معنى آية هيهات هيهات لما توعدون

يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية هيهات هيهات لما توعدون الواردة في سورة المؤمنون، حيث اهتمت هذه السورة المباركة بشكلٍ خاصّ بالحديث عن يوم القيامة وأهواله والتأكيد على توضيح أصول الشريعة الإسلامية والعقيدة الصحيحة.

معنى آية هيهات هيهات لما توعدون

معنى آية هيهات هيهات لما توعدون

لقد بعث الله سبحانه أنبياءه ورسله إلى النَّاس كافةً مبشرين ومنذرين فمنهم من آمن ومنهم من كفر، ومن بين الأقوام التي اختصَّها الله برسولٍ يُبلغ ما أُنزل إليه قوم نبي الله صالح وهم قوم ثمود.

بدأ صالح عليه السلام يدعوهم إلى الإيمان بالله العظيم، وويُذكرهم بالبعث والنشور وكيف سيحييهم الله بعد موتهم؛ ليحاسبهم على ما كانوا يعملون، ولكنَّ قوم صالح كانوا جبارين فقالوا -كما ذكر تعالى في سورة المؤمنون-: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ}، وذلك دأب القوم الكافرين الذين اعتادوا الضلال وألفوه حتى صار منهم.

فيقول السعدي عن معنى آية هيهات هيهات لما توعدون إنَّ قوم صالح قالوا ما يعدكم به صالح هو بعيد بعيد، فقد اعتقدوا ذلك في نفوسهم لأنَّهم قاسوا قدرة الله على قدرتهم، فهم بقدراتهم البشرية وعقلهم القاصر لا يتصورون مثل تلك الأشياء، ونسوا بأنَّ الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يبعثهم مرة أخرى وهو عليه هيِّن، وكلا الأمرين على الله هيِّن فهو القدير العظيم.

ويقص قوم صالح في قولهم هيهات هيهات أي أنَّ وعود صالح هي بعيدة عن العقول غير مقبولة في المنطق لا تستوعبها أذهانهم القاصرة، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل اتَّهموه بالكذب والافتراء على الله العظيم، حيث قال الله تعالى في سورة المؤمنون: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ}.

ودائمًا ما تكون لفظة هيهات الثانية هي تأكيد لهيهات الأولى، فهم يتعجبون من خبر صالح لهم إذ لا يؤمنون بالبعث مرة أخرى بعد أن صاروا ترابًا واختلطت عظامهم بتراب الأرض، وقال ابن عباس في معنى هيهات هيهات أي بعيدٌ بعيد، وقال ابن قتادة في معنى لما توعدون أي لما وعد الله تعالى به عباده وهو البعث والنشور والجزاء والحساب.

وأضاف ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى هيهات هيهات لما توعدون أي أنَّ وعد الحساب والجزاء الذي أخبر به صالح -عليه السلام- هو وعد لا يكون ولن يحدث أو يتحقق.

ولقصر عقولهم فقد شبهوا قدرات الله بقدراتهم فقالوا ما الإنسان إلا مثل الزرع يموت زرعٌ وينبت غيره، ويموت الإنسان ويأتي آخر غيره، وبذلك ازدادوا كفرًا على كفرهم وظلمًا على ظلمهم فهم كالأنعام بل هم أضل سبيلًا، فهم لا يعترفون إلا بالحياة التي هم فيها الآن، ولا يؤمنون إلا بما يُعاينونه، منكرون للأمور الغيبية وليوم القيامة وأهواله ومشاهده.

ولقراءة كلمة هيهات لغات مختلفة فقالوا تُقرأ كلمة هيهات بكسر التاء ومنهم من قرأها بالكسر والتنوين، ومنهم من قرأها بتسكين التاء، وبعضهم مال إلى قراءتها بالرفع مثل نصر بن عاصم، ومنهم من قرأها بالرفع مع التنوين ومنهم من قالها بالنصب مع التنوين ومنهم من قال أيهات بدلًا عن هيهات، إلا أنَّ ما اتفق عليه الجماعة من القُرَّاء أن تُقرأ هيهات بفتح التاء.

اقرأ أيضا: معنى آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا

فوائد من آية هيهات هيهات لما توعدون

فوائد من آية هيهات هيهات لما توعدون

  • إنَّ الإيمان بالبعث والنشور هو من صُلب عقيدة المُسلم ومن الأركان الخمسة التي لا بدَّ للمؤمن من الاعتقاد بها حتى يكون مؤمنًا إيمانًا كاملًا يرضاه الله ورسوله، وخوف المشركين والكافرين من اليوم الآخر هو ما يدعوهم إلى إنكاره، وبذلك يُمنّون أنفسهم أنَّه لن يكون هناك حساب على أعمالهم وذنوبهم التي اقترفوها في حياتهم الدُّنيا.
  • إنَّ صفة أنبياء الله تعالى الصدق والأمانة، فيكون صدقهم مع أقوامهم من خلال تأديتهم الرسالة كما أمرهم الله، وأمانتهم على تلك الرسالة بألا يزيدوا عليها أو يُنقصوا منها شيئًا، ودائمًا ما يُؤيِّد الله أنبياءه ورسله بالمعجزات فيكون الرسول مبشرًا لهم ونذيرًا من العذاب الأليم، ولكن دأب الكافرين هو النكران مثل قوم صالح الذين أنكروا يوم القيامة يوم البعث والنشور واتهموه بالكذب والافتراء.
  • إنّ القرآن الكريم اهتمّ بذكر اليوم الآخر وحذر من عدم الاعتقاد به، وجعله شرطًا وركنًا من أركان الإسلام الخمسة، وقد أنذر أنبياء الله جميعهم أقوامهم من يوم القيامة وأهوالها، ولا بدَّ أنَّ لذلك التأكيد سرٌّ ما، وذلك السِّر هو أنَّ إصرار الكافرين على إنكار يوم القيامة يُحتِّم على التأكيد على ذلك اليوم، والتنبيه إلى أنَّ كلّ ابن آدم سيُعرض على ميزان الله تعالى وتوزن أعماله فإن كانت خيرًا فسيكون خيرًا بإذن الله، وأمَّا إن كانت أعماله شرًّا فلا يلومنَّ إلا نفسه.
  • إنَّ استبعاد الكافرين ليوم القيامة لا ينشأ إلَّا عن جهلهم بعظمة الله تعالى وقدرته على الخلق الأوَّل وإعادته مرة أخرى، فهم يقيسون قدراته -حاشا لله- على قدراتهم ويضعون ذلك نُصب مخيَّلتهم الضعيفة عن تصور قدرة الله على عبيده في الدنيا والآخرة، وفي ذلك تفصيلٌ لأهم الثمرات من قول للله تعالى هيهات هيهات لما يوعدون.

اقرأ أيضا: معنى آية لا تجأروا اليوم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة