الجين وحدة من المعلومات الوراثيّة التي تشغل موضعًا ثابتًا على الكروموسوم، وتُحقّق الجينات آثارها عن طريق توجيه تخليق البروتينات، تكون الجينات في حقيقيّات النّوى (مثل الحيوانات، والنّباتات، والفطريّات) داخل نواة الخليّة. تحتوي أنَّ الميتوكوندريا (في الحيوانات) والبلاستيدات الخضراء (في النّباتات) تحتوي أيضًا على مجموعات فرعيّة صغيرة من الجينات، تختلف عن الجينات الموجودة في النّواة، أمّا عند بدائيَّات النّوى (الكائنات الحيّة التي تفتقر إلى نواة متميّزة، مثل البكتيريا)، فإنَّ الجينات توجد فيها داخل كروموسوم واحد، يتحرَّك بحرّيّة في السّيتوبلازم الخلويّ، تحتوي العديد من البكتيريا أيضًا على بلازميدات (عناصر وراثيّة كرويّة صخريّة تحتوي على عدد صغير من الجينات)، والفقرات التّالية تتحدّث عن ما هو الجين بالتّفصيل:
عدد الجينات
بعد معرفة ما هو الجين يجب معرفة عدده. يختلف عدد الجينات في جينوم الكائن الحيّ (المجموعة الكاملة من الكروموسومات) اختلافًا كبيرًا بين الأنواع، على سبيل المثال، في حين أنّ الجينوم البشريّ يحتوي على ما يقدر بنحو 20 إلى 25.000 جين، فإنّ جينوم البكتيريا الإشريكيّة القولونيّة يحتوي بالضّبط على 5416 جينًا.
يحتوي نبات الأرابيدوبسيس ثاليانا (أوّل نبات استُعيدَ باستخدام تسلسل جينوميّ كامل) يحتوي على حوالي 25500 جين، والجينوم هو واحد من أصغر الجينات المعروفة، وتحتوي البكتيريا المفطورة التّناسليّة (ميكوبلازما جينتاليوم) على أقلّ عدد من الجينات، (فقط 517 جينًا).
التّركيب الكيميائيّ للجينات
بعد معرفة ما هو الجين وكم هي أعداده، ننتقل للتّركيب الكيميائيّ للجين، إذ تتكوّن الجينات من حمض الدّيوكسي ريبونوكلييك (الحمض النّوويّ)، باستثناء بعض الفيروسات، التي تحتوي على جينات مكوّنة من مركّب مرتبط ارتباطًا وثيقًا يسمّى حمض الريبونوكلي (RNA).
يتكوّن جزيء الحمض النّوويّ من سلسلتيّ نيوكليوتيدات التي تلتفُّ حول بعضها البعض لتشبه سلَّمًا ملتويًا، وتتكوّن جوانب السّلَّم من السّكّريّات والفوسفات، وتتكوّن الدّرجات من أزواج مترابطة من القواعد النّيتروجينيّة، وهذه القواعد هي الأدينين (A)، والجوانين (G)، والسّيتوزين (C)، والثّيمين (T)، ترتبط سلسلة أدينين واحدة بعلامة T، وتشكِّل العلامتان سلّمًا، وفي المقابل تشكِّل سلسلة سيتوزين مع جوانين سلّمًا آخر، وإذا كانت الرّوابط بين القواعد مكسورة، فإنّ السّلالتين تسترخيان، والنّيوكليوتيدات الحرّة داخل الخليّة تَعلَقُ على القواعد المكشوفة.
تصطفَّ النّيوكليوتيدات الحرّة على طول سلسلة وفقًا لقاعدة الاقتران، أي روابط G، وC، وT، وتؤدّي هذه العمليّة إلى إنشاء جزيئين DNA متطابقين من أصل واحد، وهي الطّريقة التي تُمرَّر بها المعلومات الوراثيّة من جيل واحد من الخلايا إلى الجيل التّالي.
