تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن… أبرز المراحل التي مرّت بها الإمارة
إنَّ صورة الاردن اليوم هي نتاج مراحل عديدة منذ بداية تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن في عشرينيّات القرن الماضي، ويُمكن وصفها جغرافيًّا على أنّها الأرض الممتدّة من جبال سوريا ومن مرتفعات شرق الاردن وجنوب نهر اليرموك، حتّى الحجاز، وقد لعبت هذه المنطقة تاريخيًّا دور القناة الطّبيعيّة بين سوريا وشبه الجزيرة العربيّة. تتحدّث هذه المقالة عن أبرز المراحل التي مرّ بها تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن سياسيًّا واجتماعيًّا.
امارة شرق الاردن قبل الانتداب البريطانيّ
لم يكن تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن مجرَّد نتاج للعصر الحديث بفضل دور الانتداب البريطانيّ، بل كان تطوّر الحالة الحديثة للأردنِّ نتيجة لعمليّة طويلة الأمد، تداخلت فيها العناصر الحديثة وما قبل الحديثة مع بعضها البعض، وشكّلت البلاد وأعطتها شكلها الحاليّ. بدأت هذه العمليّة خلال الجزء الأخير من الحكم العثمانيّ واستمرّت خلال العقود الأولى من القرن العشرين، وقد كان الأردنُّ طيلة هذه الفترة قبليًّا، إلّا أنَّ الأحداث التي وقعت ساعدت في تحويله إلى دولة رسميّة.
امارة شرق الاردن أيّام الانتداب البريطانيّ
قرّرت سلطات الانتداب البريطانيّ والأمير عبد الله الأوّل أنّ تأسيس نظام دولة جديد كان أفضل طريقة لإنشاء دولة الاردن الحديثة، ومن نتائج هذه العمليّة في البداية تأسيس النّظام الملكيّ الهاشميّ، ودمج القبائل العربية من أجل تحقيق مصالحها، ومقارنة بالأحداث التّاريخيّة التي أزعجت العديد من الدّول العربيّة في الشّرق الأوسط خلال عشرينات القرن الماضي، كانت امارة شرق الاردن طويلة العمر ومستقرّة، وأظهر هذا الاستقرار نجاح العمليّة الاستراتيجيّة.
الاردن في القرن التّاسع عشر
قبل بداية تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن لم يكن الأردنُّ موجودًا من تلقاء نفسه، ولم يمثِّل كيانًا إقليميًّا متميّزًا، ولم يُشَرْ إليه مطلقًا على أنّه وحدة سياسيّة مستقلّة وفريدة من نوعها، أو ذات طابع جيّد، لذلك كان القرن التّاسع عشر فترة تغيّر عميق؛ إذ قرّر العثمانيون دمجه مع الدّولة المركزيّة، بعد قرون من إهمال البدو والمجتمعات الرّيفيّة في شرق الأردن. كانت الإصلاحات في شرق الاردن شاملة وبدأت بتوحيد المساحات السّياسيّة المختلفة في شرق الاردن، وتنظيمها.
امارة شرق الاردن في العشرينيّات
خلال الجزء الأوّل من القرن العشرين، تواجهت ثنائيّتان ثقافيّتان أمام بعضهما البعض، هما سياسات الدّولة والجهاز المؤسّسيّ، اللذين ترسّخت جذورهما أيّام الانتداب البريطانيّ وبداية حُكم الهاشميين، وفي المقابل كانت القبائل التّقليديّة وقد وجدت القبائل والعادات القبليّة طريقة لإعادة إنتاج نفسها، لتتكيّف ضمن نظام الدّولة الجديد.
امارة شرق الاردن في القرن العشرين
كان النّصف الأوّل من القرن العشرين من تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن موجّهًا بالكامل نحو تأسيس الدّولة الهاشميّة، وتوطيدها تحت حماية الانتداب البريطانيّ بعناية، وكانت بريطانيا مهتمّة بالسّيطرة على الأردنّ من أجل تحقيق مصالحها بالكامل في الشّرق الأوسط، ولأنَّ بريطانيا أرادت تجنّب المزيد من المديونية لميزانيّة الدّولة بعد الحرب، أوفدت عددًا قليلًا فقط من الضّبّاط إلى امارة شرق الاردن وكانوا مكلّفين بإدارة وتطوير الإمارة من وراء الكواليس، وكان هذا الأمر ضروريًّا بين السّكّان المحلّيين، وتحديدًا بين السّكّان المتعلّمين.
بعد فترة ازدادت المطالبات بالاستقلال الكامل، والوصول إلى مراكز سلطة الدّولة، من دون تدخّلات بريطانيّة او خارجيّة، كما ساهمت أهمّيّة الثّقافة القبليّة بين السّكّان المحلّيين، ونجاح الاستراتيجيّة البريطانيّة على مدى فترة زمنيّة محدّدة، في تعزيز فكرة تأسيس امارة شرق الاردن دولة مستقلّة سياسيًّا.
الملك عبد الله الأوّل
في عام 1921 كان عدد سكّان امارة شرق الاردن حوالي 230.000 نسمة، ولم يكن لديها موارد طبيعيّة كبيرة، وكان فيها عدد قليل من المُدن، وكان عائدها الحقيقيّ الوحيد هو الدّعم البريطانيّ، على الرّغم من أنّه كان بلدًا زراعيًّا.
في بداية تاريخ تأسيس امارة شرق الاردن أُعلِنَ الأمير عبد لله أميرًا عليها، وفي عام 1925 دُمجَت منطقتي معان والعقبة مع الإمارة، وقبلها بعامين أي في عام 1923، كانت بريطانيا قد اعترفت بوجود حكومة في امارة شرق الاردن برئاسة الأمير عبد الله، وفي عام 1928 وُقِّعَت اتّفاقيّة الأنجلو- شرق الاردن للاعتراف بسلطة إمارة شرقيِّ الأردن، وفي عام 1946 وقّعت بريطانيا معاهدة الاستقلال الكامل، وأصبح الأمير عبد الله الأوّل ملكًا.
امارة شرق الاردن في 1948
بعد تأسيس امارة شرق الاردن تشكّل الفيلق العربيّ، وكان يضمُّ قوّات بدويّة تحت قيادة وتدريب الضّبّاط البريطانيين، وفي 15 أيّار 1948، عندما انسحبت بريطانيا من فلسطين، وأعلنت الوكالة اليهوديّة الدّولة المستقلّة لإسرائيل، انضمّت امارة شرق الاردن إلى جيرانها العرب في الحرب العربيّة الإسرائيليّة، وفي عام 1949 أصبحت الضّفّة الغربيّة والقدس الشّرقيّة تحت الحكم الأردنيّ، وانضمَّ ما يقرب من نصف مليون فلسطينيّ إلى نصف مليون مواطن أصلًا في إمارة شرق الأردن.
المراجع