سيرة حياة محمد بن علي الشوكاني

سيرة حياة محمد بن علي الشوكاني

اسمه

محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، يُنسب إلى بلدة شوكان في اليمن، وتقع خارج صنعاء. ولد الشوكاني في أسرة شيعيّة على المذهب الزيّديّ، ولكنّه درس المذهب السّنيّ وتخصّص به، وعارض فيما بعد أفكار المتصوّفة، والكثير من عقائد الزّيديّة، ودعا إلى العودة إلى القرآن الكريم، والسّنّة النّبويّة.                                                                                    يُعتبر الشوكاني مُجتهدًا، ومُفتيًا، وكان يقول “لقد اكتسبت المعرفة دون ثمن، وأردّتُ أن أعطيها كذلك”، وكان يُصدر الفتوى للعامّة والباحثين والعلماء، ويعطي آراءه الشّخصيّة في المسائل التي يُسأل عنها.

إنجازاته

يعود الفضل للشوكاني في تطوير سلسلة المناهج الدّراسيّة، وذلك للحصول على درجات مختلفة من المنح الدّراسيّة، كما أنّه استخدم نظامًا صارمًا للتّحليل القانونيّ بناءً على الفكر السُّنّيّ، وكان مُصِرًّا على أنّ أيّ فقيه يجب أن يكون مجتهدًا، وكان معارضًا شديدًا للتّقليد، الذي اعتبره أحد المصائب التي بُليت بها الشّريعة الإسلاميّة.

لقد قام الشوكاني بتقويض المذهب الزّيديّ الشّيعيّ في اليمن، وانتشرت أعماله على نطاق واسع في المدارس السُّنّيّة حول العالم، كما أثّر بشكل عميق على أهل الحديث في شبه القارّة الهنديّة مثل الشّيخ محمد صديق حسن خان، وعلى السّلفيّين في المملكة العربيّة السّعوديّة، وفي جميع أنحاء العالم.

طفولته

درس في سنٍّ مبكّرة على يد والده علي بن محمد الشوكاني، الذي كان قاضيَ صنعاء، في طفولته من الصّعب التّميّيز بن اتجاهه لأحد المذهبين الزّيديّ أو لسّنيّ، فلم تظهر ملامح مذهبه السّنّيّة إلّا بعد أن أصبح عالمًا، ويتّضحُ هذا من أعماله وأسماء أساتذته في كتاب “سيرة حياة الإمام الشوكاني”.

دراسته

درس الشوكاني كُتُبًا في المذهب الزّيديّ مثل: شرح الأزهار، بالإضافة إلى الكتب السُّنّيّة مثل: صحيح البخاريّ، صحيح مسلم، سُنن التّرمذيّ، موطّأ الإمام مالك، كتاب الشّفا للقاضي عياض.

علمه

درس الشوكاني العديد من العلوم في صغره، بجانب العلوم الإسلاميّة، بدأ عمله في الدّعوة، والتّدريس، والكتابة عندما كان عمره عشرين سنة. عندما أصبح عمره ثلاثين سنة، أصبح مجتهدًا في الإفتاء، وكرّس باقي حياته لإصدار الفتاوى.

لقد كتب الشوكاني بشكل غير مسبوق في كثير من المسائل، وألّف كثيرًا من الكتب، مثل: نيل الأوطار من أحاديث سيّد الأخيار، أدب الطّلب ومنتهى الأدب، إرشاد الثّقات إلى اتّفاق الشّرائع على التّوحيد والمعاد والنّبوّات، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأصول، البحث المسفر عن تحريم كلّ مسكر ومفتر، البدر الطّالع بمحاسن من بعد القرن السّابع، التّحف في مذاهب السّلف، الدّراري المضيّة شرح الدّرر البهيّة، السّيل الجرّار المتدفّق على حدائق الأزهار، الفتح الرّبانيّ، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، القول المفيد في أدلّة الاجتهاد والتّقليد، تحفة الذّاكرين بعدّة الحصن الحصين من كلام سيّد المرسلين، شرح الصّدور بتحريم رفع القبور، فتح القدير.

شيوخه

عاصر الشوكاني الكثير من أكابر الشّيوخ في عصره، ولكنّه لم يعتمد في أخذ العلم والقراءة والكتابة إلّا على خمسة عشر شيخًا، تتلمذ على يدهم، وكانت علاقته بهم طيّبة، ومنهم:

الحسن بن إسماعيل المغربيّ، المُلقّب بشيخ شيوخ العصر، والذي أخذ عنه الكثير من العلماء، ويقول عنه الشوكاني: كان زاهدًا، وورعًا، وعفيفًا، ومتواضعًا، ومتقشّفًا، لا يعدُّ نفسه من طبقة العلماء، ولا يرى لنفسه حقًّا على تلاميذه أكثر من غيرهم، ولا يُبالغ في لبسه، بل يقتصر على العمامة، والقميص، والسّروال، والثّوب. وكان من تلاميذ هذه الشّيخ على الأقلِّ عشرة مجتهدين، وبعضهم الآخر يؤلّف في  في مواضيع كثيرة، وما يزيده هذا إلّا تواضعًا.

أمّا علاقة الحسن بن إسماعيل بتلميذه الشوكاني، كان الشوكاني يُقبل على علم شيخه كثيرًا، ويعتمد على طلب العلم من كُتُبه، وهو من أرشده إلى شرح كتاب المنتقى لابن تيمية، ولكنّه توفّي قبل إتمامه، وأتمّه الشوكاني بعد وفاة شيخه.

العلّامة الكبير المجتهد عبد القادر بن أحمد الكوكبانيّ، كان يراه الإمام الشوكاني من أعظم علماء عصره، وهو أحد أحفاد الإمام شرف الدّين، وألّف له الشوكاني سيرة ذاتيّة بعد وفاته بسنوات، بيّنت مكانته العلميّة، وسعة معرفته، وعبقريّته، وأنّه لم يكن له منافس في اليمن حتّى آخر أيامه، ولم يقتصر علمه على العلوم الشّرعيّة، لقد كان طبيبًا، وأديبًا، وعالمًا بأحوال البلاد، رغم أنّه لم يخرج من اليمن إلّا للحجّ، وكان بنه وبين تلميذه الشوكاني، مناظرات ومراسلات علميّة وأدبيّة.

عندما توفّي رثاه الشوكاني بقصيدة مطلعها:

تهدّم من رَبع المعارف جانبه                      وأصبح في شغلٍ عن العلم طالبُه

وفاته

توفّي الإمام الشوكاني رحمه الله، ليلة الأربعاء في السّابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1250 للهجرة، الموافق 1834 للميلاد، وكان عمره يُناهز ستّة وسبعين سنة، وصُلّيَ عليه بالجامع الكبير بصنعاء، ودُفن بمقبرة خزيمة في صنعاء.

المراجع

Exit mobile version