يبلغ عدد آيات سورة البروج اثنتين وعشرين آية، وتُعدّ واحدة من أكثر السور التي تفيد المسلم على مستوى التمسك بالإيمان، ويستعرض هذا المقال أسباب نزول سورة البروج ومكان نزولها بالإضافة إلى تسميتها وفضلها.
أسباب نزول سورة البروج
كانت سورة البروج من أهمّ السور التي نزلت على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد اشتدّ أذى قريش على النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه -رضوان الله عليه- وما وجدوه من تعذيب وتضييق عليهم في سُبُل الحَياة كافّة.
نزلت آيات هذه السورة لتأكد على إنّ الثبات على دين الإسلام من المطالب التي يسعى لتحقيقها المؤمن الحقيقي، ومن الوسائل المعينة على ذلك تدبّر وتأمل نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن القصص الواردة في آيات القرآن قصة أصحاب الأخدود التي نزلت فيها آيات من سورة البروج.
بيّنت سورة البروج أصول العقيدة، وقواعد الإيمان، وتتمثّل قصة أصحاب الأخدود بالفئة السابقة إلى الإسلام، وهم النصارى الموحّدون، حيث ابتلاهم الله تعالى بالطغاة الظالمين المعادين، وسعوا في أن يترك الموحدون دينهم، ويرتدوا عنه، إلا أنّ الموحدين ثبتوا على دينهم وتمسّكوا به، فحفر الطغاة الجبارون حفرة في الأرض، وأشعلوا فيها ناراً عظيمةً، ورموا فيها المؤمنين الموحدين، فماتوا حرقاً بالنار أمام جماعات الظلم والاستبداد، مشاهدين لنهاية المؤمنين الموحدين، مستمتعين بذلك المشهد.
من الأمور التي بيّنتها سورة البروج ما يتعلّق بالجزاء المترتب على كلٍّ من الظالمين الطغاة الجبارين المتثّل بدخول نار جهنم ونيل عذابها، وكذلك بيّنت سورة البروج جزاء المؤمنين الموحدين المتثّل بالجنة، فالظالمون استحقوا اللعن من الله تعالى، جزاءً لما بدر منهم تجاه المؤمنين بسبب إيمانهم فقط، وتجدر الإشارة إلى أنّ الله تعالى عالم بكل ما يجري، ولا يخفى عليه أي أمر من الأمور، فهو المالك للسماوات والأرض وما فيهن وما بينهن.
ومن الجدير بالذكر أن العلماء اختلفوا في أصحاب الأخدود، فقال البعض بأنهم من زمن الفترة، وعندما رأوا شرور الناس اعتزلوا في قرية لعبادة الله تعالى، إلى أن سمع بحالهم أحد الجبارين الظالمين، فأمرهم بعبادة الأصنام، فرفضوا، وهُدّدوا بالقتل، فرفضوا أيضاً، فحُفر لهم أخدود، ثمّ خُيّروا بين الموت حرقاً وبين العودة عن دينهم، إلا أنهم ثبتوا على دينه.
هل سورة البروج مكية أم مدنية؟
تعدُّ سورة البروج من السور المكيّة التي نزلت على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية المباركة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكغيرها من السور المكيّة تناولت هذه السورة قضايا العقيدة الإسلامية التي يتوجّبُ على المسلمين معرفتُها من أجل أن تكونَ العقيدة سليمة وخالية ممّا يشوبها من الأفكار والمعتقدات الجاهلية.
أتت السورة على ذكر جنود فرعون وقوم ثمود لتذكير المؤمنين بأن هؤلاء الأقوام السابقة الذين تجبروا في الأرض كان مصيرهم الفناء، وأن الله تعالى نصَرَ الثُّلة المؤمنة.
سبب تسمية سورة البروج
سُمّيت سورة البروج بهذا الاسم لأنّ كلمة البروج وردت في الآية الأولى من هذه السورة، وتشيرُ هذه الكلمة إلى المنازل المعروفة للكواكب التي تَحتوي السماءُ عليها، وقد جاء ذكرُها للدلالة على قدرة الله تعالى الذي رفع السماء بلا عمد.
تكرر هذا الأمر في السور المكية التي احتوت على دلائل قدرة الله تعالى في الخلق من أجل تذكير المشركين بأنّ الله تعالى قادر على كلّ شيء، وهو الذي يستحقّ العبادة وحده سبحانه، وأن الأصنام التي كان يعبدها أهل مكة لا تملك لهم الضرّ أو النفع لأنّ كلّ ذلك بيد الله -عزّ وجَلّ-.
فضل سورة البروج
وردت بعض الأحاديث التي تؤكد على أن سورة البروج من السور ذات المكانة العالية ومن أبرز هذه الأحاديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذُ اقرَأْ بـ {السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2400 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
روى أبو هريرة أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يقرأُ في عشاءِ الآخِرةِ بـ {وَالسَّمَاءِ} يعني: ذات البروجِ و{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن كثير | المصدر : الأحكام الكبير، الصفحة أو الرقم: 3/187 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] أبو المهزم: يزيد بن سفيان ضعفه شعبة وغيره ))
ورد عن جابر بن سمرة أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر ب { والسماء والطارق } ، { والسماء ذات البروج } ، ونحوهما من السور. (( الراوي : جابر بن سمرة | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 805 | خلاصة حكم المحدث : سكت عنه ))
هناك بعض الأحاديث الموضوعة التي وردت في فضل سورة البروج مثل حديث: “من قرأ سورة البروج أعطاه الله بعدد كل يوم جمعة وكل يوم عرفة يكون فيه في الدنيا عشر حسنات.” (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 315 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: