معنى آية فكنتم على أعقابكم تنكصون

قال تعالى في سورة المؤمنون: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ* حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ* لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ* قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ* مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ}، ويسعى الكثير من المسلمين إلى معرفة معنى آية فكنتم على أعقابكم تنكصون والفوائد من هذه الآيات.

معنى آية فكنتم على أعقابكم تنكصون

معنى آية فكنتم على أعقابكم تنكصون

أشار الله تعالى في هذه الآيات المباركة من سورة المؤمنون إلى أن أصحاب العذاب الذين يدخلون نار جهنم كانوا يعرضون عن الاستماع لكتاب الله، فكفروا به، وأنكروا كل ما فيه، وتتعدد صور هجران القرآن الكريم، فأدنى هذه الصور عدم قراءته، وعدم الإنصات إليه وعدم تدبر آياته، ثم يأتي بعد ذلك عدم العمل بأحكامه وما أرشد إليه من أوامر وتشريعات، وأقصى صور هجران القرآن الكفر به وجحود آياته.

وفي معنى آية فكنتم على أعقابكم تنكصون توضيح للخطاب الذي تُوجّه الآية لأهل النار، حيث تقول: أنَّه عندما كانت آياتُ الله تتلى عليكم في الحياة الدنيا كنتم تُعرِضون عنها وتَنفرون من الاستماعِ إليها، وتعرضون عمَّن يتلوها عليكم، وترجعون القهقرى للابتعاد عنها، مثل الذي ينكص على عقبيه رجوعًا إلى الوراء.

يُراد بالأعقاب العظم الذي يكون في مؤخرة القدم، وأكبر العظام فيها، وهي جمع عقب، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف، ويلٌ للأعقاب من النار: أي الويل، وهو واد في جهنم، لمن يترك غسل الأعقاب أثناء الوضوء.

ويُطلق العقب أيضًا على الآخر من كل شيء، فالولد الصغير يُقال له العَقِب، كما تقول العرب مشى الرجال في أعقاب القوم أي لحقهم، وتبعهم، ويمكن أن تكون بمعنى اقتفاء الأثر، كما أن هناك تعبير آخر شائع عند العرب وهو شخص موطّأ العقب أي كثير الأتباع.

معنى النكوص هو الرجوع من الخلف، وقد ذُكر لفظ “تنكصون” في هذه الآية الكريمة كإشارة إلى إعراض وإنكار المشركين والكافرين لكتاب الله، والإيمان بما جاء به.

تحمل الآيات خطابًا من الله تعالى لهذه الفئة، حيث يقول لهم الله تعالى: لا تصرخوا ولا تدعوا لأن الأوان قد فات الآن، ولن يفيدكم هذا في أي شيء، فقد أصررتم على كفركم في الحياة الدنيا عندما كانت الفرصة سانحة أمامكم، وكانت الآيات التي تدل على وحدانيتي كثيرة وتُتلى على أسماعكم من النبي صلى الله عليه وسلم وممن حوله من المؤمنين، ولكنكم كنتم تعرضون عن الاستماع إليها وعمن يتلوها إعراضًا شديدًا، وكنتم تستهزئون بها غير آبهين بأي شيء وغافلين عن أحداث هذه الساعة.

ورد في تفسير الطبري أن الله تعالى خاطب المشركين من أهل مكة بعدما حل بهم العذاب الذي كانوا يكذبون به، وقد سخط الله عليهم، وكان ذلك بما كسبتهم أيديهم، فاستحقوا عذاب الله تعالى، حيث كانت الآيات تُتلى عليهم دونما أي استجابة منهم.

فسّر الطبري الآية على النحو التالي: لقد كانت آيات كتابي تتلى على أسماعكم، فكنتم تكذِّبون بها وتعرضون عنها وتنفرون من الاستماع إليها، وتولون عنها وترجعون على أعقابكم أو تولون عنها مبتعدين؛ لأنّكم كنتم تكرهون الاستماع إليها وإلى الحق، فيقال لكل من رجعَ من المكان الذي جاء منه: نكص على عقبه، ويقول مجاهد في معنى تنكصون: تستأخرون.

قال الإمام ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بقوله تعالى:{فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} بمعنى تُدبرون عن الإيمان، والخطاب موجّه لأهل مكة. والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية وقل رب أنزلني منزلا مباركا

فوائد من آية فكنتم على أعقابكم تنكصون

فوائد

تكثر الفوائد التي يُمكن استجلائها من الآية الكريمة حيث تدل على:

  • يجب على الإنسان أن يسعى في هذه الحياة الدنيا ويعمل في طاعة الله ويتقرب إليه ويجتنب نواهيه، وأن لا ينتظر إلى يوم القيامة عندما لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، لأنَّه في تلك اللحظات لن يقبل الله تعالى منه شيئًا إلا ما قدمه في حياته الأولى لنفسه.
  • لا يجوز الابتعاد عن كتاب الله تعالى أو هجره ولا بأي صورة من صور الهجر، وقد شكا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غير موضع من كتاب الله قومه إلى الله تعالى لأنهم هجروا القرآن الكريم، وتدلُّ تلك الشكوى على خطورة تلك المعصية وعظيم جرمها عند الله تعالى، حيث قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا* وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}.
  • يُعد الامتناع عن سماع القرآن الكريم وعدم الإنصات إليه صورة من صور الهجر ولون من ألوان النكوص عن الحق واتِّباع الباطل.
  • يُعتبر رفض الأخذ بأحد الأحكام الشرعية الواردة في كتاب الله تعالى أو عدم الانصياع إلى أحد الأوامر فيه من النكوص وهو الرجوع عن الحق أيضًا.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة المؤمنون

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة