إن من أبواب الخير في فصل الشتاء هو طول الليل الذي يتيح للعبد القيام والتمتع بالصلاة والعبادة، فطوله يتيح للنفس أخذ حظها من النوم، ثم القيام لصلاة الليل التي قال الله فيها: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً}، وقال أيضا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}… وفيما يلي سنتعرف على فضل قيام الليل في الشتاء
صلاة قيام الليل
- صلاة الليل هي شعار المتقين، والدثار لأولياء الله المفلحين، فلقد قال الله تعالى في وصف عباده المتقين: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
- فسر الطبري هذه الآية بقوله: “فلا تعلم نفس أي نفس، ما أخفى الله لهؤلاء الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هاتين الآيتين مما تقر به أعينهم في جناته يوم القيامة، ثواباً لهم على أعمالهم التي كانوا في الدنيا يعملون”، فليل الشتاء طويل فلا تقصروه بمنامكم، ولا تضيعوه بسهركم على المعاصي والملذات، واجعلوا ليلكم ليل المتقين الذاكرين، لا ليل الغافلين المستهترين
- قال ابن القيم -رحمه الله-: “فيا عجباً من سفيهٍ في صورة حليم، ومعتوه في صورة عاقل، آثر الحظ الفاني الرخيص على الحظ الباقي النفيس، باع جنة عرضها الأرض والسماوات بسجنٍ ضيق بين أصحاب البلية والشهوات
أقوال السلف عن فضل قيام الليل في الشتاء
- المتقين هم من كانوا يصلون قيام الليل ويحافظون عليه، وبسبب طول ليل الشتاء يمكن للعبد الاستراحة، والصلاة طوال ليله
- فالشتاء أمره عجيب لمن يتذوق طعم العبادة به، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن من أوصاف أهل الجنة {كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
- وأن الصلاة والناس نيام أمر يؤدي لدخول الجنة بسلام
- وقد كان السلف الصالح يحرصون على قيام الليل في ليالي الشتاء الطويلة، ومن المواقف التي تثبت تفضيلهم له
- لما احتضر أحد السلف بكى فقيل له: أتجزع من الموت وتبكي. فقال: ما لي لا أبكي ومن أحق بذلك مني؟ والله ما أبكى جزعاً من الموت، ولا حرصاً على دنياكم، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء، (وجاءت هذه االقصة عن عدد السلف).
- وقال معضد: “لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما باليت أن أكون يعسوباً”.
- قال عبد الله بن وهب: “كل ملذوذ إنّما له لذة واحدة إلاّ العبادة فإنّ لها ثلاث لذات: إذا كنت فيها، وإذا تذكرتها، وإذا أعطيت ثوابها”.
- وكان الصحابة والسلف رحمهم الله يستثمرون الليل عامة، وليل الشتاء على خاصة في طلب العلم، والعبادة بما يشملها من صلاة وذكر، فكان أبو هريرة – رضي الله عنه – يقسّم ليله ثلاثة أقسام بين القيام، والنوم، وطلب العلم فعنه رضي الله عنه قال: “جزّأت الليل ثلاثة أجزاء: ثُلثاً أصلي، وثُلثاً أنام، وثُلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”.
- وروي مثله عن عمرو بن دينار، وسفيان الثوري.
- قال أحمد بن الفرات: “لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في الحفظ فأجمعوا أنّه ليس شيئ أبلغ فيه من كثرة النظر، وحفظ الليل غالب على حفظ النهار”، وقال: “سمعت إسماعيل بن أبي اويس يقول: إذا هممت أن تحفظ شيئا فنم وقم عند السحر فأسرج، وانظر فيه فإنّك لا تنساه بعد إن شاء الله”.
- ولقد سمعنا عن أن الكثير من العلماء قديما وحاليا يعكفون على طاعة الله عزوجل، وطلب العلم، في الوقت الذي يغفل فيه النّاس، ويناموا؛ حيث تجد الواحد منهم يسهر الليل الطويل في الاجتهاد العلمي وطاعة الله، والتقرب له بالصلاة، والذكر
- قال يحيى بن معاذ:
- “الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك”.
- وقال أحمد بن فارس من شعراء العصر العباسي ناصحاً:
- إذا كنت تأذى بحرِ المصـــيف *** ويبَسِ الخريف وبَردِ الشــتا ويلهيكَ حُسنُ زمـــانِ الربيع *** فأخذُك للعلم قـــلْ ليْ متى قلت: فطلبك للأجر قل لي متى؟ وقيامك لليل قل لي متى؟ ونشرك للعلم قل لي متى؟ وعملك في الدعوة قل لي متى؟
- والمقصود هنا هو استثمار الأوقات قبل أن يفوت العمر
فضل قيام الليل في الشتاء
- من حافظ على قيام الليل يكون من عباد الله المتقين الصالحين
- المسلم الذي يحافظ على صلاة قيام الليل يسعد ويرزق بالخير
- ليل الشتاء الطويل يتيح للإنسان الراحة، والاستيقاظ لقيام الليل والتقرب إلى الله
- من صلى قيام الليل سعد، ورزقه الله رضاه، والجنة، فقيام الليل هو من الأوقات المستحبة لدى الله، قال تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً}
المراجع