لا يكاد أحدنا يرى طفلاً يتيماً إلا ويرق له قلبه وتنبعث بداخله رغبة صادقة فى مساندته والبذل له، تأثراً بما ألمّ به من اليتم، وسنتعرف خلال المقال على طريقة تربية اليتيم.
طريقة تربية اليتيم ..
قد نتفاعل بما يسمح به الموقف مع اليتيم فى صورة عطاء مادى أو ضمة حانية أو مسحة على رأسه، إلى هذا الحد تسير الأمور بشكلها الطبيعى الذى أراده الله تعالى منّا.
ينبغي على المربي القائم بأمر اليتيم -سواء كان من قرابته أو مسؤول دار الأيتام- أن يحقق في تربيته المعادلة الصعبة والتى تتمثل فى الجمع بين الحنان والحزم.
الطفل اليتيم لا يحتاج إلى توفير الإشباع المادى والعاطفي والإحساس بالأمن فقط، ولكنه يتطلب –فى الوقت نفسه- إلى التوجيه والتهذيب والتربية الحازمة المنضبطة التي تجعل منه شخصية سوية يتمكن بها من التوافق الاجتماعي الجيد والحياة بصورة طبيعية وسط أقرانه.
ولا يعني اليُتْم مبرراً للعمل على تدليله وعدم الحزم معه للحد الذى يفسده، بل يتم معاملته مثل أي طفل بتوازن واعتدال حتى تستقيم نفسه ولا يتولد عنده شعور بأن الإبتلاء باليتم أصبح ميزة تكفل له التدليل والتساهل في التربية ممن يحيطون به أو ممن يقوم على أمره.
يوجد فرق بين الترفق باليتيم والإحسان إليه، وعدم التعامل معه بالقسوة أو الإهانة – وهو الأصل الذى أمرنا الله تعالى به فى معاملة اليتيم- وبين تنشئته على التدليل، والتراخي فى أمره ونهيه، أوعدم زجره عن الأخطاء التي قد يقع فيها أثناء طفولته.
وهناك عدة نقاط فى تربية الطفل اليتيم ينبغي عليها، لكى تتكامل عناصر التربية اللازمة له:
الرفق باليتيم :
اليتيم بعد أن فقد أباه، يشعر بالضعف وفقدان عناصر القوة والأمان، كما أنه خسر المصدر الحقيقي للحنان، لذلك حث الإسلام على إشباع هذا الجانب لديه من خلال الأجر المترتب على الإحسان العملى إليه ورتب الأجر العظيم لكل من يسدي المعروف إليه فجعله كالجهاد فى سبيل الله، قال صلى الله عليه وسلم :”الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله”.
جاءت الآيات القرآنية التي تحذر من القسوة عليه فى قوله تعالى: :” فأما اليتيم فلا تقهر”، حيث تخاطب الآية الكريمة النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاه أن يقهر يتيماً، أو يقطب جبينه في وجهه؟ إنه خطاب للأمة بأسرها، يتجلى فيه حفظ الله تعالى لمشاعر اليتيم حيث يحرّج من قهره.
ويجعل الله -فى آيات أخرى- التعامل الغليظ معه قرين التكذيب باليوم الآخر، قال تعالى: “أرأيت الذى يكذّب بالدين، فذلك الذى يدعُّ اليتيم”.
إذن فهو توجيهٌ لمن يرعاه أن يكون اليد الرقيقة التي تحنو عليه، وتمسح على رأسه لتزيل عنه غبار اليتم، وتضفي عليه هالة من العطف، والحنان، ثم يحذر من قهره والقسوة عليه، ثم يشنّع على من يفعل ذلك، ويجعل قهر اليتيم علامة على الخلل فى إيمانه.
2- التربية الراشدة :
تأديب الطفل اليتيم من أساس الإحسان إليه، ولا تكتمل تربيته إلا بتأديبه وتهذيبه، فلا يكون التساهل فى وضع الضوابط له وإلزامه بها أبداً هو المعنى السليم للإحسان إليه.
إن من حق اليتيم أن يحصل على نصيبه من التربية المتوازنة السليمة، لأنه غالباً يعامل معاملة فيها تساهل وإفساد، وينبغي معاملته كالابن تماماً في التربية والتقويم.
ويحكى أن ابن سيرين سئل عن ضرب اليتيم، فقال: “اصنع به ما تصنع بولدك، اضربه ما تضرب ولدك” رواه البخاري، وقد قال العلماء: “اليتيم يؤدب ويُضرب ضرباً خفيفاً”.
ويعني ذلك جواز تأديبه بالعقاب العادل؛ وقد لوحظ تردد الكثير ممن يقومون بتربية الأيتام فى توجيه العقاب المناسب لهم ردعاً وزجراً عن الخطا، وذلك خشية الوقوع في الإثم، فهم يظنون عدم جواز ذلك.
واتضح أن العقاب جائز ما دام عادلاً ومنضبطاً، فاليتم لا يعتبر مبرراً للتوسع في تدليله وعدم الحزم معه في مواطن الحزم، بل يعامل من هذا الجانب مثل أي طفل حتى تستقيم نفسه ولا يتولد عنده شعور بأن يتمه أصبح ميزة تكفل له التدليل والتساهل في التربية ممن يحيطون به أو ممن يقوم على أمره.
3- التوازن فى كل جوانب التربية:
ينبغي إتاحة الفرصة له ليختلط بالأطفال الآخرين إذا كان وحيداً وعدم إبداء القلق عليه وعدم التدخل الدائم في شؤونه بهدف الرقابة والمتابعة الأسرية له، وبهذا تساعده لينضج عقليا واجتماعيا، ولا يشعر أن لديه علة أو سبب يجعله أقل من أقرانه.