سيرة حياة ابن جرير الطبري… ومولده ونشأته وتعليمه وحياته العملية وميراثه العلمي

سيرة حياة ابن جرير الطبري… ومولده ونشأته وتعليمه وحياته العملية وميراثه العلمي

by محمود عاطف
سيرة حياة الطبري

أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ولد عام 224 للهجرة، وهو أحد أبرز العلماء الفارسيّين في الفترة العبّاسيّة المُبكّرة، وهو مُفسّر مشهور للقرآن الكريم، وبعض كُتُبه لا تزال موجودة إلى الآن.

سيرة حياة الطبري

سيرة حياة الطبري

سيرة الطبري الذّاتيّة

على الرّغم من أهمّيّة أعمال الطبري، وأهمّيّة معرفة سيرته الذّاتيّة إلّا أنّ القليل جدًّا من المصادر التّاريخيّة وصفت سيرته الذّاتيّة، وهناك فقط معلومات قليلة ثمينة تأتي من مصادر معاصرة أو شبه معاصرة له. الطبري مثل الكثير من عُلماء عصره نادرًا ما تحدّث عن سيرته الشّخصيّة، وجميع ما يُعرف عن سيرته نُقِلَ من أولئك الذين عاصروه، أو من تلاميذه مثل الشّيخ أحمد بن كامل، وأكثر أخباره مُنتشرة في كُتب المؤرّخين مثل الخطيب البغداديّ، وابن عساكر، وياقوت الحمويّ، والأخبار الموجودة في كُتُبهم تتحدّث بشكل عامٍّ عن شيوخه، وتلاميذه، ومؤلّفاته، وليس عن تفاصيل حياته التي تكوّن صورة كاملة ومُرضية له، أو من شأنها تسليط الضّوء على مؤلّفاته وتأثيرها في وقتها، ومعظم هذه السِّيَر كُتِبت في وقت كان فيه صيتُ الطبري ذائعًا جدًّا، وسمعته طيبّة، وكانت أعماله مشهورة ومُعتمدة ولم يكن هناك مجال لذكر أيّ عتراض عليها أو انتقاد له.

سيرة الطبري الذّاتيّة

سيرة الطبري الذّاتيّة

مولد الطبري ونشأته

تتّفق المصادر على أنّ الطبري ولد في مدينة آمُل، وهي بلدة في السّهول الوسطى تقع على السّاحل الجنوبيّ لبحر قزوين، وكانت مركزًا حضريًّا تحت مظلّة الخلافة العبّاسيّة، وسرعان ما أصبحت آمُل العاصمة السّياسيّة والاقتصاديّة لطبرستان، بالإضافة إلى أنّها مركز إسلاميٌّ، ولكنّها كانت بؤرةً للتّوتّرات بين المُسلمين والفارسيّين، وكانت هذه المشاكل في ذُروتها وقت ولادة الطبري.

فيما يتعلَّق بالخلفيّة الاجتماعيّة للطبري كانت أسرته تتمتّع بعلاقات جيّدة نسبيًّا، أمّا بالنّسبة للطبري نفسه، فهناك بعض الحكايات تُشير إلى أنّه كان يعاني من ضائقة ماليّة في بعض الأحيان، ولكنّها كانت نادرة ومؤقّتة، وبسبب بعض الظّروف الاستثنائيّة، ولكن على العموم كانت حياته مُريحة إلى حدٍّ كبير أغلب أوقات حياته.

التّعليم

المصادر التّي تذكُر تعليم الطبري قليلة مثل التي تضّمنت سيرته الذّاتيّة، ولكنّ الطبري تمتّع بموهبة هائلة للتَّعلُّم منذ ولادته، وادّعى تلميذه أحمد بن كامل أنّ والده قد رأى في منامه والطبري لا يزال صغيرًا، أنّ الطبري كان يقف أمام النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يحمل كيسًا من الحجارة التي نثرها باتجاهه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وقال له المُفسّر أنّ هذا الطّفل سيكون عالمًا كبيرًا، وهذا التّفسير كان كافيًا لإقناع الأب لدعم تعليم ابنه الدّينيّ، ولكنّ توقّعات المُفسّر غير مُبرّرة لأنّ الطبري كان نابغة منذ الصّغَر؛ فقد حفظ القرآن الكريم في سنِّ السّابعة، وكان يؤمُّ بالمُصلّين في سنِّ الثّامنة، وكان مُحدِّثًا وهو في سنِّ التّاسعة.

بعد أن أنهى الطبري تعليمه الابتدائيّ، بقي والده يُنفق على تعليمه خارج مدينة آمُل في مدينة الرّيّ، وكانت أهمّ مدينة في شمال بلاد فارس، وكانت هذه الرّحلات مُهمّة لأنّ التّعليم كان عن طريق المُشافهة على يد الشّيوخ مُباشرة، وكانت زيارته لمكّة فقط لأداء الحجِّ ولم يمكث فيها لطلب العلم.

كان يأمُل الطبري أن يدرس على يد الإمام أحمد بن حنبل ولكنّه عندما وصل إلى بغداد كان الإمام أحمد قد توفّي، لذلك انتقل إلى مُدن أخرى لطلب العلم مثل البصرة والكوفة، ثُمّ انتقل إلى الفسطاط في مصر، ولكنّه عاد إلى بغداد واستقرّ فيها حتّى وفاته في عام 839 للهجرة.

حياة الطبري العمليّة

لا توجد معلومات كافية حول حياة الطبري في بغداد، ولا عن حياته الأسريّة، ولا دليلًا على أنّه تزوّج وكان لديه أطفال، وأغلب الرّوايات تقول إنّه أمضى حياته في بغداد مستمتعًا في روتين منضبط من البحث والكتابة والتّدريس والعبادة.

وفقًا لياقوت: كان الطّبري يستيقظ في وقت مُبكّر ويُصلي الفجر في المنزل، ويستمرُّ في الكتابة إلى الظّهر، ويحضُر الصّلاوات والتلاوة ومناقشة القرآن إلى وقت صلاة المغرب، ويعطي دروسًا في الفقه والقانون قبل صلاة العشاء، وبعدها يعود إلى البيت، وهكذا كان يقضي أيّامه ولياليه، ويسعى إلى تحسين نفسه، ودينه، والإنسانيّة. كان الطبري يرفض أيّ عمل يؤثّرُ على استقلاليته هذه، ولكنّ هذه الرّوايات تُبالغ في إظهار انعزاليّة الطبري، وهو لم يكن كذلك، كان بإمكانه الوصول إلى أعلى المجالس في بغداد بسهولة؛ لأنّه كان أستاذًا لابن الوزير عبيد الله بن خاقان، وكان لديه دخل ثابت، ومكتبة خاصّة، وخدمٌ، وعاش بمستوًى اجتماعيٍّ جيّد، وكان لديه أصدقاء يزورهم ويزورونه بانتظام.

ميراثه العلميّ

إن الإدعاء المتكرر في كثير من الأحيان بأنّ الطبري كان يكتب أربعين ورقة في اليوم، لمدة أربعين سنة لا يكاد يكون موثوقًا به، وهذا لا يعني إنكار أن يكون إنتاجه العلميّ غزيرًا، ولكن للأسف أغلب مؤلّفاته حول الفقه ضاعت، ولكنّ مؤلّفاته في المواضيع الأخرى سَلِمَ منها الكثير، وحصل الطبري على رتبة إمام وفقيه وكان قادرًا على إصدار أحكام قانونيّة مُستقلّة.

ميراثه العلميّ

ميراثه العلميّ

 

المراجع

http://www.iranicaonline.org/articles/tabari-abu-jafar

You may also like

Leave a Comment