كوكب الأرض مكان كبير وبيئة جغرافية ضخمة تغيرت ملامحها على مر السنوات، ولا زالت تتغير، ولطالما احتاجت لجوانب عديدة من الدراسات ليتم تحليلها بشكل أوسع، وتوسعت هذه الجوانب على مر السنين مع التطور العلمي والتكنولوجي، وللمزيد تعرف على تعريف علم الجغرافيا قديما وحديثا .
تعريف علم الجغرافيا قديما وحديثا
التعريفات الأكثر قدماً لعلم الجغرافيا
بدأت الجغرافيا بمفهومها المبدئي على أنها دراسة للأرض، وكذلك مسطحاتها وشعبها، وظهر هذا المفهوم في اليونان القديمة عندما قام الباحث والعالم “إراتوستينس” بوضع حجر أساس لعلم الجغرافيا بعمل حساب تقريبي نسبي لمحيط الكرة الأرضية، وهكذا وضع حجر الأساس في المجال الأكاديمي للجغرافيا برسم خرائط للأرض.
في عام 150م حدد عالم الفلك اليوناني الروماني الجغرافي وعالم الرياضيات “بطليموس” الذي كان يعيش في الإسكندرية بمصر هدفه الأكبر بأنه يريد عمل رؤية للأرض بأكملها من خلال تحديد مواقع الأماكن المختلفة بتفاصيلها على خريطة واضحة.
في وقت لاحق طور العلماء المسلمون نظام شبكي لجعل الخرائط أكثر دقة واكتشفوا المزيد من الأراضي المختلفة على الكوكب، ثم تلا ذلك تطور رئيسي في الجغرافيا شمل استخدام البوصلة المغناطيسية في الصين، والتي كان قد تم اكتشافها للملاحة، وكان أول ظهور لها في عام 1040، ثم بدأ المستكشفون الأوروبيون استخدامها في القرن التالي.
في منتصف القرن التاسع عشر، قام الفيلسوف “إيمانويل كانط” بتلخيص الفرق بين التاريخ والجغرافيا، حيث وضح أن التاريخ يوثق حدوث شيء ما أو حدث معين، بينما الجغرافيا تشير إلى المكان الذي حدث فيه هذا الأمر وتصف خصائصه وظروفه، فلقد عرّفها بشكل وصفي تفصيلي أكثر مما هو علمي تجريبي صعب.
في عام 1887، شبّه عالم الجغرافيا السياسي “هالفورد ماكيندز” الجغرافيا بأشخاص عندما قال “الجغرافيا مثل رجل يعيش في مجتمع يتأثر بالتغيرات المحيطة به إقليمياً في بيئته التي يعيش بها”، وفي ذلك الوقت أراد أعضاء الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية التأكد من تدريسها في المدارس كنظام أكاديمي، وساعدت مجهودات “ماكيندر” في تحقيق هذا الهدف.
تعريفات القرن العشرين لعلم الجغرافيا
كانت “روجت إيلين سيمبل” أول رئيسة للجمعية الجغرافية الوطنية في القرن العشرين تميل لفكرة أن الجغرافيا تشمل أيضاً مفهوم” كيف تتحكم البيئة في سلوك الإنسان الذي يعيش بها”، بما في ذلك التأثير على الثقافة وتاريخ الشعب، والتي كانت وجهة نظر مثيرة للجدل في ذلك الوقت.
قام البروفيسور “هارلاند باروز”، الذي كان له تأثير في إنشاء التخصصات الفرعية للجغرافيا التاريخية والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة في عام 1923 بتحديد مفهوم علم الجغرافيا على أنه دراسة البيئة البشرية، وتكيف الإنسان مع البيئة الطبيعية المحيطة به، فهي ليست مجرد علم أكاديمي بحت.
رفض الجغرافي “فريد شيفر” فكرة أن الجغرافيا ليست علم محدد القوانين، وقال في عام 1953 أن الدراسة يجب أن تشمل البحث عن قوانينها العلمية الحاكمة، فجاء تعريفه لمبدأها كالتالي “علم الجغرافيا هو العلم المعني بصياغة القوانين التي تحكم التوزيع المكاني لبعض السمات المحددة على سطح الأرض”.
خلال القرن العشرين، ازدهرت الدراسات الفرعية في إطار الجغرافيا، وممن أعطوا تعريف أكثر دقة عالم الجغرافيا السياسي “داربي”، والذي أشار إلى الجغرافيا ببساطة علي أنها التغيير الجغرافي مع مرور الوقت، وفي عام 1962 عرفها بأنها كل من العلوم والفنون المتعلقة بمكان ما على كوكب الأرض. فيما بعد بحث الجغرافي الاجتماعي “برويك” في مجال كيفية تأثير الإنسان على كوكب الأرض، وأشار في عام 1965 إلى أن الغرض من الجغرافيا هو فهم الأرض كعالم للإنسان.
قام “أرييد هولت جينسن” والذي كان له دور فعال في دراسة التخصصات الفرعية لجغرافيا المستوطنات والتخطيط البيئي والمحلي والإقليمي، في عام 1980 بتعريف الجغرافيا على أنها “دراسة الاختلافات في الظواهر من مكان إلى آخر”.
عرف الجغرافي “يي فو توان” الجغرافيا في عام 1991 بأنها “دراسة الأرض كموطن للناس”، حيث أشار لأهمية دراسة كيفية تفكير الناس وإحساسهم بالفضاء المحيط بهم، وكيف يشعرون بالمكان بإدراكهم الشخصي، بداية من أرضهم الأم وصولاً لجيرانهم في المناطق والدول المجاورة، وكيف يتأثر إدراكهم وعلاقتهم بالأرض بمرور الوقت”.
اتساع مفهوم علم الجغرافيا
كما ترون من التعاريف السابقة، فإن الجغرافيا صعبة التحديد، لأن مجالها واسع وشامل، فهي أكثر بكثير من مجرد دراسة للخرائط أو السمات المادية للأرض، لأن ساكني الأرض يتأثرون بها ويؤثرون عليها أيضاً، لذا كان لزاماً أن تنقسم الجغرافيا لقسمين رئيسيين: الجغرافيا البشرية، والجغرافيا الطبيعية.
الجغرافيا البشرية هي دراسة للناس فيما يتعلق بالمساحات التي يعيشون بها على مستوى المدن أو القارات أو المناطق، أما الجغرافيا الطبيعية فهي فرع العلم الذي نعرفه معظمنا ودرسناه خلال مراحل دراستنا حيث يغطي دراسة المناخ والعواصف والجبال والنظم الإيكولوجية، والغلاف المائي وما إلى ذلك.