مقدّمة
الإمام البخاري هو مُحدِّثٌ شهير مع الإمام أحمد، والإمام مسلم، وأبو داود، والتّرمذيّ، والنَّسائيّ، وابن ماجه. وقد تم الاتفاق بالإجماع على أنّ صحيح الإمام البخاري هو الأكثر أصالة من بين جميع كُتُب الحديث الأخرى مجتمعة، ومتَّفق عليه بالإجماع أنّه هو الكتاب الأكثر صِحّة وأصالة بعد القرآن الكريم.
اسم البخاري ونسبه
الاسم الكامل للإمام البخاري هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفيّ البخاري، استقرّ جدُّهُ الكبير المُغيرة في بُخارى بعد إسلامه. ولد البخاري يوم الجمعة 13 من شهر شوّال من عام 194 للهجرة، في مدينة بخارى أي أوزبكستان حاليًّا، كان والده عالمًا إسلاميًّا وتعلّم على يد عدد من أشهر العلماء بمن فيهم الإمام مالك بن أنس، وتوفّي والد الإمام البخاري عندما كان رضيعًا وتحمّلت أمُّه كامل مسؤوليّة تعليمه.
طلبُه للعلم
بدأ الإمام البخاري دراسة الحديث بينما كان شابًّا، وأكمل دراسته وخاصّة دراسة الحديث عندما كان في بُخارى، وعندما كان في سنِّ السّادسة عشرة أتمّ حفظ العديد من كتب العلماء المشهورين بما في ذلك كتاب الواقي لعبد الله بن المبارك، إلى جانب حفظه للحديث الشّريف وكُتب العلماء الأوائل، حفِظ البخاري سِيَر جميع الرّواة الذين شاركوا في نقل الحديث الشّريف، وتاريخ ولادتهم وموتهم، ومكان ولادتهم وما إلى ذلك.
زار البخاري مكّة مع أمّه وأخيه لأداء فريضة الحجّ عندما كان في سنِّ الثّامنة عشرة، وبعد الانتهاء منها عادت أمّه وشقيقه إلى بخارى، بينما بقي هو في مكّة لمواصلة التّعليم، أمضى عامين في مكّة وتعلّم فيها الحديث من العلماء والدّراسات الدّينيّة الأخرى، ثّمّ ذهب إلى المدينة المنوّرة وبقي فيها أربع سنوات، دَرس فيها الفقه ومزيدًا من علم الحديث، وبعدها غادر إلى الكوفة وبغداد ومصر والشّام، وقال عن مسيرته التّعليميّة:
“سافرت لطلب العلم إلى مصر والشّام مرّتين، وإلى البصرة أربع مرّات، وأمضيت ستَّ سنوات في الحجاز، وغادرت إلى الكوفة وبغداد في مناسبات عديدة برفقة المُحدّثين”.
ذاكرة البخاري وعقله
كانت ذاكرة الإمام البخاري قويّة للغاية ومنذ وقت مبكّر ظَهر نبوغُه في الحفظ غير المسبوق، واكتسب المعرفة الدّينيّة في وقت مُبكّرح حيث حفظ سبعين ألف حديث، وازداد هذا الرّقم مع تقدُّمه في العمر ليصل إلى ثلاثمئة ألف حديث، ويقول عنه شقيقه راشد:
“اعتاد الإمام البخاري أن يذهب معنا إلى علماء البصرة للاستماع إلى الأحاديث، وكنّا جميعًا ندوّن الأحاديث لنحفظها ما عدا الإمام البخاري، بعد بضعة أيّام قال لنا: لقد أهدرت وقتًا في الجلوس وعدم طلب العلم، وقرأ علينا أكثر من خمسة عشرة ألف حديث، وكان من بينها ما تعلّمناه حديثًا. لم يكن البخاري يعتمد على الورقة والقلم بقدر ما كان يعتمد على ذاكرته الحادّة التي كانت هديّة من الله”.
قال محمد بن الأزهر السّجستانيّ:
كنت أذهب إلى سليمان بن حرب برفقة الإمام البخاري للاستماع إلى الأحاديث، واعتدت أن أكتب الأحاديث لكنّ الإمام البخاري لم يكن يكتُبها، وقال لي أحدهم: لماذا لا يكتب البخاري الأحاديث، فقلت له: إذا فاتتك كتابة أيِّ حديث، يمكنك الحصول عليه من ذاكرة الإمام البخاري.
لاختبار ذاكرته النّادرة، قرّر عدد من الأشخاص عندما زار البخاري بغداد أن يقوموا برواية مئة حديث أمامه، ولكن بتغيير سلسلة الرّواة ونصّ الحديث وفي كُلّ مرّة كان يُجيب الإمام البخاري: ليس على حدِّ علمي أنّه كذلك، وبعد أن انتهوا أعاد رواية الأحاديث التي أخبروه بها، ثُمّ روى لهم النّصَّ الصّحيح لكلِّ حديث.
صفات الإمام البخاري
- الذّاكرة المُذهلة كما ذُكر سابقًا.
- الكرم: لقد ترك والد البخاري له ثروة قبل وفاته، ولكنّه كان كريمًا جدًّا ويُنفق بسخاء في سبيل الله، وفي النّهاية لم يكن لديه نقود يُكمل بها حاجات يومه.
- البساطة والتّواضع: كان البخاري شخصًا مُتواضعًا، واعتاد العناية باحتياجاته الخاصّة، على الرغم من كونه رجلًا شريفًا، كان عنده دائمًا عدد قليل من الخدم.
- الورع: كان البخاري بأعلى درجات التّقوى والصّلاح والخوف من الله سُبحانه وتعالى، وكان يُبقي نفسه بعيدًا عن الغيبة والشّك ويحترم دائما حقوق النّاس، كان مهذّبًا جدًا، ومتسامحًا ولطيفًا ولم يكن يغضب إذا أساء إليه أحد، وكان يدعوا لهم بالمغفرة، وكان ينصَحُ الأشخاص خفيةً.
شيوخه:
التقى الإمام البخاري طوال رحلاته التّعليميّة بعدد كبير من الشّيوخ، وقال عن نفسه إنّه تعلّم الحديث على يد أكثر من ألف مُعلّم، وجميعهم خُبراء في الحديث الشّريف، ومنهم:
- علي بن المديني.
- الإمام أحمد بن حنبل.
- يحيى بن معين.
- محمد بن يوسف الفارابي.
- محمد بن يوسف البيكندي.
- إسحاق بن راهويه.
وفاته
توفّي الإمام البخاري عن عمر يناهز 62 سنة في كارتينج بسمرقند، وقبره موجود فيها.
المراجع
https://www.islamicfinder.org/knowledge/biography/story-of-imam-bukhari/