النّسخ الجينيّ
تسلسل القواعد على طول حبل من الحمض النّوويّ الذي يحدّد الشّفرة الوراثيّة، وعندما تكون هناك حاجة لإنتاج جين معيّن، فإنّ جزءًا من جزيء الحمض النّوويّ الذي يحتوي على هذا الجين سينقسم، أثناء النّسخ، يُنشئ حبل من الحمض النّووي الرّيبيّ مع قواعد مكمّلة لتلك الموجودة في الجين من النّيوكليوتيدات الحرّة في الخليّة، ويحتوي الحمض النّووي الرّيبيّ على اليوراسيل الأساسيّ بدلًا من الثّيمين، وهذه السلسلة الفرديّة تُسمّى الحمض النّوويّ الرّيبوزيّ الرّسول، الذي ينتقل إلى العضيّات المسمّاة ريبوسوم، حيث يبدأ تخليق البروتين.
تنظيم الجينات
أظهرت التّجارب أنّ العديد من الجينات الموجودة داخل خلايا الكائنات الحيّة غير نشِطة كثيرًا، وغير نشِطة طوال الوقت، وبالتّالي فإنَّه من الممكن أن يعمل الجين ويتوقّف عن العمل في كلِّ من حقيقيّات النّوى وبدائيّات النّوى، ويختلف تنظيم الجينات بين حقيقيّات النّوى والبدائيّات بطرق مهمّة، والبكتيريّات من الأمثلة الجيّدة على تنشيط الجينات وإلغاء تنشيطها؛ إذ إنَّ للبكتيريا ثلاثة أنواع من الجينات، هي الهيكليّة، المَشغل، والمنظّم.
يقوم كود الجينات الإنشائيّة بتوليف الببتيدات المحدّدة، وتحتوي جينات المشغل على الكود الضّروريّ لبدء عمليّة نسخ رسالة الحمض النّوويّ لأحد الجينات الهيكليّة أو أكثر إلى مرنة، وهكذا، ترتبط الجينات الهيكليّة بجين عامل في وحدة وظيفيّة، ويتَحكَّم منظّم الجينات بنشاط جينات المشغل، الذي يُنتِج جزيء بروتين صغير يسمّى المثبِّط، الذي يرتبط بجين المشغل ويمنعه من بدء تخليق البروتين الذي دعا إليه المشغل، ويحدّد وجود أو عدم وجود جزيئات معيّنة مثبِّطة ما إذا كان المشغل مطفأ أم لا، (وهذا النّموذج مُختصٌّ بالبكتيريا).
تنظيم جينات حقيقيّات النّوى
تُنظَّم جينات حقيقيّات النّوى، التي ليس لها مشغل بشكل مستقلٍّ؛ إذ تتضمّن سلسلة الأحداث المرتبطة بالتّعبير الجينيّ في الكائنات العليا، مستويات متعدّدة من التّنظيم، وغالبًا ما تتأثّر بوجود أو عدم وجود جزيئات تسمّى عوامل النّسخ، وتؤثّر هذه العوامل على المستوى الأساسيّ للتّحكّم في الجينات، وهو معدّل النّسخ، وقد تعمل كمنشِّطات أو معزّزات، وعوامل النّسخ المحدّدة تنظِّم إنتاج الحمض النّوويّ الرّيبيّ من الجينات في أوقات معيّنة، وفي أنواع معيّنة من الخلايا، وغالبًا ما ترتبط عوامل النّسخ بالمحفِّزات أو بالمنطقة التّنظيميّة الموجودة في جينات الكائنات الحيّة الأعلى.
بعد النّسخ ترتفع متواليات النّيوكليوتيدات غير المشفّرة، من خلال العمليّات المعروفة باسم التّعديل والرّبط، وتُنتِج هذه العمليّة ما يُسمّى حبل الحمض النّوويّ الرّيبوزيّ الرّسول (الرّنا المرسال)، وبالنّسبة لمعظم الجينات، هذه خطوة روتينيّة في إنتاج الرّنا المرسال، ولكن في بعض الجينات توجد طُرق متعدّدة للصق النّسخة الأوّليّة، ممّا يؤدّي إلى رنا أحاديّ مختلف، ممّا يؤدّي إلى إنتاج بروتينات مختلفة.