خرَجْتَ في سفرٍ أن تكونَ مِن أمثَلِ أصحابِك هيئةً وأكثرِهم زادًا فقلتُ نَعَمْ بأبي أنت وأمِّي قال فاقرَأْ هذه السُّورَ الخَمْسَ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } و { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ } و { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } وافتَتِحْ كلَّ سورةٍ ببسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ واختِمْ قِراءتَك ببسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم قال جُبَيرٌ وكنتُ غنيًّا كثيرَ المالِ فكنتُ أخرُجُ في سفرٍ فأكونُ أبَذَّهم هيئةً وأقَلَّهم زادًا فما زِلْتُ منذُ علَّمَنيهنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقرَأْتُ بهنَّ أكونُ مِن أحسَنِهم هيئةً وأكثرِهم زادًا حتَّى أرجِعَ مِن سَفَري. (( الراوي : جبير بن مطعم | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 10/136 | خلاصة حكم المحدث : فيه من لم أعرفهم ))
عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قال: لَمَّا نَزلَت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} دَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فاطِمَةَ، قال: نُعِيَت إليَّ نَفسي، فبَكَت، قال: لا تَبْكي؛ فإنَّك أوَّلُ أَهلي لاحِقٌ بي، فضَحِكَت، فرَآها بَعضُ أَزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، فقُلنَ: يا فاطمَةُ، رَأيناكِ بَكيْتِ ثُمَّ ضَحِكتِ! قالتْ: إنَّه أَخبرَني أنَّه قَد نُعِيَت إليهِ نَفسُه، فبَكيْتُ، فَقال لي: لا تَبْكي؛ فإنَّك أوَّلُ أهْلي لاحِقٌ بي، فضَحِكتُ، و{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وَجاء أَهلُ اليَمنِ: هُم أَرَقُّ أَفْئِدةً، والإيمانُ يَمانٍ، والحِكمةُ يَمانيَةٌ. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5915 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: