الملك فاروق الأوّل، هو ابن الملك فؤاد الأوّل، من مواليد القاهرة عام 1920، وقد تلقّى تعليمه في مصر وإنجلترا قبل صعوده على العرش في عام 1936، الذي بقي فيه حتّى 1952، وعلى الرّغم من أنَّه في بداية حياة الملك فاروق كملك، كان يحظى بشعبيّة كبيرة، إلّا أنّ المنافسات الدّاخليّة لإدارته، وإبعاده عن الجيش، أدّت إلى سقوطه، وتحويل مصر إلى جمهوريّة.
وصف المفوض السّامي البريطانيّ السير مايلز لامبسون الملك فاروق في تقرير إلى وزارة الخارجيّة، في عام 1937: غير متعلّم، كسول، غير صادق، متقلّب، غير مسؤول وعابث، على الرّغم من ذكاءه السّطحيّ السّريع وسحر أسلوبه، ولم تحقّق محاولاته لإدخال إصلاحات سوى تقدّمًا ضئيلًا ضدَّ المؤسّسة المصريّة للسّياسيين وكبار ملّاك الأراضي، كما أنّه لم يحظ بالاحترام لا داخل مصر ولا خارجها؛ باعتباره مستهترًا غير فعّال.
صفات الملك فاروق الشّخصيّة
- طوال حياة الملك فاروق الرّئاسيّة كان يعدُ مشاهير رعاياه بأنّه سيقدّم كلّ تضحية من أجل تحقيق مصالحهم وواجبه كحاكم، إلّا أنّ سمعة الملك فاروق الملازمة له هي أسلوب الحياة المسرف.
- بينما تمَّ تصنيف مصر بين أفقر الدّول في العالم، إلّا أنّه احتلَّ المرتبة الأولى بين أغنى رجال العالم، وكان يتباهى بهذا أمام شعبه، حتّى في المنفى، استمرَّ في التّصرف باستهتار.
- كان الملك فاروق ضيفًا في الحفلات الشّعبيّة، وكان يُذكر غالبًا في أعمدة الثّرثرة في وسائل الإعلام العالميّة.
- برغم أنّ الملك فاروق لم يكن يتمتّع دستوريًّا بسلطة استبداديّة، إلّا أنّ هذا لم يمنعه من التّصرّف كما لو كان كذلك بالفعل، وكثير من كُتب الأدب وصفته بالفرعون، ولم يكن إشارة إلى أسلوب قيادته، بقدر ما يشير إلى ادّعاءه بأنّه خليفة الحكّام القدامى في مصر.
- كان الملك فاروق يمتلك آلاف الأفدنة من الأراضي، وعشرات القصور، ومئات السّيّارات، إلّا أنّه كان يسافر غالبًا إلى أوروبا بحثًا عن أماكن التّسوّق الكبرى، ممّا أثار غضب العديد من رعاياه.
سياسة الملك فاروق الدّاخليّة
- طوال حياة الملك فاروق لم يُقدّم ما وعد به، ولم يتقاسم السّلطة مع الآخرين داخل المملكة الدّستوريّة.
- لم يُرسِ أساسًا متينًا للحكم الصّالح والتّشاركيّ المفتوح.
- أنشأ دستور النّظام البرلماني في عام 1923، ومع ذلك، كان يتدّخل ويعيِّن باستمرار حكومة الأقلّيّة.
- استبعد حزب الوفد من السّلطة، باستثناء فترة قصيرة بين عاميِّ 1942 إلى 1944.
- كان الفساد مستشريًا؛ ممّا أدّى إلى عدم ثقة الجمهور بالحكومة.
موقف الملك فاروق في الحرب العالميّة الثّانية
خلال صعوبات الحرب العالميّة الثّانية، تمَّ توجيه النّقد إلى الملك فاروق بسبب نمط حياته الفخم، وقراره بإبقاء جميع الأنوار مشتعلة في قصره بالإسكندريّة، في وقت كانت فيه المدينة مظلمة بسبب القصف الألمانيّ والإيطاليّ، واعتُبِرَ هذا التّصرُّف مسيئًا.
على الرّغم من وجود القوّات البريطانيّة، بقيت مصر محايدة رسميًّا حتّى السّنة الأخيرة من الحرب، ولم يعلن فاروق الحرب إلّا على قوى المحور تحت الضّغط البريطانيّ الشّديد في عام 1945، وبعد فترة طويلة من توقّف القتال في الصّحراء الغربيّة في مصر، اتُّهِمَ بالتّعاطف مع قوى المحور.
نهاية حُكمِ الملك فاروق
طوال حياة الملك فاروق لم يحظ بشعبيّة كبيرة بين العسكريين، وكانت مجموعة من ضبّاط الجيش المصريّ والقوّات الجوّيّة يخطّطون سرًّا لثورة؛ للتّخلص من النّظامين البريطانيّ والنّظام المصريّ الرّاسخ، وكانوا متأثّرين بهزيمة عام 1948، وألقوا باللّوم على الملك فاروق والسّياسيين والفساد المُستَشري في نظامه، وأطلقوا على نفسهم لقب (الضّبّاط الأحرار) وكانوا بقيادة جمال عبدالنّاصر، وكان أنور السّادات أحدهم.
كان قرار محاولة الانقلاب قد اتّخذ في صباح يوم 22 تمّوز عام 1952، حيث سيطر في تلك اللّيلة حوالي 200 ضابط، و3000 جنديّ على مقرِّ الجيش، ووضعوا كبار الضّبّاط قيد الاعتقال، كما احتلّت القوّات المطار، ومحطّة إذاعة القاهرة، ومركز الاتّصالات السّلكيّة واللّاسلكيّة، وقامت الدّبابات والمشاة بدوريّات في شوارع القاهرة، ولم يواجهوا أيّة معارضة، وفي السّاعة السّابعة من صباح 23 تمّوز، أعلن السّادات عن السّيطرة على إذاعة القاهرة.
تنازُل الملك فاروق عن الحكم
تعرّض الملك فاروق في قصره الصّيفيّ بالإسكندريّة لانتقادات واسعة؛ لأنّه لم يتولّى فورًا قيادة القوّات هناك، وعلى ما يبدو أنّه رفض هذا المسار؛ خوفًا من التّسبب في حرب أهليّة مريقة للدّماء.
ناشد الملك فاروق السّفير الأمريكيّ طلبًا للمساعدة، ولكنّ الأميركيين لم يثقوا به، ولم تتحرّك القوّة البريطانيّة في منطقة القناة للتّدخّل، كما أنَّ قادة الانقلاب أمروا قبطان يخته المتّجه إلى البحر، بعدم الإبحار دون أوامرهم.
في وقت مبكّر من يوم 26 تمّوز، تنازل الملك فاروق عن العرش، في قصر رأس التّين، الذي كان محاطًا بالقوات. في السّاعة السّادسة مساءً، أبحر متوجّها إلى نابولي مع زوجته وأطفاله، وأعلن ابنه الأمير أحمد فؤاد الرّضيع ملكًا، وتمَّ تعيين مجلس الوصاية، وفي سبتمبر، أصبحت مصر جمهوريّة، وكان اللّواء نجيب رئيسًا لها.
المراجع