تجربتي مع سورة المنافقون
تجربتي مع سورة المنافقون وتدبر آياتها من التجارب العظيمة حيث تُعتبر سورة المنافقون من سور القرآن المدني، وتندرج ضمن سور المُفصّل إذ يبلغ عدد آياتها إحدى عشرة آية فقط، وهي السورة الرابعة بعد المائة من حيث ترتيب النزول، فقد نزلت بعد سورة الحج.
تجربتي مع سورة المنافقون
يقول أحد المشايخ: تجربتي مع سورة المنافقون من التجارب الهامة في تدبر الآيات القرآنية، فعند تدبر هذه السورة الكريمة، وجدت أن مقصد السورة كلها في كلمة المنافقون في الآية الأولى، حيث تكرر ذكرها مرتين، الأولى أنهم يكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم (ومن آمن معه)، ولكن الرسول والمؤمنون قد لا يعلمون أنهم منافقون؛ لكن الله تعالى يعلم نفاقهم وكذبهم، فيقول: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} وهو تهديد شديد. وفي الثلاث آيات الأخيرة حيث يحذر تعالى من فعل المنافقون: وهو الانشغال بالأموال والأولاد وطول الأمل عن ذكر الله وعن الإنفاق والعمل الصالح.
يتابع الشيخ: كان نزول هذه السورة الكريمة لكمال التحذير مما يثلم الإيمان من الأعمال الباطنة، والترهيب مما يقدح في الإسلام من الأحوال الظاهرة، بمخالفة الفعل للقول فإنه نفاق في الجملة فيوشك يجر إلى كمال النفاق فيخرج من الدين ويدخل الهاوية، ليكون هذا التحذير سببا في صدق الأقوال ثم صدق الأعمال ثم صدق الأخلاق ثم صدق الأحوال ثم صدق الأنفاس، فصدق القول أن لا يقول القائل إلا عن برهان، وصدق العمل أن لا يكون للبدعة عليه سلطان، وصدق الأخلاق أن لا يلاحظ ما يبدو منه من الإحسان بعد المبالغة فيه بعين النقصان، وصدق الأحوال أن يكون على كشف وبيان وصدق الأنفاس أن لا يتنفس إلا عن وجود كالعيان، وتسميتها بالمنافقين واضحة في ذلك.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الحج
أسرار سورة المنافقون
هناك الكثير من الأسرار والخواص التي تختص بها سورة المنافقون فقد جاء عن الصحابي الجليل أبي هريرة: كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقرأُ في الركعةِ الأُولى من صلاةِ الجمعةِ سورةَ الجمعةِ ، وفي الركعةِ الثانيةِ المنافقونَ. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن الملقن | المصدر : البدر المنير، الصفحة أو الرقم: 4/678 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ علَى المَدِينَةِ، وَخَرَجَ إلى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الجُمُعَةِ، في الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ: إذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ، قالَ: فأدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ، فَقُلتُ له: إنَّكَ قَرَأْتَ بسُورَتَيْنِ كانَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بهِما بالكُوفَةِ، فَقالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يَقْرَأُ بهِما يَومَ الجُمُعَةِ. [وفي رواية]: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ، بمِثْلِهِ، غيرَ أنَّ في رِوَايَةِ حَاتِمٍ: فَقَرَأَ بسُورَةِ الجُمُعَةِ في السَّجْدَةِ الأُولَى وفي الآخِرَةِ: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ}. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 877 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
كما جاء عن أبي بن كعب عن رسول الله أنه قال: “مَنْ قرأ سورةَ المنافقينَ بَرئَ من النفاقِ”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 294 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
وفي حديث آخر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “يا علي مَنْ قرأَها أَعطاه الله مثل ثواب (من أَنفق حمل بعير دينارا فى طاعة الله، وخرج من الدنيا على رضا الله، وله مثل ثواب) مَن يقضى دَيْن أَبويه بعد موتهما، وجعل الله اثنى عشر منافقاً فداه من النَّار”. (( الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الفيروزآبادي | المصدر : بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الصفحة أو الرقم: 466 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
ومما يدل على خواص سورة المنافقون: روي أن رجلًا من المهاجرين كَسع رجلًا جُهَنِيًّا حَليفًا للأنصار، فقال الجهني: يَا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما بال دعوى الجاهلية، قالوا: كَسَع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: “دَعُوها فإنها مُنْتِنَة” فسمع هذا الخبر عبد الله بن أُبيّ، فقال: أقد فعلوها؟ أمَا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجن الأعزّ منها الأذّل، وقال: لا تنفقوا على مَن عندَ رسول الله حتى ينفضوا من حوله، قال زيد بن أرقم: فسمعت ذلك فأخبرت به عَمي فذكره للنبي -صلى الله عليه وسلم- فدعاني، فحدثته فأرسل رسول الله إلى عبد الله بن أُبيّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذّبني رسول الله وصدَّقه فأصابني همّ لم يصبني مثلُه فقال عمّي: ما أردتَ إلا أن كذبك رسول الله، فلما أصبحنا قرأ رسول الله سورة المنافقين، وقال لي: “إن الله قد صدقك”. (( الراوي : زيد بن أرقم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4902 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
قال الإمام جعفر الصادق في كشف أسرار سورة المنافقون: “من قرأها على الأرمد خفّف الله عنه وأزاله ، ومن قرأها على الأوجاع الباطنة سكّنتها ، وتزول بقُدرة الله تعالى”. (( تفسير البرهان ٥ : ٣٨٣ / ١٠٧٤٩ ))
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة النساء