أسباب نزول سورة العلق

سورةَ العلق هي أوّل ما نزل من القرآن على رسول اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- في غار حراء، وهي بداية الاتصال الإلهي بين السماء والأرض، فَبِها نزل الوحي لأول مرّة، وبها لقّن رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- أولى كلمات الله التامّات، لذلك يُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة العلق.

أسباب نزول سورة العلق

سورة العلق

ورد في نزول الآيات الأولى من سورة العلق عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أنَّها قالَتْ: أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه – وهو التَّعَبُّدُ – اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها، حتَّى جاءَهُ الحَقُّ وهو في غارِ حِراءٍ. فَجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ (2) اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ}. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

وقد وردتْ في سورة العلق قصَّةُ الشَّقيّ أبي جهلٍ ونهيـهُ الرَّسُولَ عَنِ الصَّلاَةِ، فقال الله تعالى في محكم التنزيل: “فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب”.

كلا لا تطعه واسجد واقترب

وقد ورد سبب نزول الآية في صحيح مسلم:  قالَ أَبُو جَهْلٍ: هلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قالَ فقِيلَ: نَعَمْ، فَقالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذلكَ لأَطَأنَّ علَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في التُّرَابِ، قالَ: فأتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ علَى رَقَبَتِهِ، قالَ: فَما فَجِئَهُمْ منه إلَّا وَهو يَنْكُصُ علَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بيَدَيْهِ، قالَ: فقِيلَ له: ما لَكَ؟ فَقالَ: إنَّ بَيْنِي وبيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِن نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً.

فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لو دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا قالَ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، لا نَدْرِي في حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ شيءٌ بَلَغَهُ، : {كَلَّا إنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إنَّ إلى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الذي يَنْهَى عَبْدًا إذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إنْ كانَ علَى الهُدَى أَوْ أَمَرَ بالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، {أَلَمْ يَعْلَمْ بأنَّ اللَّهَ يَرَى، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ، فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ، كَلَّا لا تُطِعْهُ}[العلق من 6: 19]. زَادَ عُبَيْدُ اللهِ في حَديثِهِ قالَ: وَأَمَرَهُ بما أَمَرَهُ بهِ. وَزَادَ ابنُ عبدِ الأعْلَى {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، يَعْنِي قَوْمَهُ. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2797 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

هل سورة العلق سورة مكية أم مدنية؟

تعدُّ سورة العلق من السور المكية التي نزلتْ على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة، وهي أوّل ما نزل من القرآن الكريم، حين نزل جبريل -عليه السّلام- على رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- وقال له: اقرأ باسم ربكَ الذي خلق * خلقَ الإنسان من علق”، ويبلغ عدد آيات سورة العلق (19) آية، وتقع في الجزء الثلاثين، والحزب (60) من المصحف الشريف.

سبب تسمية سورة العلق

سورة العلق

إنّ مطلع سورةِ العلق الذي اعتمد على أسلوب الأمر بتكرار كلمة اقرأ، أفضى إلى الأمر بالقراءة باسم الله الذي خلق كلّ شيء، وجاءت الآية الثانية أكثر تفصيلًا، حينَ حددت أنّ الله تعالى خلقَ الإنسان من علق، والمقصود خلقَ الإنسان من دمِ، فالعلقة هي الدم الجامد، وإذا جرى فهو الدم المسفوح، وخصَّ الإنسان بالذكر تشريفًا له، وإنّما تحديد اسم السورة بكلمة العلق، والذكر بأن الإنسان خلق من علق، هو إظهار وتبيين واضح بأنَّ الله -سبحانه وتعالى- قادرٌ على خلق الإنسان من نقطة دم صغيرة مهينة، وجعلِهِ بشرًا سويًّا عاقلًا، فجاءت تسمية السورة من هذه الآية والله تعالى أعلم.

فضل سورة العلق

يكمن الفضل العظيم الذي قدّمته سورةُ العلق للناس أجمعين، في ارتباط القراءة بنعمة الإمداد والإكرام فيها، والمعنى أنَّ الذي خلق الإنسان يأمرُهُ بالقراءةِ؛ لأنَّها حقُّ الخالقِ، إذْ بها يُعرف؛ وإنَّ ممارسةَ هذهِ القراءةِ هي صورةٌ من صورِ الشكرِ للخالقِ؛ لأنَّها قراءةٌ لاسمِهِ، وباسمِهِ، وقد بيّنت سورةُ العلق بداية خلق الإنسان، فحملتْ معجزة علمية من معجزات القرآن الكريم، الذي بيّن -قبل ألفٍ وأربعمئة عام ويزيد- أنَّ الإنسان خُلق من علقة، أي من نقطة دم جامدة.

لا شكَّ في أنّ سورة العلق كسائر القرآن، متعبدة بتلاوتها، وفيها كثير من الأجر الذي أعدَّه الله تعالى لمن لا يهجرون كتاب الله، والحسنة بعشرة أمثالها والله يضاعف لمن يشاء، وقد وردَ في فضل قراءة القرآن الكريم، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “يُقال لصاحب القرآن اقرأ وارتقِ ورتِّلْ كما كنت ترتل في الدنيا فإنَّ منزلتَكَ عند آخر آية تقرؤها”. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 766 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))

ومن فضل سورة العلق ما ورد عن ابنِ عمرَ حيث قال : لما أنزل اللهُ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لمعاذٍ : اكتبها يا معاذُ، فلما بلغ {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } سجد اللوحُ وسجد القلمُ وسجد النونُ قال معاذٌ : سمعتُ اللوحَ والقلمَ والنونَ وهم يقولون : اللهم ارفع له ذكرًا، اللهم أحطُط به وزرًا، اللهم اغفر له ذنبًا، قال معاذٌ : وسجدتُ وأخبرتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فسجد، وبه عن ابنِ عمرَ قال : خرج إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : أيها الناسُ سلوا ربَّكم العفوَ والعافيةَ . قال ابنُ عمرَ : قلتُ : يا رسولَ اللهِ زِدْني ؟ قال : إن أعطيتَها فقد أفلحتَ. ((  الراوي : نافع مولى ابن عمر | المحدث : الدارقطني | المصدر : سؤالات السهمي، الصفحة أو الرقم: 282 | خلاصة حكم المحدث : موضوع إسنادا ومتنا ))

اقرأ أيضًا:

أسباب نزول سورة المدثر

أسباب نزول سورة المزمل

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *