سورة المزمل واحدة من سور المُفصّل، وقد افتتحت السورة بتفصيل العبادة باعتبارها الطريق الوحيد للتقوى، والفرض الواجب على العباد تقربًا لله جل وعلا، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة المزمل مع توضيح مكان نزولها وسبب تسميتها بالإضافة إلى فضلها.
أسباب نزول سورة المزمل
إنَّ نزول آياتِ القرآن الكريم كانَ مرتبطًا بحادثة تحدث مع النبي أو الصحابة الكرام، فينزل القرآن دليلًا وقانونًا يقوّم أعمال الناس، ويضبط عقولَهم، وفي سبب نزول سورة المزمل، وخطاب الله تعالى لنبيه بقولِهِ: “يا أيها المزمل”.
قال العلماء: ارتبط نزول سورة المزمل ببدء الوحي، فقد كان النبي صلى الله عليه وسيك يتعبد ليلًا في غار حراء وحده بعيدًا عن أعين الناس، وذلك قبل البعثة، وفي إحدى الليالي فاجأه الملَك وقطع عليه خلوته، ثم وقف أمامه قائلًا له: اقرأ، فوهم النبي النبي وانزعج لأنه لم يكن يترقب ذلك، فأعاد عليه الملك الكرة مرة ثالثة وقال: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” [العلق:1]، ففزع النبي إلى أقرب الناس وأحبهم إليه زوجه خديجة رضي الله فقال لها: “زملوني زملوني”، فنزلت مطلع سورة المدثر، ثم مطلع سورة المزمل، ولهذا يمكن القول إن الفرق بين السورتين قليل، فسورة المدثر ثاني سورة بعد العلق، وسورة المزمل هي الثالثة أو الرابعة، وتجدر الإشارة إلى أن هذا سبب نزول صدر السورة وبعض من آياتها لا كلها.
وقد وردَ في سبب نزول سورة المزمل، عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: كنتُ أجعلُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ حصيرًا يُصلِّي عليه من الليلِ، فتسامعَ الناسُ به، فلما رأى جماعتَهم كرِه ذلك، وخشيَ أنْ يُكتبَ عليْهم قيامَ الليلِ، فدخل البيتَ كالمغضبِ، فجعلوا يتَنَحْنَحون ويتْفُلون، فخرج إليهم فقال: “أيُّها الناسُ اكلفوا من الأعمالِ ما تُطيقونَ، فإنَّ اللهَ لا يملُّ من الثوابِ حتى تملُّوا من العملِ، وإنَّ خيرَ العملِ أدومُه وإنْ قلَّ” فنزلتْ : “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ”فكُتبَ عليْهم. فأنزل بمنزلةِ الفريضةِ حتى إنْ كان أحدُهم لَيربطُ الحبلَ فيتعلقُ به، فمكثوا ثمانيةَ أشهرٍ، فرحمهُم اللهُ وأنزل: “إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْل” فردَّهم اللهُ إلى الفريضةِ ووضع عنهم قيامَ الليلِ إلا ما تَطَوعوا”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : القرطبي المفسر | المصدر : تفسير القرطبي، الصفحة أو الرقم: 21/321 | خلاصة حكم المحدث : معناه ثابت في الصحيح إلى قوله: وإن قل ))
هل سورة المزمل مكية أم مدنية؟
أجمع جمهور أهل العلم أن سورة المزمل واحدة من السور المكية، أي التي نزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس إنها مكية باستثناء آيتين، وقال ابن يسار إنها مكية باستثناء آية واحدة مدنية نزلت بعد الهجرة، وتقع السورة في الحزب الثامن والخمسين، وترتيبها في المصحف الشريف 73، وأما عدد آياتها فهو عشرون آية.
سبب تسمية سورة المزمل
تتراوح وتختلف أسباب التسمية بين سورة وأخرى، فكثيرٌ من السور تُسمّى بما يتميّز بها من كلمات، وكثير من السور تُسمّى باسم حادثة تردُ بين سطورها كسورة البقرة، وكثير من السور تسمّى باسم مطالعها، وأمّا فيما يخصُّ سورة المزمل فإنَّ المتعمّق في تفسيرها سيعرف أنَّ سبب تسميتها راجع إلى أنَّ الخطاب الذي وجهه الله -سبحانه وتعالى- في هذه السورة عائدٌ على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وقد وصفَهُ بالمُزمّل، ويمكن اعتبار سبب تسميتها عائدًا إلى مطلعها، شأنها في هذا شأن كثير من السور القرآنية التي تُسمّى بمطالعها في الغالب، كسورة القارعة، وسورة الحاقة وغيرها، والله تعالى أعلم.
فضل سورة المزمل
إنّ القرآن الكريم خير منهاج للبشر أجمعين، فتطبيقُ أحكامهِ فوزٌ ونجاحٌ في الدنيا والآخرة، والابتعاد عمّا نصّ عليه خسران وخيبة، ولا شكّ أنّ تلاوة القرآن فيها من الأجر الكثير، فالله تعالى لا يضيّع أجر عاملٍ من أحسنَ عملًا، ففي العموم إنّ القرآن كلُّهُ فضل وتلاوتُهُ فضل وخير.
أمّا فيما يتعلّق بفضل سورة المزمل على وجهِ الخصوص، فقد وردَ في فضلها حديث موضوع، يُذكر للاستئناس، وهو عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- قال: “إنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عرضَ عليَّ القرآنَ في السَّنةِ التي ماتَ فيها مرتينِ، وقال: إنَّ جبريل -عليه السَّلام- أمرني أنْ أقرأَ عليكَ القرآن، وهو يقرئِكَ السَّلام، فقال أُبيّ: فقلت لمَّا قرأَ عليَّ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: كما كانت لي خاصة، فخصّني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه؟ قال: نعم يا أبيّ، أيّما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أُعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن، وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة إلى أنْ قالَ: ومن قرأ سورة المزمل رُفع عنه العسر في الدنيا والآخرة”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 306 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: