سيرة حياة ابن الاثير

سيرة حياة ابن الاثير

اسمه وعائلته

أبو الحسن عليّ بن محمد، المعروف باسم عليّ عزّ الدّين بن الاثير الجزريّ. هو مؤرّخ عربيّ أو كرديّ ولد في زمن الإمبراطوريّة السّلجوقيّة الكبرى، في جزيرة ابن عمر، التي تُسمّى جزرة، وحاليًّا تقع في تركيا. ابن الاثير من مواليد عام 555 للهجرة، الموافق 1160 للميلاد، وتوفّي في مدينة الموصل في العراق عام 630 للهجرة، الموافق 1233 للميلاد.

أمضى ابن الاثير الكثير من حياته العلميّة في الموصل، وكان يتردّد إلى بغداد غالبًا، ولكن بعدما توجّه صلاح الدّين الأيوبيّ إلى سوريا، عاش ابن الاثير في حلب. شقيق ابن الاثير الأكبر هو مجد الدّين بن الاثير، كان يعمل عند حاكم الموصل، وباحثًا، وجمع أحاديث الرّسول عليه الصّلاة والسّلام الغريبة، والنّادرة في كتاب سمّاه “قصص محمد وأصحابه”. أمّا شقيقه الأصغر ضياء الدّين بن الاثير كان أديبًا، وناقدًا أدبيًّا، يعمل لدى صلاح الدّين الأيوبيّ، ولاحقًا أصبح وزيرًا لابنه المالك الأفضل.

صفاته

جاء في كتاب سير أعلام النّبلاء للإمام الذّهبيّ: كان ابن الاثير إمامًا، وعلّامة، وإخباريًّا، وأديبًا مُتفنّنًأ، ورئيسًا مُحتشمًا، وكان منزله مكانًا للعلم، وفي آخر عُمره أقبل على الحديث إقبالًا تامًّا.

شيوخه

درس ابن الاثير علي يد الكثير من الأساتذة، منهم:

مؤلّفاته

الكامل في التّاريخ

كان ابن الاثير مهتمًّا بالتّاريخ اهتمامًا كبيرًا، جعله يحفظ التّواريخ جميعها، وكان خبيرًا بالعرب وأنسابهم، ويعتبر كتاب الكامل في التّاريخ، أهمّ مُصنّف لابن الاثير في هذا المجال، ومن أهمّ كُتُب التّاريخ الإسلاميّ. تناول فيه كلّ ما يخصُّ التّاريخ العامّ للعالم الإسلاميّ، وعلى غرار باقي المؤلّفين التّاريخيّين، بدأ كتابه بالحديث عن بداية الكون، وانتهى عند سنة 628 للهجرة.

اعتمد ابن الاثير في كتابه على الموازنة بين أقاليم العالم الإسلاميّ، وذكر الأحداث التي مرّت بها، ومقارنتها، على ترتيب الأعوام، واعتمد على روايات المختصّين من كلّ إقليم، ولم ينقل كلّ ما قالوه حرفيًّا، بل كان يختار خُلاصة الحقائق المهمّة، ويستغني عن كلّ التّفاصيل العشوائيّة والثّانويّة.

يتألّف كتاب الكامل في التّاريخ من ثلاثة عشر جزءًا، وابتداءًا من الجزء العاشر، كانت الأحداث المذكورة فيه من زمن ابن الأثير، أي أنّه لم يحتَج أن يدوّن الأحداث نقلًا عن الآخرين، وذكر في هذه الأجزاء فترة الحروب الصّليبيّة، ويعتبر كتابه أحد المصادر الأصليّة لهذه الفترة.

أُسد الغابة في معرفة الصّحابة

قام ابن الاثير بتجميع سير الصّحابة، معتمدًا على جميع الكتب التي وردت فيها قصصهم وأسمائهم؛ لأنّها لم تكن مجموعة من قبله في كتاب خاصّ بها، بل كانت متفرّقة في كتب السُّنن والمغازي، وكتب التّاريخ وغيرها، حتّى الكتب التي جمعت أسماء الصّحابة، كان به العديد من المواضيع الفرعية، ولم تُركّز فقط على أخبار الصّحابة.

يُسمي المؤلّفون كتاب أُسد الغابة في أسماء الصّحابة أحيانًا باسم أخبار الصّحابة، أو معرفة الصّحابة، ويضمّ الكتاب سِير أكثر من سبعة آلاف صحابيّ. أهمّ المصادر التي اعتمد عليها ابن الاثير في مُؤلّفه هي كتاب الاستيعاب لابن عبد البر، وكتاب معرفة الصّحابة لابن منده، ومعرفة الصّحابة لأبي نعيم الأصبهانيّ.

ينقسم كتاب أُسد الغابة إلى مقدّمة، وسير الصّحابة، وسير الصّحابيّات. توضّح المقدّمة الهدف من تأليف الكتاب، والمنهج الذي اتّبعه ابن الاثير، وكيف رتّب كتابه، وذكر قائمة المراجع التي رجع إليها؛ حتّى يستغني عن ذكرها في كلّ مرّة يستخدمها، وبيّن تعريف الصّحابيّ، وعدد الصّحابة، وأورد تلخيصًا موجزًا لسيرة النّبي عليه الصّلاة والسّلام.

وقسم الصّحابة يتكوّن من ستّة أجزاء، مقسوم إلى قسمين، هما أسماء الصّحابة والكُنى التي تبدأ بكلمة أبو، والجزء الأخير ملحقاتُها. أمّا قسم الصّحابيّات فهو جزء واحد، بعد جزء الصّحابة، وذكر فيه الأسماء، والكُنى، ومُلحقاتها.

يتميّز كتاب أُسد الغابة بأنّه أكثر كتاب استقصى أخبار الصّحابة حتّى وقته، وترتيبه بحسب الحروف الهجائيّة، يجعل استخدامه أكثر سهولة من ترتيب الكتب السّابقة، التي كانت تعتمد طبقات الصّحابة، أو التّرتيب بحسب السّنوات.

حرص ابن الاثير على التّحقُّق من قصص الصّحابة التي اعتمد عليها، وحرص على ضبط تشكيل الكلمات، وشرح الألفاظ الغريبة، وأهمل كلّ الأسانيد والأنساب، لأنّها لا تخدم الموضوع الرّئيسيّ للكتاب.

حظي الكتاب بقبول العلماء واستحسانهم، فوصفه السّبكيّ بأنّه كتاب حافل، وقال الإمام النّوويّ: إنّ الشّيخ عزّ الدّين بن الاثير الجزريّ جمع كتابًا حسنًا عن الصّحابة ضمّن فيه الكتب السّابقة، وحقّق أشياء حسنة.

بالإضافة إلى:

المراجع

Exit mobile version