معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا

يعج القرآن الكريم بالعبر والمواعظ التي يجب على المسلم أن يتدبرها وذلك بالوقوف عند معاني الآيات واستشعارها، فإذا مر على آية من الآيات استبشار، فرح بها، وإذا مر على آية من آيات العذاب، استعاذ بالله، فبتدبر القرآن، يمتثل المسلم لأوامر الله ويُطبق شرعه، وقد جاء في سورة مريم قول الله تعالى: {سيجعل لهم الرحمن ودًّا}، ويكثر البحث عن معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا وما يستفاد منها من هذه الآية الكريمة.

معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا

معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا

إن معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا أن المؤمنين الذي آمنوا بالله وصدقوا برسله وكتبه، وكان صادقين مع الله، سيمنحهم الله تعالى الحب والود، وسيُلقي في قلوب عباده محبتهم.

أُكّد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى عندما قال: “إذا أحبَّ اللَّهُ عبدًا نادى جبريلَ: إنِّي قد أَحببتُ فلانًا فأحبَّهُ، قالَ: فيُنادي في السَّماءِ، ثمَّ تنزلُ لَهُ المحبَّةُ في أَهْلِ الأرضِ، فذلِكَ قولُ اللَّهِ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا، وإذا أَبغضَ اللَّهُ عبدًا نادى جبريلَ: إنِّي أَبغضتُ فلانًا، فيُنادي في السَّماءِ ثمَّ تُنزَلُ لَهُ البَغضاءُ في الأرضِ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن العربي | المصدر : عارضة الأحوذي الصفحة | أو الرقم: 6/243 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

إذا أحبَّ الله عبدًا من عبده، فإنه يُحبّب به جبريل أعظم الملائكة، كما يُحبّب به ملائكة السماء، وأهل الأرض أجمعين، وعلى العكس من ذلك، إذا أبغض الله عبدًا، فإنه يُبغّض فيه أهل السماء والأرض.

تُبيّن الآية الكريمة أجر وثواب المؤمنين عندما يصدق إيمانهم لله تعالى وحده، ويحرصون على أداء الأعمال الصالحة، فعند ذلك يكون جزاء هؤلاء المؤمنين الود والمحبة، ولعل أعظم ما يتحصل عليه العبد من جزاء وثواب، أن يحبه الله تعالى، ويرضى عليه، ويُبشره بالجنة، حيث تُعد أعظم البشائر من رب العزة لعباده المؤمنين.

قال ابن عباس إن معنى كلمة ودًا في قوله تعالى: {سيجعل لهم الرحمن ودًا} أي حبًا، بينما قال مجاهد أن المراد بها حب الناس في الدنيا، وقال آخرون المقصود من ذلك أن الله يُحبهم، وإذا أحبهم، حبب فيهم عباده، كما يُمكن أن يُراد بالود أن يتقرب إليهم المسلمون في الحياة الدنيا، أو يُرزقون الرزق الحسن.

قال قتادة في تفسير قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}: إي والله في قلوب أعل الإيمان، فقد كان هرم بن حيان يقول: “ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم”.

يُروى عن الإمام الحسن البصري أنه كان هناك رجل يقول: والله لأعبده الله عبادة، أُذكر بها بين الناس، فما كانت هناك صلاة تُقام، إلا كان ذلك الرجل يُرى قائمًا يُصلي، وكان أول الناس دخولًا إلى المسجد، وآخرهم خروجًا من المسجد، ومع ذلك لم يعظمه الناس، وبعد مرور سبعة أشهر على ذلك، ما كان يمر على جماعة، إلا قالوا: انظروا إلى هذا المرائي، فقال: لقد كنت أرجو أن أُذكر بين الناس بخير؛ لعبادتي، ولا أراني أُذكر إلا بشر؛ فوالله لأجعلن عملي كله خالصًا لوجه الله، ولم يزد شيئًا على عمله الذي كان يعمله، ولكن كان إذا مر على جماعة بعد ذلك، كانوا يقولون رحم الله فلانًا، وتلا الحسن البصري:{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.

اقرأ أيضا: آيات قرآنية مؤثرة

فوائد آية سيجعل لهم الرحمن ودا

سيجعل لهم الرحمن ودا

جاء في قول الله تعالى: {سيجعل لهم الرحمن ودًّا} عدة فوائد وثمرات ينبغي الوقوف عليها، وأهمها:

  • على المؤمن أن يسعى إلى نيل رضوان الله والوصول إلى محبته؛ فإذا أحبه ربه، جزاه خير ما يُجازي به عبده من الود والجنة، ولكن ذلك لا يتحقق إلا بأداء الصالحات، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، والصدق مع الله، والثقة بأن الله تعالى يصدق عباده، ويجازيهم بما وعدهم.
  • عندما يحب الله العبد، فإنه يُحبب به أهل الأرض والسماء، ولعل هذا من أسرار محبة الناس للعبد دون أن يكون بينهم علاقة أو سابق معرفة، فهذا ما يُسمى بالقبول الذي يضعه الله في نفوس الناس لعباده المؤمنين.
  • إن الإيمان بالله تعالى هي الفطرة التي خلق الله الناس عليها، وهي فطرة لا تبديل ولا تحويل لها، فمهما زاد الكفر وعلا الطغيان، فلا يزال هناك مؤمنون صادقون، ومن بقي على فطرته، نال رضوان ربه ومحبته.
  • إن الله يُحب المؤمن الصادق، والمحبة إحدى هباته، ولذلك يقول قتادة: “ذكر لنا أنَّ كعبًا كان يقول: إنَّما تأتي المحبَّة من السَّماء”.
  • من أبرز الدلائل على أن الإسلام دين المحبة والألفة أن الله تعالى جعل المحبة هي الجزاء الذي يجازي به عباده المؤمنين، والمحبة تشمل أيضًا محبة العباد، وذلك لنشر الألفة والود بين الناس.
  • على المسلم أن يحذر بشدة من أن يبغضه الله تعالى؛ لكثرة معاصيه؛ فإذا أبغض الله عبده، بغّض فيه عباده.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة مريم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة