الاسلام في مالي… معلومات عامّة عن مالي وعن الاسلام في مالي

الاسلام في مالي… معلومات عامّة عن مالي وعن الاسلام في مالي

by محمود عاطف

يُشكّل الاسلام في مالي نسبة كبيرة، حيث يبلغ عدد المسلمين 11 مليون نسمة، أي حوالي تسعين في المئة من عدد سكّان مالي الإجماليّ، ومالي أكبر دولة في غرب إفريقيا، وتمتلك مكانًا خاصًّا في التّاريخ الإسلاميّ والإفريقيّ.

وضع الاسلام في مالي زمن منسا موسى

كانت فترة حُكم منسا موسى بين (1312-1337)، ووصف بأنّه حاكم مستقيم، ومتسامح مع الأديان الأخرى، وسخيّ، ولكنّه يميل إلى القوّة في ما يخصُّ الالتزام بالقانون، والمنح الدّراسيّة. أسّس منسا المدارس، وجامعة سانكور في تمبكتو، وكانت مالي تتمتّع بذروة قوّتها السّياسيّة وإنجازاتها الثّقافيّة، وازدهرت التّجارة، والابتكارات المعماريّة في غاو، وتمبكتو، ونياني، وجميع أنحاء مالي، ويُقال إنّ السّفر حول مالي في زمنه كان يستغرق سنة كاملة، وذَكَر الرّحالة ابن بطوطة في القرن الرّابع عشر، أنّه استغرق ما يُقارب الأربعة أشهر للسّفر من الحدود الشّماليّة إلى الحدود الجنوبيّة لمالي.

قام منسا ببناء مسجد في غاو لخدمة الاسلام في مالي، وهو مصنوع من الطّوب المحترق، وفي ذلك الحين، لم يكن استخدام الطّوب المحروق شائعًا للبناء في غرب إفريقيا، وبقي الإعجاب بهذا المسجد حتّى وقت مُتأخّر من القرن السّابع عشر. لقد تحمّل رعايا منسا المبادئ الأخلاقيّة والدّينيّة التي درَّسها بعد وفاته حوالي 1332.

إلى جانب تشجيع التّجارة، والتبادل التّجاريّ في زمن منسا موسى، تلقّى التّعليم والفنون رعاية ملكيّة، وكان العلماء المهتمّين بالعلوم الإسلاميّة، وعلوم القرآن الكريم، والقانون، يعلّمون في مسجد تمبكتو في سانكور، وهم من وضع أساسًا لجامعة سانكور.

وضع الاسلام في مالي زمن منسا موسى

وضع الاسلام في مالي زمن منسا موسى

انتشار الاسلام في مالي

خلال القرن التّاسع، جلب التّجّار المسلمون من البربر والطّوارق الإسلام إلى غرب إفريقيا، عبر الطّرق التّجارية التي كانت تمرُّ عبر الصّحراء، ومن المدن التّجاريّة على الحافّة الشّماليّة للصّحراء، حمل المسلمون الإسلام والسّلع والأفكار الجديدة إلى الثّقافات التي تبعد حوالي 1000 ميل جنوبًا، وأدّت هذه التّجارة إلى تحوّل بطيء إلى الإسلام ولكنّه ثابت، للكثير من سكّان مالي الأصليّين، وبحلول نهاية القرن العاشر، كانت الثّقافة الإسلاميّة منتشرة في موريتانيا.

انطلق المسلمون بعد موريتانيا جنوبًا إلى وادي نهر السّنغال، وإلى الجنوب الشّرقيّ حتّى نهر النيجر، حيث تحوّل المزيد من النّاس إلى الإسلام، وهكذا انتشر الإسلام من حوافِّ إفريقيا إلى داخلها. بالنّسبة للممالك الإفريقيّة في العصور الوسطى، وخاصّة مالي وسونغي، جلب الإسلام لها شهرة دوليّة ومكانة مُحترمة، وأصبحت مدن مثل تمبكتو، وغاو، وكانو، مراكز دوليّة للتّعليم الإسلاميّ.

انتشار الاسلام في مالي

انتشار الاسلام في مالي

حال الاسلام في مالي

الاسلام في مالي متسامح ومتكيّف مع الظّروف المحلّيّة، وتشارك المرأة في النّشاط الاقتصاديّ والسّياسيّ، وتشارك في التّفاعل الاجتماعيّ، وعمومًا لا ترتدي المسلمات في مالي الحجاب. لا يُطبّق الاسلام في مالي بشكل صافٍ تمامًا، فهو مُختلط كثيرًا بالتّقاليد والعادات الإفريقيّة في مالي، مثل تبجيل الأسلاف، والإيمان بالمعتقدات الرّوحيّة التّقليديّة التي ما زالت مُزدهرة، وكُلُّ هذه الاعتقادات مسموحة في قوانين مالي.

علاقات المسلمين بغيرهم في مالي

العلاقات بين الأغلبيّة المسلمة، والأقلّيّات المسيحيّة، والأقلّيّات الدّينيّة الأخرى بما في ذلك ممارسوا الدّيانات الأصليّة التّقليديّة، هي علاقات ودّيّة، ويُمكن أن تضمَّ العائلة الواحدة مجموعة متنوّعة من العقائد، ويحضر العديد من أتباع الدّيانات الاحتفالات الدّينيّة للأديان الأخرى، وخاصّة حفلات الزّفاف، والتّعميد، والجنازات.

يعمل دعاة الاسلام في مالي في شمال البلاد، بينما توجد المساجد المرتبطة بدعوة الجماعة الإسلاميّة في كيدال وموبتي وباماكو. وقد اكتسب حزب الدّعوة مؤيّدين من الذين كانوا في الماضي عبيدًا لنبلاء الطّوارق، وكذلك اكتسبوا شهرة بين الشّباب العاطلين عن العمل.

تيارات الاسلام في مالي

مع اندلاع الاضطرابات السّياسيّة والعنف في مالي، اكتسب فهم تيارات الاسلام في مالي اهتمامًا دوليًّا، وقد جذب انتباهًا عامًّا كبيرًا؛ حيث سعى الصّحفيّون في جميع أنحاء العالم إلى وصف وضع الاسلام في مالي إلى العالم، وهناك فجوة كبيرة في فهم تيارات الاسلام في مالي وهي التّيار المُتشدّد، والتّيّار الصّوفيّ الإفريقيّ، ويُمكن اعتبار هذا التّصنيف إشكاليًّا، وغير مُكتمل أوّلًا لأنّ مصطلح صوفيّ له تاريخ طويل ومعقّد، وقد رفض البعض إطلاق هذه الاسم عليهم لأنّه نتاجٌ للاستشراق، ويُستخدم للتّعبير عن ممارسة غير مُتديّنة، وغير واعية بالإسلام، وعدد الصّوفيّين في مالي مُبالغ به كثيرًا، فغالبيّة المسلمين هنا من الطّائفة السُّنّيّة، أمّا الصّوفيون الذين يعيشون في مالي، فقد هاجروا من السّنغال.

يندمج المسلمون في مالي مع بعضهم من دون تفريق واضح في أماكن السّكن، أو في المساجد، أو في الخدمات، مع أنّ بعضهم يتّبع اتّجاهًا مُتشدّدًا أكثر من غيره، إلّا أنّهم غير مُنقسمين. مع استمرار الصّراع في مالي، لا بدّ أنّ تظهر العديد من الأخبار التي تُعزّز الفروقات بين الفرق الإسلاميّة في الشّرق الأوسط وإفريقيا، ولكن لا ينبغي قبول هذه المعلومات على أنّها صحيحة، لأنّه بحسب الدّراسات الإثنوغرافيّة على الاسلام في مالي فإنّ المسلمين يحترمون الذين ينتمون إلى تيّارات مختلفة من الإسلام، ويديرون هذا الاختلاف دون الخضوع للعزلة أو العنف.

المراجع :

You may also like

Leave a Comment