الاسلام في مالطا… معلومات عامّة عن انتشار الإسلام في مالطا قديمًا وحاليًّا
أثّر الاسلام في مالطا تأثيرًا تاريخيًّا عميقًا عليها، وخاصّة على لُغتها، وزيادة إنتاجها الزّراعي؛ نتيجة سيطرة المُسلمين على جُزُرها، واليوم يوجد في مالطا مُنظّمتين إسلاميّتين، هما جمعية الدّعوة الإسلاميّة العالميّة اللّيبيّة، والجماعة الإسلاميّة الأحمديّة، على الرّغم من أنّ الإسلام أُعيد إلى مالطا خلال النّصف الثّاني من القرن العشرين. قبل انتشار الاسلام في مالطا والحكم الإسلاميّ، كانت المسيحيّة الشّرقيّة بارزة فيها، خلال فترة الحكم البيزنطيّ(533-869)، وظلّت ذات أهمّيّة خلال الفترة الإسلاميّة (870-1090).
انتشار الاسلام في مالطا
يُعتقد أنّ انتشار الاسلام في مالطا يعود إلى زمن الأغالبة الذين حكموا شمال إفريقيا، وأسّسوا عاصمتهم في (مدينا)، بعد وصولهم من صقلية عام 870، كجزء من انتصارات العرب في الحروب البيزنطيّة، وتمّ توسيع الحصن الرّوماني القديم، الذي أصبح فيما بعد حصن سانت أنجيلو، ولكنّ آراء أخرى تقول إنّ الجُزر جاء إليها المسلمون في وقت سابق من القرن التّاسع، وربّما في القرن الثّامن.
وفقًا لما أورده المؤرّخ العربيّ الجغرافيُّ محمد بن عبد المنعم الحميريّ، مؤلّف كتاب الرّوض المعطار: بعد الفتوحات الإسلاميّة، لم تكن مالطا مأهولة بالسُّكّان، إلى أن استعادها المسلمون القادمون من صقلية في عام 1048- 1049، أو ربّما قبل عدّة عقود سابقة.
الاسلام في مالطا خلال فترة العصور الوسطى (1091-1224)
- كانت مالطا ونوتو التي تقع على الطّرف الجنوبيّ من صقلية، آخر موطئ عربيّ في المنطقة، يسقط في يد المسيحيّين، في فترة الفتح النّورمنديّ في عام 1091، في البداية تمّ الاحتفاظ بالإدارة العربيّة، وسُمح للمسلمين بممارسة الاسلام في مالطا بحرّيّة حتّى القرن الثّالث عشر، في المُقابل سمح النورمان للأمير بالبقاء في السّلطة، ولكن يتوجّب عليه تقديم عدد مُحدّد من البغال والخيول والذّخائر، وفي هذه الحالة استمرّ المسلمون بالسّيطرة على اقتصاد مالطا لمدّة 150 عامًا على الأقل، بعد الغزو المسيحيّ.
- في عام 1122، شهدت مالطا انتفاضة المسلمين.
- في عام 1224، أرسل الإمبراطور الرّومانيّ المقدّس فريدريك الثّاني، حملة استكشافيّة ضد مالطا؛ لإقامة سيطرة ملكيّة، ومنع السّكّان المسلمين من مساعدة تمرُّد إسلاميّ في مملكة صقلية.
- أدّى غزو النّورمانديّين إلى التّأقلم التّدريجيّ والتّأسيس الرّاسخ للكاثوليكيّة الرّومانيّة في مالطا، بعد الهيمنة الشّرقيّة الأرثوذكسيّة والإسلاميّة عليها في السّابق.
- وفقًا لإحصاء عام 1240 أو 1241، الذي قام به الحاكم الملكيّ لفريدريك الثّاني من صقلية (جيلبيرتو أباتي)، كان في جُزر ما لطا وغوزو 836 عائلة مسلمة، و250 عائلة مسيحيّة، و33 عائلة يهوديّة.
- في عام 1266، تمّ تسليم مالطا إلى شقيق الملك لويس التّاسع تشارلز أنجو، الذي احتفظ بها حتّى عام 1283، ولكن خلال حكم تشارلز أصبح التّعايش الدّينيّ غير مستقرٍّ في مالطا، حيث كان لديه تعصّب حقيقيّ للأديان الأخرى غير الكاثوليكيّة الرّومانيّة، ومع ذلك، بقيت روابط مالطا مع إفريقيا قويّة، حتّى بداية الحكم الإسبانيّ عام 1283.
- بحلول نهاية القرن الخامس عشر، اضطرّ جميع المسلمين في مالطا إلى التّحوِّل إلى المسيحيّة، وكان عليهم إيجاد طرق لإخفاء هوياتهم السّابقة.
الاسلام في مالطا فترة فرسان القدّيس يوحنا
كان فترة فرسان القدّيس يوحنا (1530-1798) فترة صعبة من تاريخ الاسلام في مالطا حيثُ استخدم الآلاف من المسلمين كعبيد، وكان يتمُّ القبض عليهم في غارات بحريّة، وكانت هناك أيضًا حملة ناجحة، للتّأكيد على الرّوابط التّاريخيّة لمالطا مع إفريقيا والإسلام.
زيادة الاسلام في مالطا
عندما أصبحت اللّغة العربيّة موضوعًا إلزاميًّا في المدارس المالطيّة، أرسلت الدّول العربيّة مثل ليبيا، ومصر، والكويت معلّمين لتدريس اللّغة العربيّة في مالطا، وجلب الكثير من هؤلاء المعلّمين عائلاتهم معهم، وتمّ افتتاح مدرسة للأطفال العرب فيما بعد، وفي وقت لاحق افتُتحت كلّيّة عربيّة، واكتسبت مالطا سمعة جيّدة بأنّها مركز هامّ للطّباعة العربيّة.
مع الوقت أصبح هناك زيجات بين المالطيّين والعرب، وكثير من هذه الحالات كانت مصحوبة بتغيّير الدّين من المسيحيّة إلى الإسلام، وهكذا بدأ يظهر مجتمع إسلاميٌّ جديد، يُشبه الأقلّيّات المسلمة في البلدان الأوروبيّة الأخرى، ومهما كانت هذه الجالية صغيرة، إلّا أنّها استمرّت في تأكيد وتعزيز وجودها.
المركز الثّقافي الإسلاميّ في باولا
في عام 1971، كانت إدارة العمل في مالطا في حالة يُرثى لها، لذلك طلبت المساعدة الماليّة من ليبيا، ومنذ ذلك الحين أصبحت مالطا على علاقات ودّيّة جدًّا مع ليبيا، والدّول العربيّة الأخرى، ولكنّ النّزاع في أوائل الثّمانينيات بين مالطا وليبيا، على الجرف القاريّ، أثّر مؤقّتًا على العلاقات الودّيّة بين البلدين. بدأت جامعة الدّول العربيّة إرسال المساعدات إلى مالطا، وتمّ إنشاء غرفة للتّجارة العربيّة المالطيّة، وسعى العديد من المالطيّين للعمل في ليبيا، والكويت، والمملكة العربيّة السّعوديّة، ودول إسلاميّة أخرى.
في عام 1973، أرسلت جمعيّة الدّعوة الإسلاميّة العالميّة طلبًا للحصول على قطعة أرض في كوردين في مالطا، بهدف إنشاء مركز إسلاميّ هناك، ومنحت الحكومة الإذن لبناء المركز، الذي يتكوّن من مسجد فيه قاعات متجاورة، وغرف لأغراض دينيّة وثقافيّة، ومن بين مرافقه، توجد مكتبة إسلاميّة.
المراجع