تجربتي مع وسواس الريح
الوسوسة شيءٌ يُقذف في نفس الإنسان يدخل الشك إليها، حتى يحتاط لها بإعادة الفعل مراراً وتكراراً اعتقاداً منه أنّه لم يفعله، أو لم يفعله بطريقة صحيحة، ويكون الإنسان بها مسلوب العقل تسيطر الوساوس عليه، ومن أبرز هذه الوساوس وسواس الريح الذي ينتج عنه عدّة مفاسد، ومن هنا تأتي أهمية تجربتي مع وسواس الريح وسبل التخلّص منه.
تجربتي مع وسواس الريح
يقول أحد الشباب: تبدأ تجربتي مع وسواس الريح منذ حوالي أربعة سنوات، بعد البلوغ بدأت ألتزم بصلواتي وديني ولله الحمد، ولكن عانيت سابقاً من مشكلة الوسواس في الوضوء والصلاة من خروج ريح، ولكني بعد أن بلغ السيل الزبى لم أعرها اهتماماً، وفعلاً تخلصت منها، ولكنها تعاودني بين فينة وأخرى وأتغلب عليها، لكن مؤخراً ما عدت أستطيع ذلك، ولا أخفيكم أني تعبت ولا أستطيع تجاهلها بعد اليوم لخوفي على صلاتي وديني، أصبحت أتوتر في الصلاة والوضوء، وأصبحت صلاتي بلا خشوع، لكن محاولات مستميتة للحفاظ على الوضوء، تنتهي الصلاة وقد صليتها بلا خشوع ولا وقار، وكثيراً ما أظل حائراً أخرج أم لا؟
يتابع صاحب التجربة: بدأت أصاب بألم حاد في ضميري، لا أنا الذي استطعت الصلاة الصحيحة، ولا أنا الذي عدت قادراً على منع الريح، ولا التخلص من الوسواس، قلبي يؤلمني أكاد أموت حزناً وأنا أتخيل ربي غاضباً علي لتفريطي في ديني، أعيد الصلاة أحياناً مرة وربما مرتين، تأتيني هذه الوساوس بدون وجود غازات كثيرة وأحياناً منذ بداية الوضوء، لدرجة أني أتوضأ بدون تثليث، أي أغسل كل الأعضاء مرة،، خوفاً من خروج الريح، ولكن أظل أجاهد خيال الريح وأحاول منعها من الخروج، وفي النهاية تخرج، ولا أعيد الصلاة وأظل أتألم على صلاتي التي لا أدري ما مصيرها ربما عدم القبول، أحياناً لا أستطيع تجاهل هذا الوسواس مما يضطرني لإعادة الصلاة، وقد وصلت إلى قمة الحزن، سمعت بدواء تقريباً اسمه فافرين، وكان استخدامي لهذا الدواء فارقاً في حياتي حيث ساهم في تخلصي بشكل كبير من ذلك الوسواس، كما أنني خضعت للعلاج السلوكي حيث يمثل المرتكز الأول، وهذا العلاج بسيط جداً، ويتمثل في تجاهل الوساوس وعدم الانصياع لها مطلقاً.
اقرأ أيضا: تجربتي مع وسواس الموت والاحلام
كيف أتخلص من وسواس الريح؟
قد تسيطر وساوس الشّيطان على الإنسان فيعتقد بطلان طهارته كلما تطهر كأن يشعر أنّه أخرج ريحاً ولم يخرج، ويكون التّخلص منها بطرقٍ عدّة تحدّث عنها العلماء، نذكر منها الآتي:
- العمل بقاعدة اليقين لا يزول بالشك: وهي قاعدة فقهية أقرها العلماء، ومعناها أن من تيقن بالطّهارة وشك بالحدث يكون حكمه أنّه طاهر ولا يجب عليه إعادة التّطهر للصلاة، وقد عالج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل هذه الوساوس بقوله في الحديث الصحيح: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه أخرج منه شيءٌ أم لا، فلا يخرجنّ من المسجد حتّى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا)، ووجه الدلالة من الحديث تكذيب الشّيطان وطرد وساوسه حتّى يجد دليلاً حسياً على خروج شيء من فرجه قد يكون مفسداً لصلاته.
- عدم الالتفات إلى الوساوس وعدم إعارتها الاهتمام: إذ قد يشكل هذا الاهتمام مزيداً من الضغط على الإنسان، فيقع ضحية الشّيطان ومراده، فكلما أعارها اهتماماً أكبر ترسخت وتجذّرت في داخله، وكلّما غض الطرف عنها تلاشت.
- الاستعانة عنه بذكر الله -عز وجل- فذكر الله -عز وجل طاردٌ للشيطان ووساوسه. وقد ورد هذا في القران الكريم في سورة الأعراف من قوله -تعالى-: (إنّ الّذين اتّقوا إذا مسهم طائفٌ من الشّيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون).
- إدراك المسلم أنما تأتيه هذه الوساوس كمحاولةٍ من الشّيطان لتشكيك المسلم بعبادته وصرفه عنها: فالشّيطان يحاول بشتّى الطرق إفساد أعمال المسلم، وقد حذرنا القران الكريم من هذه الحقيقة في مواضع عديدة، نذكر منها ما جاء في سورة فاطر، إذ قال -تعالى-: (إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ فاتّخذوه عدوًّا إنّما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير).
- علم المسلم بسماحة دينه، فلقد جاء الدّين الإسلامي بالسماحة واليسر، فكان من مقاصده رفع الحرج عن النّاس، وما كان ليوجب على المكلّف إعادة طهارته أو صلاته بلا سببٍ وجيهٍ أو دليل، لذا فليبن المسلم على هذه القاعدة وليتيقن بطهارته بعيداً عن الشك والوساوس، ومن الايات الدّالة على مبدأ رفع الحرج، قوله -تعالى-: (يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).
- الاستعاذة من الشّيطان الرجيم، إذ يروي الإمام مسلم في صحيحه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما سأله سائل عن هذا، فجرى الحوار بينهما كما يأتي: (يا رسول الله، إنّ الشّيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: ذاك شيطانٌ يقال له خنزبٌ، فإذا أحسسته فتعوّذ باللّه منه، واتفل على يسارك ثلاثًا قال: ففعلت ذلك فأذهبه اللّه عنّي)، فالاستعاذةٌ تحمي المؤمن نفسه من كيد الشّيطان الرجيم.
- تحلّى المسلم بالإرادة والحزم بأن يعقل ثم يتوكل، فالمسلم لو طبق الشروط الصحيحة للطهارة ولم يعر وساوس الشيطان اهتماماً يكون بذلك قد أدّى ما عليه تجاه طهارته فوجب عليه أن يسلّم أمره لله -عز وجل ولا يلتفت.
- تعلم المسلم الطريقة الصّحيحة للطهارة: فإن تعلّمها ثم مارسها فأتقنها فاعتاد عليها، لم يعد له مجالٌ للشك في أدائه لها، ومن شأن هذا أن يطرد وساوس الشّيطان الّتي قد تراوده.
- التضييق على النّفس ومخالفتها: بأن يضع الإنسان حدوداً لما تحثه نفسه عليه، فيخالفها ويفعل الصّواب بعدم الالتفات إلى هذه الوساوس.
اقرأ أيضا: تجربتي مع وسواس المرض