تُعَدُّ سورة النور من السور القرآنية التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- لعدة أسباب، فمن آياتها ما نَزَل ليُعالج أحوال المجتمع الإسلامي، ومنها ما نزل ليُنمي القيم، والأخلاق الحميدة عند المسلمين، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة النور.
أسباب نزول سورة النور
“إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ“
- نزلت هذه الآية لتبرئة السيدة عائشة -رضي الله عنها- في القرآن الكريم بعد أن أشاع عنها المنافقون في حادثة الإفك، فنزلت الآية الكريمة من فوق سبع سموات لتبرئتها من اتهامهم لها، ولمَّا نزَلَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرآنُ خرَج، فجلَسَ على المِنبَرِ، فتَلا على النَّاسِ ما أنزَلَ اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} إلى قولِهِ: {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]، قال: ثمَّ نزَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَ برجُلَيْنِ وامرأةٍ، فضُرِبوا حدَّهم ثمانِينَ ثمانِينَ، وهمُ الذينَ تَوَلَّوْا كِبْرَ ذلكَ، وقالوا بالفاحشةِ: حسَّانُ، ومِسْطَحٌ، وحَمْنةُ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 2963 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
“وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”
نزلت هذه الآية بعد قيام أبو بكر -رضي الله عنه- بقطع النفقة عن مسطح بن أثاثة، وذلك لأنه اشترك في قصة الإفك باتهام السيدة عائشة -رضي الله عنها- فحلف أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بقطع النفقة عنه مع أنه كان من الفقراء المحتاجين، فجاءت هذه الآية تنهى عن قطع النفقة بقوله -سبحانه وتعالى-: “وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” قالَ أبو بكرٍ : بلَى واللَّهِ يا ربَّنا ، إنَّا لنحِبُّ أن تغفرَ لَنا ، وعادَ لَهُ بما كانَ يصنعُ. ((الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3180 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
“الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ“
ورد في سبب نزول الآية أنه كانَ هناك رجلٌ يقالُ لهُ مرثدُ بنُ أبي مرثدٍ وَكانَ رجلًا يحملُ الأسرى من مَكةَ حتَّى يأتيَ بِهمُ المدينةَ قال وَكانت امرأةٌ بغيٌّ بمَكةَ يقالُ لَها عناقٌ وَكانت صديقةً لهُ وإنَّهُ كانَ وعدَ رجلًا من أسارى مَكةَ يحملُه قال فجئتُ حتَّى انتَهيتُ إلى ظلِّ حائطٍ من حوائطِ مَكةَ في ليلةٍ مقمرةٍ.
قال فجاءت عناقٌ فأبصرت سوادَ ظلِّي بجنبِ الحائطِ فلمَّا انتَهت إليَّ عرفت فقالت مرثدٌ فقلتُ مرثدٌ فقالت مرحبًا وأَهلًا هلمَّ فبت عندنا اللَّيلة قال قلتُ يا عناقُ حرَّمَ اللَّهُ الزِّنا قالت يا أَهلَ الخيامِ هذا الرَّجلُ يحملُ أسراكم قال فتبعني ثمانيةٌ وسلَكتُ الخندمةَ فانتَهيتُ إلى غارٍ أو كَهفٍ فدخلتُ فجاؤوا حتَّى قاموا على رأسي فبالوا فظلَّ بولُهم على رأسي وعمَّاهمُ اللَّهُ عنِّي قال ثمَّ رجعوا ورجعتُ إلى صاحبي فحملتُه وَكانَ رجلًا ثقيلًا حتَّى انتَهيتُ إلى الإذخرِ ففَككتُ عنهُ أَكبُلَه فجعلتُ أحملُه ويعينني حتَّى قدمتُ المدينةَ.
فأتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ أنكحُ عناقًا مرتين فأمسَك رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يردَّ عليَّ شيئًا حتَّى نزلت {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فقال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يا مرثدُ {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } فلا تَنكِحْها. (( الراوي : جد عمرو بن شعيب | المحدث : ابن العربي | المصدر : عارضة الأحوذي، الصفحة أو الرقم: 6/260 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح جدا ))
هل سورة النور مكية أم مدنية؟
سورة النور هي إحدى السور المدنية، وتعتبر هذه السورة من السور الكريمة التي توضّح الآداب الاجتماعية وآداب البيوت، كالاستئذان، وغض البصر، وحفظ الفرج، والحجاب، ومنع البغاء، وتسهيل الزواج وغيرها من الآداب التي توجه المسلمين إلى حياة كريمة وفاضلة، كما تحفظ المجتمع من عوامل التفكك والانهيار الأخلاقي، وتصون حرمته.
سبب تسمية سورة النور
سمّيت سورة النور بهذا الاسم؛ وذلك بسبب ورود لفظ “النور”، فالنور هو الشيءُ المُحبب إلى النفس، وهو حياة وأمل، سماها الله -سبحانه وتعالى- بتدبير وحكمة؛ وذلك بسبب الضمانات والأحكام الشرعية العظيمة التي تضمنتها السورة الكريمة، فالسورة مليئة بالآيات التي لو طبقها الناس لأنارت حياتهم، ولأخرجتهم من الظلمات إلى النور.
اقرأ أيضًا:
المصادر: