سورة نوح هي إحدى سور المفصل وتقع في الربع الرابع من الحزب السابع والخمسين من الجزء التاسع والعشرين، ونزلتْ على الرسول قبل سورة الطور وبعد نزول أربعين آيةً من سورة النحل، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة نوح وتسميتها وفضلها.
أسباب نزول سورة نوح
ذكر أهلُ العلم في كتب التفسير أنّ مقاصد نزول القرآن الكريم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- متعددةٌ ومنها: التعليم والترغيب والترهيب وذِكر الأحكام والإخبار عن الغيبيات وسرد القصص وغيرها من المقاصد؛ ولهذا توجد سورٌ في القرآن الكريم لم يرتبط نزولها بسببٍ معينٍ وإنما نزلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- لغايةٍ أخرى ومن هذه السور سورة نوح.
سورة نوح واحدةٌ من القَصص القرآني المتكرّر في أكثر من سورةٍ ثمّ أفرد الله تعالى قصة نوحٍ مع قومه بسورةٍ مستقلّةٍ وفي ذلك إشارةٌ إلى طول الفترة الزمنيّة التي قضاها نوحٌ في دعوة قومه إلى الإيمان بالله وترك عبادة الأوثان التي يعبدون من دون الله، فكانت النتيجة إمعانهم في الكفر حتى تواصوا به جيلًا بعد جيلٍ إلى أن توجه نوحٌ -عليه السلام- بالدعاء إلى ربه كي يُنزل بهم العذاب الأليم بعد أن يئس من إيمانهم.
وقد أنزل الله هذه السورة على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من غير مناسبةٍ أو سببٍ إنما لغاية تثبيت الرسول والربط على فؤاده وتسليتِه بقصص من قبله من الأنبياء الذين قوبلوا من أقوامهم بالكفر والتكذيب والعِناد كما فعل كفار قريشٍ بل كانوا أسوأ وأضلّ سبيلًا، وأيضًا بثّ الثقة في نفوس المؤمنين بأنّ نصر الله قادمٌ لا محالة كما نصرَ نوحًا ورهطه على قومهم الكافرين، كما أنّ في إخبار الرسول عن قصة نوحٍ دليلٌ على صِدق نبوته وأنّ الله هو من أطلعه على ما مضى قصص الأقوام.
هل سورة نوح مكية أم مدنية؟
سورة نوح واحدةٌ من السور المكيّة التي تحملُ اسم نبيٍّ من أنبياءِ الله تعالى للناس، وترتيبها الثالثة والسبعين من حيث النزول، أمّا في المصحف العثمانيّ فترتيبها الحادية والسبعون، ويبلغُ عدد آياتها ثمانٍ وعشرين آيةً افتُتحت بأسلوب التوكيد، وتتمحورُ الآيات حول أصول العقيدة كغيرها من السُّور المكية إلى جانبِ الاستفاضة في ذِكر قصّة نوحٍ مع قومه،
سبب تسمية سورة نوح
عُرفتْ هذه السورة بهذا الاسم في معظم المصاحف وكتب التفسير والحديث، ووجه التسمية ورود قصة نبي الله نوح -عليه السلام- مع قومه منذ تكليفه بالدعوة حتّى هلاكهم بالطوفان بعد مرور أكثر من تسعة قرونٍ على دعوته دون جدوى إلى أنْ جاء أمر الله، فأهلكَ الكافرين ونجّى نوحًا ومن آمَن معه، ويبلغ عددهم كما ذكر أهل التفسير ثمانين رجلًا وامرأةً فقط.، وفي بعض كتب التفسير يُطلق عليها اسم إنّا أرسلنا نوحًا لكنها تسميةٌ غير شائعةٍ.
تتميز سورة نوح عن باقي السور التي سميت بأسماء الانبياء مثل سورة ابراهيم وسورة محمد ، وسورة مريم، أنها لم يتم ذكر أي قصة اخرى سوى قصة سيدنا نوح عليه السلام، وقد ذكر الله تعالى المدة التي بعث فيها نوح وهي المدة الوحيدة التي تم ذكرها في القرآن الكريم، وهناك من أطلق عليها اسم ( إنا أرسلنا نوحًا) لأنها أول آية في السورة الكريمة.
فضل سورة نوح
حقّقَ العلامة الألباني -رحمه الله- في فضائل سور القرآن الكريم كي يضعَ بين يدي المسلم الأحاديث الصحيحة الثابتة في فضلِ بعض سور القرآن وآياتِه -فضلًا مخصوصًا بها- فالقرآن كلّه فضلٌ وخيرٌ ورحمةٌ للناس ويُثاب القارئ كلّ حرفٍ بحسنةٍ والحسنة بعشر أمثالها، وهناك أحاديث موضوعة عن فضل آيات هذه السورة مثل حديث:
- “من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح“. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 303 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
- وقال أبي عبد اللّه عليه السّلام: :”من كان يؤمن باللّه ويقرأ كتابه، لا يدع قراءة : “إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ” فأيّ عبد قرأها محتسبًا صابرًا في فريضة أو نافلة أسكنه اللّه تعالى في مساكن الأبرار، وأعطاه ثلاث جنان مع جنّته كرامة من اللّه، وزوّجه مائتي حوراء، وأربعة آلاف ثيّب”.
ولكن المذهب على أن سورة نوحٍ من السور القرآنية التي لم يرد بشأنها فضلٌ مخصوصٌ وإنما تجدرُ الإشارة إلى بعض الأمور في هذه السورة ومنها: نصيحة نوحٍ -عليه السلام- لقومه بالاستغفار وما يترتّب على كثرة الاستغفار من نتائج ومنها نزول المطر وقد داوم عمر بن الخطاب على الاستغفار عند خروجه لصلاة الاستسقاء:”خرج عمرُ بنُ الخطابِ -رضي اللهُ عنه- يستسقي فلم يزِدْ على الاستغفارِ. فقالوا: ما رأيناكَ استسقيتَ! فقال: لقد طلبتُ الغيثَ بمَجاديحِ السماءِ التي يُستنزَلُ بها المطرُ، ثمَّ قرأ “اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا” اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ”. (( الراوي : الشعبي عامر بن شراحيل | المحدث : النووي | المصدر : الخلاصة، الصفحة أو الرقم: 2/880 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح، لكنه مرسل لم يدرك الشعبي عمر ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: