مقاصد سورة القيامة
نزلت سورة القيامة في مكة المكرمة بعد سورة القارعة، وعدد آياتها تسعة وثلاثون أو أربعون آية، وعدد كلماتها مئة وتسع وتسعون كلمة، وتعالج مقاصد سورة القيامة موضوع البعث والجزاء والذي هو أحد أركان الإيمان، وتركز خاصة على أهوال القيامة وشدائد الساعة، وحالة الإنسان عند الاحتضار، وما يلقاه الكافر من مصاعب ومتاعب.
مقاصد سورة القيامة
تتألف سورة القيامة من أربعين آية، وهذا ما جعل مقاصد سورة القيامة مختلفة ومتنوعة، حيث تنقسم الآيات الأربعين في أغراض السورة أو مقاصدها، ويمكن تحديد مقاصد سورة القيامة بتقسيم مقاصد كل مجموعة من الآيات، على الشكل التالي:
مقاصد الايات من 1 إلى 19
يستهل الله تعالى سورة القيامة بالقسم بيوم البعث والحساب، ثم ينتقل في هذه الآيات المباركة إلى ذكر بعض العلامات التي تبين اقتراب يوم الحساب، قال تعالى: {يسأل أيان يوم القيامة * فإذا برق البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلىٰ ربك يومئذ المستقر}، ثم تنتقل الآيات لمخاطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطمئنته على حفظ القران الكريم من قبل الله تعالى.
مقاصد الايات من 20 إلى 40
تختلف مقاصد سورة القيامة في النص الثاني من آياتها عن مقاصد القسم الأول ظاهريا وتتفق باطنيا، فالآيات الأولى تشرح يوم القيامة وأهوال هذا اليوم، والقسم الثاني من الآيات يشرح أحوال الناس في يوم الحساب، يفرق بين السعداء والأشقياء وأحوال كل فريق على حدة، قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة * إلىٰ ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة}.
تتناول السورة الحديث عن لحظة الموت وخروج الروح من البدن، قال تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من ۜ راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق * إلىٰ ربك يومئذ المساق}، ثم تذكر الآيات الأخيرة من هذه السورة الكريمة كل من أشرك وكفر بعاقبة الكافرين المشركين، وتؤكد على أن الله تعالى قادر على بعث الموتى من قبورهم لحسابهم، قال تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنىٰ * ثم كان علقة فخلق فسوىٰ * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثىٰ * أليس ذٰلك بقادر علىٰ أن يحيي الموتىٰ}، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة الجاثية
هدايات سورة القيامة
يمكن للإنسان أن يستخلص منها الكثير من الهدايات، وسورة القيامة على وجه الخصوص فيها ما فيها من العبر والدروس، فيما يأتي أبرز الهدايات المستفادة من هذه السورة المباركة:
- قدرة الله تعالى على جمع الإنسان وإعادة إحيائه ورسم أدق التفاصيل التي كانت على جسده قبل أن يموت ويفنى جسده في التراب.
- على المتعلم أن ينصت بكل جوارحه على من يعلمه، حتى يتسنى له أخذ العلم بطريقة صحيحة سليمة.
- بيان إيمان المؤمنين بربهم وفرحهم بنعيمه يوم القيامة، هذا النعيم الذي لا يضاهيه نعيم في الدنيا.
- على الإنسان أن يتذكر أصله وحجمه فلا يتكبر على خلق الله تعالى وأن يكون دائم الحمد والشكر لله تعالى على نعمه الكثيرة.
اقرأ أيضا: تفسير سورة القيامة للأطفال
لطائف سورة القيامة
تمتاز سورة القيامة بتعدد لطائفها، ومن ذلك التناسب بينها وبين السور التي ستبقها، فلما تقدم قوله مخبرا عن أهل الكفر {وكنا نكذب بيوم الدين (46)}، ثم تقدم في صدر السورة قوله تعالى: {فإذا نقر في الناقور (8)}، إلى قوله {غير يسير (9)}، والمراد به يوم القيامة، والوعيد به لمن ذكر بعد في قوله {ذرني ومن خلقت وحيداً (11)} ، ومن كان على حاله في تكذيب وقوع ذلك اليوم، ثم تكرر ذكره عند جواب من سئل بقوله {ما سلككم في سقر (42)}.
بناءً على ما تقدم، بسط القول في سورة القيامة في بيان ذكر ذلك اليوم وأهواله، وأشير إلى حال من كذب به في قوله تعالى {يسأل أيّان يوم القيامة (6)}، وفي قوله تعالى {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه (3)}، ثم أتبع ذلك بذكر أحوال الخلائق في ذلك اليوم {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر (13)}.
عند النظر إلى سورة القيامة، نلاحظ اتسام هذه السورة بترابط الآيات مع بعضها البعض فقد افتتح الله -تعالى- السورة الكريمة بالقسم بيوم القيامة، ثم بالقسم بالنفس اللوامة، حيث قال: {لا أقسم بيوم القيامة*ولا أقسم بالنفس اللوامة}، ثم ذكر بعض أهوال ذلك اليوم العظيم، وبعدها قال عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به*إن علينا جمعه وقرانه}،حيث إن أبرز سمات النفس اللومة العجلة في الأمر ثم الندامة عليه، فبعد أن تفعل الفعل تلوم نفسها على ما اقترفت.
ومن الجوانب البلاغية البيانية التي يمكن الحديث عنها من خلال تأمل لطائف سورة القيامة اقتران فعل القسم ب “لا” والحاجة منه، إذ إن كل أفعال القسم المسندة إلى الله تعالى في القران الكريم مسبوقة ب “لا”، ولا يوجد في القران الكريم “أقسم”، بل كلها “لا أقسم”، كقوله -تعالى-: {فلا أقسم بمواقع النجوم}،وقوله -تعالى-: {لا أقسم بهذا البلد}.
لقد رجح بعض أهل العلم أن هذا التعبير يعد لونا لإخبار المخاطب عن أمر يجهله، ويحتاج إلى قسم لتوكيده، كالذي يقول على سبيل المثال: “لا أريد أن أحلف لك على أن الأمر على هذه الحال”، بينما ذهب بعضهم الاخر إلى أن القصد من هذا التعبير هو التأكيد عن طريق النفي، كالذي يقول لا أوصيك بفلان تأكيدا للوصية عليه.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة القيامة