الاسلام في سلوفينيا… معلومات عامّة عن الاسلام والمسلمين في سلوفينيا
تاريخ الاسلام في سلوفينيا
إنّ انتشار الاسلام في سلوفينيا على عكس انتشاره في البوسنة والهرسك، التي شهدت فترة طويلة من الرّفاهية العامّة في ظلّ الدّولة العثمانيّة، مع أنّ الدّولتين يقعان في أوروبا الشّرقيّة. لم يكن لدى سلوفينيا انطباع جيّد عن العثمانيّين، وفقًا لأستاذ الفلسفة أحمد باسيتش، وصاحب خمسة كتب عن الاسلام في شرق أوروبا: إنّ أوّل اتصال لأراضي سلوفينيا مع المسلمين حدث في القرن الخامس عشر، عندما كانت وحدات الجيش العثمانيّ تغزو سلوفينيا لأكثر من 150 عامًا، وعادة ما كانوا يأتون من البوسنة، أو المجر، ويدخلوا إلى كرواتيا، وسلوفينيا، والنّمسا، وإيطاليا بغرض النّهب، وليس لديهم نيّة لنشر الاسلم في سلوفينيا أو البقاء فيها.
لهذا السّبب اعتبر السّلوفينيّين هذه الفترة جزءًا أسودًا من تاريخهم، ولكن مع بناء ما يكفي من الحصون، وتطوير استراتيجيّات أفضل للجيش، توقّفت الغزوات التّركيّة بحلول نهاية القرن السّادس عشر. على الرّغم من عدم وجود مستوطنات للمسلمين، أو مساجد في سلوفينيا في تلك الفترة، إلّا أنّه هناك سجلّات حول السّلوفينيّين الذين كان لديهم سجناء مسلمون في قلعة العاصمة ليوبليانا، حيث حاولوا إجبارهم على اعتناق المسيحيّة، ولكن من دون جدوى.
بداية انتشار الاسلام في سلوفينيا
في وقت لاحق، كان هناك اتّصال قليل جدًّا مع المسلمين، وكان هذا الاتّصال مع عدد قليل من الأفراد، أحد الأمثلة المحترمة على ذلك حصل في مدينة سكوفيا لوكا، وهي مدينة تقع في شمال سلوفينيا، وفيها صورة لوجه الشّخص الأسود على معطف المدينة العسكريّ، ويُعتَقد أنّ هذا الرّجل كان مسلمًا أنقذ سيّده، وهو الذي أمر في المقابل بوضع وجهه على المعاطف العسكريّة.
جاءت الموجة التّالية من الهجرة الإسلاميّة إلى سلوفينيا في عام 1915، عندما تمّ تجنيد المسلمين البوسنيّين كجنود للإمبراطوريّة النّمساويّة المجريّة، وجُلبوا إلى الحدود الغربيّة لسلوفينيا حيث مات الكثير منهم، إلى أن انتهى القتال في نهاية الحرب العالميّة الأولى، توجد مقابرهم على طول الخطّ الأماميّ، وبدون أسماء على شواهد القبور.
المساجد في سلوفينيا
بين عاميّ 1916 و1920، كان هناك مسجد واحد فقط في سلوفينيا، وهو مسجد لوغ بود مانغارتوم، وقد بناه مسلمون بوسنيّون، ولكنّه هُدم في فترة الاحتلال الإيطاليّ للمنطقة، وأصبح المبنى مُتهالكًا، ولم يبق منه إلّا ثماني صور محفوظة من قِبل المواطنين المحليّين. كان في المسجد أيضًا مكتب مفتٍ عسكريّ في ليوبليانا، خلال الحرب العالميّة الأولى، ودعا المسلمين إلى صلاة الجمعة، ولكنّه في فترة أخرى أصبح ديرًا، واليوم هو مسرح صيفيّ.
المسلمون في سلوفينيا زمن الشّيوعيّة
غالبيّة المسلمين الذين يعيشون في سلوفينيا اليوم، أو تسعون في المئة منهم، قدموا أصلًا من البوسنة، وألبانيا، وكوسوفو في الخمسينات والستّينات من القرن الماضي كعاملين بهدف إيجاد حياة أفضل، كانوا يعمل هؤلاء المسلمون عادّة في حقول الألغام، أو أعمال البناء، أو في السّياحة، أو في الجيش اليوغوسلافيّ كجنود، ولكنّ حياتهم في ظلّ الشّيوعيّة لم تكن سهلة على الإطلاق؛ إذا واجه المسلمون مشاكل كبيرة، وخاصّة أولئك الذين كانوا يُطبّقون الاسلام في سلوفينيا بشكل صريح. ممّا اضطرّ النساء إلى عدم لبس الحجاب، وتمّ تحويل العديد من المساجد إلى مخازن، أو مصانع، أو متاجر، أو كانت تُغلق بكلِّ بساطة، ونتيجة لذلك كان عدد قليل من المسلمين فقط يؤدّون الصّلاة، وكان الحصول على إذن للذّهاب إلى الحجّ بمثابة معجزة.
المسلمون في سلوفينيا حاليًّا
يُشكّل مُتّبعوا الاسلام في سلوفينيا حاليًّا حوالي 2.4% من مجموع السّكّان البالغ عددهم مليونيّ نسمة، وتقريبًا عددهم 50.000 مسلم. تضمُّ الجماعة الإسلاميّة في سلوفينيا 18 جالية صغيرة، ولها مساجد في جميع أنحاء البلاد، ولكن حتّى وقت قريب، لم يكن تصميم أيّ منها على غرار مساجد الشّرق الأوسط، وحاليًّا بعد طلب الإذن لمدّة 44 عامًا، بدأ بناء مسجد جديد في العاصمة ليوبليانا، وتمّ افتتاحه في عام 2016، وهو مبنًى حديث، ليس فقط للصّلاة، ولكن أيضًا لإلقاء المحاضرات، وفيه مطعم حلال، ومكتبة، وموقف سيّارات كبير، وفصول دراسيّة، بالإضافة إلى العديد من المرافق.
الصّعوبات التي تواجه المسلمين في سلوفينيا
إنّ البوشناق المسلمون غير معترف بهم كأقلّيّة من قِبل سلطات سلوفينيا، ويواجهون مشاكل أثناء ممارسة حقوقهم بما في ذلك استخدام اللّغة، وتعليم لغتهم الأمّ، أو المشاركة في الشّؤون العامّة، كما يواجهون استبعادًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا، ويعود ذلك جزئيًّا إلى التّحيّز على نطاق واسع، والتّمييز الخفيّ، بالإضافة إلى أنّ بعض المسلمين لا يملكون أوراق إقامة، وبالتّالي لا يحصلون على الخدمات الأساسيّة مثل الرّعاية الصّحّيّة، والمعاشات التّقاعديّة، بالإضافة إلى أنّه لا يوجد مرافق كافية لممارسة الاسلام في سلوفينيا بشكل كافٍ، إذ لا يوجد إلّا مسجد واحد في العاصمة، ونتيجة لذلك فإنّ معظم المسلمين لا يُفصحون عن دينهم.