الاسلام في مقدونيا… معلومات عن الاسلام في مقدونيا قديمًا وحاليًّا

يُشكّل الاسلام في مقدونيا حوالي 30-35% من مجموع سكّان مقدونيا الإجماليّ، ويبلغ عدد المسلمين حوالي مليوني نسمة. تُعتبر جمهورية مقدونيا واحدة من البلدان التّقليديّة في أوروبا الشّرقيّة، ومثل بلاد البلقان الأخرى، فإنّ لها تاريخًا طويلًا من التّقاليد المتعدّدة والثّقافات، بالإضافة إلى أنّها مُتعدّدة الأعراق والدّيانات، وكان المُجتمع المقدونيّ مُستقرًّا نسبيًّا على مرّ القرون.

المجتمع في مقدونيا

يُمثّل المقدونيون من أصل ألبانيّ الأغلبيّة داخل المجتمعات المقدونيّة المسلمة، وتبلغ نسبتهم بين غيرهم من المسلمين حوالي 72%، أمّا المقدونيون من أصل تركيّ فيُشكّلون 11%، ومن الأصل الرّومانيّ حوالي 8%، بما أنّ المسلمين المقدونيين عاشوا لأكثر من قرن في حدود الإمبراطوريّة العثمانيّة الشّاسعة، التي كانت تعتبر دولة إسلاميّة إلى أن نشبت حرب البلقان في عام 1912، لذلك فإنّ انتشار الإسلام في مقدونيا كبير، وأعداد المسلمين فيها أعلى من غيرها من دول البلقان.

التّغيّير في المجتمع المقدونيّ

أحد أهمّ النّتائج لحروب البلقان هي انتهاء الحكم العثمانيّ فيها، وأدّى الغزو الصّربيّ في مقدونيا إلى انخفاض كبير في عدد المسلمين، إضافة على تنظيم حملات لمطاردة المسلمين خارج المدن والقرى المقدونيّة، وأدّت هذه الحملات إلى تغيُّر توزيع المسلمين داخل مقدونيا، ولجوئهم إلى مناطق قريبة من مناطق المسلمين في الدّول المجاورة لهم، وأصبحت المناطق الجديدة لتوزّع الإسلام في مقدونيا هي منطقة الشّمال الغربيّ، وهي المنطقة القريبة من كوسوفو، وسكنتها الأغلبيّة المسلمة الألبانيّة وكان فيهم عدد كبير من الأتراك، وفي الغرب في المراكز الحضريّة، حيث كانت المناطق المأهولة بالسّكان متاخمة لألبانيا، وفي الجنوب الغربيّ نحو المناطق المتاخمة للأجزاء الشّماليّة من اليونان الحديثة، ولا سيما المناطق ذات الأغلبيّة المسلمة الموجودة هناك أصلًا.

بسبب التّغيرات الدّيموغرافيّة المفاجئة، يعيش أكثر من ثلثيّ المسلمين المقدونيّين في المقام الأول في المناطق الشّمالية الغربيّة، وفي غرب، وجنوب غرب مقدونيا، وتوجد أكبر أعداد المسلمين في العاصمة سكوبي، تليها مُدُن كومانوفو، وتيتوفو، وغوستيفار، وكيسيفو، وديبار، وريسين، وستورغا، وأوهريد، أمّا الثّلث الآخر من المسلمين المقدونيين فيتمّ توزيعه بالتّساوي تقريبًا في أجزاء مختلفة بين ريف مقدونيا ومناطقها الحضريّة.

انتشار الاسلام في مقدونيا

أحد المفاهيم الخاطئة الكبيرة والمهمّة حول ظهور الاسلام في مقدونيا هو أنّ أوّل ظهور للإسلام يعود إلى القرن الرّابع عشر، وذلك بسبب توسّع الإمبراطوريّة العثمانيّة، ولكنّ البحث الحديث يؤكّد أنّ السّكّان الأصليّين لهذا الجزء من أوروبا (شبه جزيرة البلقان) بدأوا في اعتناق الإسلام خلال القرن السّابع، وخلال القرن الثّامن، أصبح الإسلام متجذّرًا بعمق في جنوب شرق شبه جزيرة البلقان وهي مقدونيا الحديثة.

