فوائد من سورة سبأ
سورة سبأ هي السورة الرابعة والثلاثون بحسب ترتيب سور القراَن الكريم، وهي السورة الثامنة والخمسون بنزول السور، حيث نزلت بعد سورة لُقمان وقبل سورة الزُمر، تقع بالجزء الثاني والعشرين وعدد آياتها أربع وخسمون اَية، تأتي بترتيب سور المصحف الشريف بعد سورة الأحزاب وقبل سور فاطر وهي سورة مكية، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة سبأ.
فوائد من سورة سبأ
الفوائد التي يمكن استخلاصها من سورة سبأ هي موضوعات العقيدة الرئيسة وهي التوحيد بالله تعالى، والإيمان بالوحي والبعث، وفصلت السورة الكريمة المقاصد إلى إبطال قواعد الشِرك وأهمها الشِرك بالله تعالى، وإنكار البعث، حيث بدأ الله تعالى السورة بدليل تفرده بالإلهية ونفي الإلهية عن الأصنام مع النفي بأن تكون الأوثان والأصنام شفعاء لمن يعبدها، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}.
ومن أكبر فوائد سورة سبأ التركيز على قضية البعث والجزاء، وإثبات إحاطة علم الله بما في السماوات والأرض، بالإضافة لإثبات صدق النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- فيما أخبر به وصدق ما جاء بالقراَن الكريم وفي ذلك إلزام الحُجة على منكري النبوة، وبينت السورة الكريمة معجزات أنبياء الله داود وسُليمان -عليهم السلام- كما جاء في قوله: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ}.
وبينت السورة أن النعم تدوم بشكر الله تعالى، حيث النِعم يمنحها الله لعباده، وأن النِعم تتحول إلى هلاك ونِقم بحال أعرض الإنسان عن هدي الله -عز وجل-.
تشتمل سورة سبأ تهديد المشركين بما حل بالأمم السابقة من المشركين، حيث سلط الله عليهم البلايا في الدنيا وأعد لهم العذاب في الآخرة، فيما ضرب الله لهم المثل بمن شكروا نعمته واتقوه فأوتوا خير الدنيا والأخرة، وجاء بالسورة تحذير للإنسان من تغرير الشيطان، فهو العدو الأول للإنسان، وتوضيح على أن الجن لا يعلم بالغيب وأن الله تعالى وحده علام الغيوب.
وضحت السورة أن الإيمان والعمل الصالح هما قِوام الحكم والجزاء عند الملك الجبار، وأن أقوى قوة بالأرض لا تعصم من بطش الله وما من شفاعة عنده إلا بإذنه، وذُكر بالسورة تبشير المؤمنين بالنعيم، ووعد المنفقين والمصدقين بالإخلاف ومن مقاصد سورة سبأ أن العودة للحياة بعد الوفاة لتدارك ما فات أمر محال.
دروس مستفادة من سورة سبأ
ذكر الله تعالى بسورة سبأ قصة وفاة النبي سليمان بن دواد -عليهم السلام- وجاء بالقصة دليل واضح على أن الجن لا يعلمون بالغيب حيث قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}.
أي لما قضى الله تعالى بالموت على نبيه سليمان بن داود -عليهم السلام- كان متكئ على عصاه يراقب الجنَّ الذي سُخر لخدمته يصنعون ويعملون ما يشاء من محاريب وجفان وقدور وراسيات، فما دلهم على موت النبي إلا الأرضة وهي دويِّبة تأكل الخشب، حيث أكلت شيئًا من عصاه فخرَّ على الأرض، فوقف الجن عن العمل وعلموا وتيقنوا أنهم لا يعلمون بالغيب، حيث أنهم لو يعلموا بالغيب لأدركوا وفاة النبي قبل أن يخر على الأرض، ومن الدروس المستفادة من القصة وجوب مراقبة العامل وهو يعمل ألا يُهمل، كما مطلوب من العُمال أن يُخلِصوا بعملِهم لله تعالى في القول والعمل والفعل، فالإتقان دليل الصدق في الإيمان.
كان سبأ اسم رجلٍ سمّيت على اسمه الأرض والمكان، وهم قومٌ من أرض اليمن لهم ملوكٌ كالفراعنة، وقد كان لهذه المملكة شأنٌ عظيمٌ في الأرض، وكانوا يعيشون بنعمٍ كثيرة، وأرزاقٍ وزروعٍ وفيرة، وقد عبدوا الله واتّبعوا صراطه المستقيم، فأفاض الله عليهم بنعمه وبركاته التي لا تعدّ ولا تحصى، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}.
فلمّا أعرضوا عن الله وجحدوا نعمته، حلّت عليهم من الله نقمةٌ وغضبٌ شديد، قال تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ}، حتّى جعل حكايتهم على كلّ لسان، ليكونوا عبرةً للراشدين، قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}.
فوائد
لا تخلو سورة سبأ من بعض الفوائد البيانية والبلاغية، ومن خلال ما يأتي سَيُذكَر أهمّ ما ذكره البلاغيون من هذه الفوائد:
اللمسة البيانية من الاختلاف في الآيتين الكريمتين في سورة يونس: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}، وقال تعالى في سورة سبأ: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}، فمرّةً قال {مَا} والتي تفيد الحال، ومرّةً {لا} والتي تستخدم لنفي المستقبل قبل {يَعْزُبُ}، ويتضّح ذلك من سياق سرد الآيات، ففي سورة يونس تدلّ على مقدار إحاطة علم الله بالأشياء كلّها، وفي سورة سبأ كان التعليق على قيام السّاعة.
استخدام أسلوب الجمع والتقديم و التأخير في الآيتين السابق ذكرهما، ففي سورة يونس، قال تعالى: {فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء}، وفي هذه الآية كان الله يخاطب أهل الأرض جميعًا، فقدّم الأرض التي هي مسكنهم، وجاء الجمع والتقديم للسماوات في سورة سبأ، في قوله تعالى: {فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}، وهذه الآية تتحدّث عن قيام السّاعة والتي تكون في السّماوات ولأهل السّماء
اقرأ أيضًا:
المصادر: