أسباب نزول سورة التكوير

تقع سورة التكوير في الربع الثاني من الحزب التاسع والخمسين من الجزء الثلاثين ويبلغ عدد آياتها تسعًا وعشرين آيةً في أغلب المصاحف، وترتيبها الحادية والثمانون بحسب المصحف العثمانيّ، ويستعرض هذا المقال أسباب نزول سورة التكوير.

أسباب نزول سورة التكوير

أسباب نزول سورة التكوير

افتتحت آيات سورة التكوير بالحديث عن أهوال يوم القيامة ثم القسم بمجموعة أشياءٍ للدلالة على صدق النبوة والرسالة ثم اختتمت الآيات بقوله تعالى:”لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ”؛ فقال أبو جهلٍ:”ذَلِكَ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا وَإِنْ لَمْ نَشَأْ لَمْ نَسْتَقِمْ” أي أنّ اختيار طريق الهداية والاستقامة أو الضلال والاعوجاج أمرٌ عائدٌ إلى الفرد ذاته؛ فأنزل الله تعالى ردًّا على قوله هذا آخر آيةٍ في السورة:”وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” أي أن مشيئة العبد تابعةٌ ولاحقةٌ لمشيئة رب العالمين.

هل سورة التكوير مكية أم مدنية؟

وهي من سور المفصَّل المكيّة بإجماع أهل التفسير فهي من أوائل السور التي نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة قبل الهجرة بعد سورة الفاتحة وقبل سورة الأعلى، وتدور الآيات حول لوازم الإيمان متمثلةً في حقيقتيْن هما: حقيقة يوم القيامة وحقيقة الرسالة والوحي.

سبب تسمية سورة التكوير

سُميت سورة التكوير بهذا الاسم في غالبية المصاحف وكتب التفسير وهي مأخوذةٌ من الفعل كَوَّرَ الوارد في الآية الأولى:”إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”؛ فسُميت بهذا الاسم بالمعنى وليش باللفظ الصريح الوارد في آياتها، وتكوير الشمس أي جمع بعضها إلى بعضٍ ولفها كما تُلف العمامة فيختفي ضوؤها وتتأثر بها سائر الكواكب والنجوم، كما عُرفت باسم سورة كُوِّرت أو سورة إذا الشمس كورت،  كما سماها النبي -صلى الله عليه وسلم-:”من سرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُ العينِ؛ فليقرأْ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ”. (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3333 | خلاصة حكم المحدث : حسن غريب ))

فضل سورة التكوير

ورد في فضل سورة التكوير الكثير من الأحاديث:

قال عمرو بن حريث: صَلَّيْتُ خَلْفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الفَجْرَ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ {فلا أُقْسِمُ بالخُنَّسِ (15) الجَوَارِ الكُنَّسِ} [التكوير: 15، 16] وكانَ لا يَحْنِي رَجُلٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حتَّى يَسْتَتِمَّ سَاجِدًا. (( الراوي : عمرو بن حريث المخزومي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 475 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

كأنِّي أسمَعُ صوتَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرَأُ في صلاةِ الغَداةِ: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 15، 16]. (( الراوي : عمرو بن حريث المخزومي | المحدث : العقيلي | المصدر : الضعفاء الكبير، الصفحة أو الرقم: 1/129 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

عن عَبدِ اللهِ أنَّ رجُلًا أتاه فقال: قرَأتُ المُفَصَّلَ في رَكعةٍ. فقال: بل هَذَذتَ كهَذِّ الشِّعرِ، أو كنَثرِ الدَّقَلِ، لكِنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يفعَلْ كما فعَلتَ، كانَ يَقرأُ النَّظائرَ: الرَّحَمنَ، والنَّجمَ في رَكعةٍ. قال: فذكَرَ أبو إسحاقَ عشْرَ رَكَعاتٍ بعشرينَ سورةً على تأليفِ عبدِ اللهِ، آخِرُهنَّ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ…} [سورة التكوير] والدُّخانَ، (( الراوي : علقمة والأسود | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 6/30 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))

قالوا يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ قالَ شيَّبتني هودٌ وأخواتُها وفي روايةٍ شيَّبتني هودٌ والواقعةُ والمرسَلاتُ و{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} و{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}. ((  الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/74 | خلاصة حكم المحدث :  حسن ))

عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ : أنَّه كان يخرُجُ حينَ يُؤذِّنُ ابنُ التَّيَّاحِ عندَ الفجرِ الأوَّلِ فيقولُ نِعْمَ ساعةُ الوِتْرِ هذه ويتأوَّلُ هذه الآيةَ: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18] (( الراوي : عبدالله بن حبيب أبو عبدالرحمن السلمي | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط، الصفحة أو الرقم: 2/122 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن محمد بن جحارة إلا الحسن تفرد به المنذر عن أبيه ))

ومن الأحاديثِ الموضوعة التي وردت حول سورة التكوير أنّ قراءتها سببٌ في ستر العبد في الدنيا:” مَنْ قرأ سورةَ إذا الشمسُ كورتْ أعاذَه اللهُ أن يفضحَه حين تنشرَ صحيفتَه”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 312 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))

مقاصد سورة التكوير

تسرد الآيات الأولى من سورة التكوير علامات الساعة بأكثر من أسلوب شرط واحد، فإذا زال ضياء الشمس، وتساقطت النجوم وغاب بريقها، وإذا تحرَّكت الجبال وسرحتِ الأنعام من غير راعٍ يرعاها وإذا جمعت وحوش الأرض مع بعضها واشتعلتِ البحار وسُئلت البنت الموؤودة أي المقتولة وهي حية، وإذا نشرت أعمال الناس على أعين الأشهاد وإذا السَّماء أزيلتْ وإذا أوقدت نار جهنم واقتربت الجنان، حينئذ ستعلم النفوس ما فعلت في حياتها الدنيا.

تشير الآيات المباركات من سورة التكوير إلى حقيقة الرسالة المحمدية، وتؤكد إنّه رسول من عند الله تعالى، وأنَّه مؤيَّد بالوحي من الله -سبحانه وتعالى- وتبين أنّ هذا القرآن الكريم ذكر من عند الله -عزَّ وجلَّ- فمن شاء أن يستقيم عليه ويتبع تعاليمه فهو الكتاب الحق والدين الحق، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضًا:

أسباب نزول سورة الفاتحة

أسباب نزول سورة هود

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

Exit mobile version