بدأت الحضارة الإسلاميّة في الأندلس في عام 710 ميلاديّ، في شبه الجزيرة الإيبيريّة، وهذا يثبت أنّ الإسلام كدين وحضارة بدأ بالتّأثير على الأرض الأوروبيّة قبل ثلاثة قرون في أجزاء عديدة من أوروبا، وقبل أن تعتنق المناطق الإسكندنافيّة، المسيحيّة، وحتّى قبل أن تنتشر المسيحيّة في روسيا، ودول شمال ووسط أوروبا.

المسلمون في مقدونيا

من المُسلَّم به أنّ مسلمي مقدونيا، مثل إخوانهم من مسلمي البلقان، هم السُّكّان الأصليّون لأوروبا، وعملوا باستمرار على إثراء الحضارة الإسلاميّة والتّاريخ والثّقافة على مدى القرون الثّلاثة عشر الماضيّة، وتوفّر هذه الفترة التّاريخيّة أدلّة قويّة تدحض بشدّة الادّعاءات المنتشرة بأنّ الإسلام مغترب غير مرغوب فيه في أوروبا، وبأنّ المسلمين غرباء، وبأنّ ليس لهم الحقّ في العيش في أوروبا، وأنّ الثّقافة والتّقاليد الإسلاميّة هي العدوّ اللّدود لما يسمّى بالثّقافة الأوروبيّة الأصليّة.

والمسلمون الذين يعيشون حاليًّا في مقدونيا، والمسلمون في شبه جزيرة البلقان، بما في ذلك سكّان الجزء الأوروبيّ من تركيا، وبلغاريا، ورومانيا، واليونان، وألبانيا، وصربيا، وكوسوفو، والبوسنة والهرسك، والجبل الأسود، وكرواتيا، هم بلا شك جزء من الأوروبيين الأصليين في المنطقة.

المسلمون في مقدونيا
المسلمون في مقدونيا

مؤسّسات الاسلام في مقدونيا

أُسّست في مقدونيا جمعية المسلمين المقدونيين، المعروفة أيضًا باسم دار الإفتاء، وهي عامل مهمٌّ في المساعدة على الحفاظ على موقف الإسلام ومظاهره وممارساته القانونيّة، وتدير هذه المؤسّسة الإسلاميّة شؤون المسلمين المقدونيين وتدافع عن حقوقهم كمواطنين من مقدونيا.

في مقدونيا العديد من المنظّمات الثّقافية والتّربويّة، فضلًا عن دور النّشر ومنظّمات الإغاثة، التي تركز على رعاية المسلمين وعلى التوعية، كما تهدف إلى الاحتفاء بالثّقافة الإسلاميّة، والدّفاع عن الحقوق الدّستوريّة المشروعة للمسلمين، والحفاظ على الحقوق وفقًا للتّربية والتّعليم الإسلاميين.

لدى مقدونيا حوالي ستمئة مسجد، تفتح 580 منها أبوابها للمصلّين على أساس منتظم، ووفقًا لبعض الإحصاءات الموثوقة، فإنّ عدد المسلمين الذين يمارسون شعائر الإسلام على أساس منتظم يبلغ نحو 230 ألفًا، ويؤدّي حوالي 350 ألف مصلٍّ صلاة الجمعة كلَّ أسبوع، كما يستفيد المسلمون المقدونيون من خطب الجمعة والتّربية الدّينيّة في المساجد والمدارس الإسلاميّة، التي يتمّ إجراؤها باللّغات الألبانيّة، والتّركيّة، والمقدونيّة، والبوسنيّة، والغجريّة.

مؤسّسات الاسلام في مقدونيا
مؤسّسات الاسلام في مقدونيا

المراجع

http://studies.aljazeera.net/en/reports/2013/10/20131088412517496.html

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *