أسباب نزول سورة الانشقاق
تقع سورة الانشقاق في الحزب التاسع والخمسين وفي الجزء ذي الرقم ثلاثين وهو آخر جزء في القرآن الكريم ويطلق عليه اسمُ جزء عمَّ نسبةً لبداية أول سورة فيه، رقم ترتيب السورة في المصحف أربعة وثمانون وعدد آياتها خمسة وعشرون آية، ويستعرض هذا المقال أسباب نزول سورة الانشقاق وتسميتها.
أسباب نزول سورة الانشقاق
اهتم علماء المسلمين بعلوم القرآن بتصنيفاته كافة، ومنها أسباب النزول ومن أشهر من بحث في هذا المجال الواحدي في كتابه أسباب النزول والسيوطي في كتابه لباب النقول في أسباب النزول حيث لم يرد في أيٍّ منهما سببٌ لنزول سورة الانشقاق أو أيٍّ من آياتها، وهذا أمرٌ ليس بغريبٍ فليس لكل سورةٍ سبب نزولٍ حيث أُنزلت بعض السُّور والآيات لغاياتٍ عدة دون ارتباطها بموقفٍ اقتضى نزولها؛ ففي سورة الانشقاق يبدو الأمر جليًّا بأنّ أسباب نزول السورة هي نفس مقاصدها والتي تتمثل في:
الحديث عن الأهوال العظيمة التي سيشهدها الناس في يوم القيامة، كما تصوِّر التقلُّبات المخيفة التي ستصيبُ الكون الشاسع كله في ذلك اليوم الحقِّ كما وصفه الله تعالى، قال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}.
إلقاء الضوء على الإنسان الذي يكدُّ ويسعى للحصول على الرزق ويشقى في سبيل ذلك، وفي نهاية أمره يلاقي في الآخرة إمَّا عذابًا وإما ثوابًا، قال تعالى في محكم التنزيل: {فأَمَّا منْ أوتِيَ كتَابَهُ بيَمِينِهِ * فسَوْفَ يُحاسَبُ حسَابًا يسِيرًا * ويَنْقَلِبُ إِلى أَهلِهِ مسْرُورًا * وأَمَّا منْ أوتِيَ كتَابَهُ ورَاءَ ظهْرِهِ * فَسوْفَ يدْعُو ثبُورًا}، وذلك وفقَ أعماله التي قدمها لنفسه في دنياه.
تبيين كيفية وقوف الكفَّار من القرآن الكريم موقفًا مكذِّبًا بآيات الله، وتؤكدُ أن مصيرهم يوم القيامة العقاب الشديد من الله تعالى بسبب جحودهم وكفرهم، وقد وجَّهت لهم الآيات وعيدًا شديدًا وتوبيخًا مخيفًا، قال تعالى: {بلِ الذِينَ كفَرُوا يكَذِّبُونَ * واللَّهُ أَعلَمُ بمَا يوعُونَ * فبَشِّرْهُمْ بعَذَابٍ ألِيمٍ * إلَّا الَّذينَ آمنُوا وعَمِلُوا الصَّالحَاتِ لهُمْ أَجرٌ غَيرُ ممنُونٍ}، وفي النهاية تختمُ ببشرى للمؤمنين بأنَّ لهم أجر كبير عند الله تعالى.
هل سورة الانشقاق مكية أم مدنية؟
سورة الانشقاق إحدى سور القرآن الكريم المكية، أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو قبل هجرته إلى المدينة المنورة، نزلت سورة الانشقاق قبل سورة الروم وبعد سورة الانفطار.
سبب تسمية سورة الانشقاق
سُميت هذه السورة باسم الانشقاق المأخوذة من الفعل انشق الوارد في الآية الأولى من السورة:”إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ” والانشقاق بمعنى الانفطار الوارد في سورة الانفطار وهي من أهوال يوم القيامة حيث يختلّ النظام الكونيّ في هذا اليوم العظيم، كما عُرفت هذه السورة في زمن الصحابة باسم سورة إذا السماء انشقت كما جاء في الحديث إلى جانب وجود سجدةٍ في السورة: “سجَد رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في:”إذا السماءُ انشَقَّتْ”، و “اقرَأْ بِاسمِ ربِّك”، وسميت اختصارًا في بعض كتب التفسير باسم سورة انشقت.
فضل سورة الانشقاق
سورة الانشقاق من سور القرآن الكريم، وفي سور القرآن الكريم جميعها فضل عظيم جدًّا لا يحيطُ به إلا الله، وفي قراءتها كما في قراءة كل حرفٍ من القرآن الكريم أجرٌ عظيم وثواب من الله تعالى لعباده المسلمين، وقد وردت بعض الأحاديث التي تدل على زيادة فضلها مثل:
الحديث الذي رُويَ عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن سَرَّه أنْ يَنظرَ إلى يَومَ القيامةِ، كأنَّه رَأيُ عَينٍ، فلْيقرأْ “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”، و “إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ”، و “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ”. (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/167 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
روي أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ، قَرَأَ لهمْ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق:1] فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أخْبَرَهُمْ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَجَدَ فِيهَا. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 578 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وقد وردَ بعض الأحاديث الموضوعة المتروكة في فضلها مثل الحديث الذي رويَ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: “يا علي مَنْ قرأها كَتَب الله له بعدد أَوراق الأَشجار، ونبات الأَرض حسنات، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثوابِ أَولياءِ الله”. (( الراوي: علي بن أبي طالب | المحدث: ابن القيم | المصدر: المنار المنيف | خلاصة حكم المحدث: موضوع ))
تجدر الإشارة إلى أن ما وردَ في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن فضل قراءة القرآن بشكل عام ومكانة هذه السورة يُغني عن مثل هذه الأحاديث التي لا أصل لها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: