أسباب نزول سورة الحاقة
سورة الحاقة هي إحدى سور المُفصّل، وقد نزلت بعد سورة الملك، وتقع في الجزء التاسع والعشرين والحزب السابع والخمسين، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة الحاقة ومكان نزولها بالإضافة إلى سبب تسميتها وفضلها.
أسباب نزول سورة الحاقة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنزَلَ اللهُ تَعالى مِن السَّماءِ كَفًّا مِن الماءِ إلَّا بمِكيالٍ، ولا سَفَّ اللهُ كَفًّا مِن الرِّيحِ إلَّا بوَزنٍ ومِكيالٍ، إلَّا يَومَ نُوحٍ ويَومَ عادٍ، فأمَّا يَومَ نُوحٍ، فإنَّ الماءَ طَغى على خُزَّانِه بأمْرِ اللهِ، فلم يَكُنْ لهم عليه مِن سَبيلٍ، ثمَّ قَرأ: {إِنَّا لمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: 11]، وأمَّا يَومَ عادٍ فإنَّ الرِّيحَ عَتَتْ على خُزَّانِها بأمْرِ اللهِ، فلم يَكُنْ لهم عليها سَبيلٌ، ثمَّ قَرأ ابنُ عبَّاسٍ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ} [الحاقة: 6-7]. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء، الصفحة أو الرقم: 6/66 | خلاصة حكم المحدث : تفرد به الفريابي ))
ورد في سبب نزول قوله تعالى “”وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ” عن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال لعليِّ بنِ أبي طالبٍ : إنَّ اللهَ أمَرني أن أُعلِّمَك ولا أجفوَك وأن أُدنِيَك ولا أُقصِيَك فحقٌّ عليَّ أن أُعلِّمَك وحقٌّ عليك أن تَعِيَ. (( الراوي : أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 1/136 | خلاصة حكم المحدث : فيه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وهو منكر الحديث وعباد بن يعقوب رافضي ))
هل سورة الحاقة مكية أم مدنية؟
سورة الحاقة من سور القرآن الكريم المكيّة، وترتيبها في المصحف الشريف السورة التاسعة والستون، وعدد آياتها اثنتان وخمسون آية.
تتحدث هذه السورة الكريمة في أمر العقيدة والدّين، كما تتحدث عن مصارع المكذبين بالله تعالى، وكيف أنّ الله أهلك الأقوام الطاغية قومًا بعد قوم، وتتحدث عن أهوال يوم القيامة، وقوم لوط وقوم فرعون وقوم نوح وقوم عاد وثمود، وتتحدث عن السعداء والأشقياء.
سبب تسمية سورة الحاقة
- سُمّيت سورة الحاقة بهذا الاسم لأنّها ابتدأت بكلمة: الحاقة، ومعنى الحاقة: القيامة، وقد أقسم الله تعالى في سورة الحاقة بالحاقة بقوله:” الْحَاقَّة * مَا الْحَاقَّة * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ”.
- سُمّي يوم القيامة بالحاقة لأنّ الأمور تحقُّ فيها، أو لأنّها أحقت الجنة لبعض الأقوام وأحقت النار لأقوامٍ آخرين، أو لأنّ الأمور في يوم القيامة أي يوم الحاقة تكون حقيقة لا شك فيها، أو لأنّ فيها يصير كل إنسانٍ حقيقيًّا يأخذ جزاء عمله، والحاقة تعني الحق والحقة، ولها معنى واحد، وهذه الكلمة تكون على صيغة اسم الفاعل “الحاق”، وتُضاف إليها التاء المربوطة لتصبح الحاقة ليصبح اللفظ اسمًا.
- ومن الأسماء الأخرى التي سُميت بها سورة الحاقة سورة السلسة، وذلك لقوله تعالى: “ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ”، ووردت في بعض كتب التفسير باسم سورة الواعية؛ وذلك لقوله تعالى: “لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ”، لكن اسم الحاقة هو الاسم الأرجح لها منذ زمن الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ وذلك لابتداء السورة بكلمة الحاقة، حيث لم تقع هذه الكلمة في أي سورة أخرى.
فضل سورة الحاقة
هناك عدد كبير من الأحاديث التي تُوضح مكانة سورة الحاقة:
- قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: خرجتُ أتعرَّضُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبل أن أُسلمَ ، فوجدتُه قد سبقني إلى المسجدِ ، فقمتُ خلفَه ، فاستفتح سورةَ الحاقَّةِ ، فجعلتُ أَعجبُ من تأليفِ القرآنِ ، قال : فقلتُ : هذا واللهِ شاعرٌ كما قالت قريشُ ، قال : فقرأ { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) } قال : قلتُ : كاهنٌ قال : { وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) } [ الحاقة ] . . . إلى آخرِ السُّورةِ فوقع الإسلامُ من قلبي كلَّ موقعٍ. (( الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : ابن كثير | المصدر : مسند الفاروق، الصفحة أو الرقم: 2/618 | خلاصة حكم المحدث : حسن جيد الإسناد إلا أن شريح بن عبيد لم يدرك أيام عمر ))
- عن أبي بن كعب أن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: من قرأَ سورةَ الحاقَّةُ حاسبَهُ اللَّهُ حسابًا يسيرًا”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 302 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
يتمثل فضل سورة الحاقة في كونها تشتمل على الكثيرَ من الموعظة؛ لأنّها تُذكّر بعظمة يوم القيامة، وكيف أنّ الله تعالى أعَدّ عذابًا عظيمًا للكافرين، كما تُبيّن العذاب العاجل الذي لحق بالكثير من الأمم المكذبة، وذكر عدة نماذج منهم مثل: قوم ثمود الذين أرسل الله إليهم النبي صالح -عليه السلام- فكذبوه، وتذكر عذاب قوم عاد الذين بعث الله إليهم النبي هود -عليه السلام- فكذبوه، فأهلك الله عاد وثمود بعذابٍ عاجل.
تُذكر سورة الحاقة الناس بيوم الحشر، وكيف أن العباد يُحشرون حفاة عراة، وتبين الفرق بين أهل السعادة الذي يأخذون كتابهم باليمين، وبين أهل الشقاء الذيت يأخذون كتابهم بشمالهم.
أوضحت السورة مراتب اليقين الثلاثة وهي: علم اليقين، وهو العلم الذي يحصل عليه المؤمن من الأخبار التي تصل إليه، وعين اليقين: وهو العلم الذي يُدرك بحاسة البصر، وحق اليقين: وهو العلم الذي يُدرك بالذوق بشكلٍ مباشر، كما توضح سورة الحاقة صدق القرآن الكريم وأنّه هو الكتاب المنزل على الرسول الذي لا يأتيه الباطل أبدًا.
وفي سورة الحاقة أيضًا فضلٌ كبير في إظهار تنزيه الخالق ببعثه للخلائق جميعها لإزهاق الباطل وإظهار الحق، والكشف التامّ والكامل عن كمال قدرة الله تعالى في إظهار عدله بين جميع المخلوقات، وليميّز بين المسلم والمجرم، ومن هنا جاءت تسميتها بالحاقة، ليكون الحق في غاية الوضوح.
اقرأ أيضًا:
المصادر: