سيرة حياة سفيان بن عيينة

سيرة حياة سفيان بن عيينة

اسمه

هو الإمام أبو محمد سفيان بن عوينه الهلاليّ الكوفيّ المكيّ. ولد سفيان بن عيينة في الكوفة عام 107 للهجرة الموافق 725 للميلاد، وينتمي إلى الجيل الإسلاميّ الثّالث، ويقال إنّه التقى 87 من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. التقى أيضًا أبو حنيفة، الذي جعله مُعلّمًا لأوّل مرّة، ووصل إلى الكوفة عندما كان عمره عشرين عامًا. عندما رآه أبو حنيفة قال لطلّابه: الآن لديكم علم عمرو بن دينار، وهو الفقيه الأوّل في مكّة المكرّمة.

حياته

تُشير دراسات إلى أنّ سفيان التقى الإمام مالك بن أنس مرّتين على الأقل، مرّة في المدينة المنوّرة ومرّة في مكّة. في المدينة ذهب سفيان إلى الإمام مالك وزاره، واستقبله الإمام مالك بحفاوة، وأثنى على علمه، أمّا في مكّة تكلّم الشّافعيّ والإمام مالك أمام سفيان بن عيينة، وكان شيخهما.

برغم أنّ سفيان ولد في الكوفة، إلّا أنّه سُرعان ما انتقل إلى مكّة ليعيش معظم حياته، التقى العديد من العلماء في مكّة، الذين كانوا يأتون لأداء الحجّ والعمرة، وكان حريصًا على حضور مجالس العلماء المشهورين مثل الزّهريّ، وعمرو بن دينار.

كان عُمره عندما بدأ يحضر مجالس علم الزّهريّ ستّة عشر عامًا فقط، ولكنّ أكبر أثر في تعليم سفيان هو والده الذي ساعده في طلب العلم، وكان عمره عندما حفظ القرآن الكريم سبع سنوات.

يُدرج البعض سفيان بن عيينة بين علماء الحنفيّة، إلّا أنّ الحقيقة أنّه لا ينتمي إلى المدرسة الحنفيّة؛ لأنّه عندما زار الكوفة والتقى بأبي حنيفة، كانت المدرسة الحنفيّة لا تزال في بدايتها، وسرعان ما عاد إلى مكّة حيث كان بعيدًا عن الأجواء الدّينيّة في العراق.

ينتمي سفيان بن عيينة إلى علماء الحديث. من ناحية أخرى، يعتبره الإمام الشّافعيّ أحد أهمّ المؤثّرات في مذهب الشّافعيّة، لأنّ الإمام الشّافعي كان تلميذه.

تعلّم سفيان القرآن الكريم على يد عبد الله بن كثير الدّاريّ، الذي اشتهر كواحد من أصحاب القراءات القرآنيّة السّبعة.

قصّة من طفولته

إحدى القصص التي تُبيّن ذكاء وسرعة حفظ سفيان بن عيينة وهو طفل، وهي قصّة رواها عن التقائه لأوّل مرّة بعمرو بن دينار. يقول: عندما ذهبنا إلى المسجد لصلاة الظّهر، رأيت عند الباب عالمًا عظيمًا يركب حمارًا، وقال لي: يا فتى أمسك لي هذا الحمار حتّى أذهب إلى المسجد وأعود، فقلت له: لا أفعل حتّى تعلّمني بعض الأحاديث، وعندما شعر عمرو بن دينار بأنّي صغير، قال: وماذا تفعل بالأحاديث، فقلت له: لن أمسك الحمار حتّى تُعلّمني، فعلّمني ثمانية أحاديث، وذهب إلى الصّلاة، وعندما عاد سألني: ماذا فعلت بما قلته؟ فقلت: لقد حفظتها، فقال: بارك الله فيك.

بعد هذه الحادثة بقي سفيان قريبًا من عمرو بن دينار لمدّة أربع سنوات، تعلّم منه خلالها معظم ما كان يحفظه من الحديث. بقي مصاحبًا للشيخ الزّهريّ مدة عام تقريبًا حتّى توفّي رحمه الله، ويعتبره علماء الحديث أدّق الرّواة عن الزّهريّ، وربّما كان أصغر طُلّابه.

كُتُبه

بدأ سفيان بن عيينة تدريس الحديث الشّريف في سنّ الخامسة والثّلاثين. لم يبقَ أيٌّ من كتب سفيان كاملًا إلى الآن، ولكن يُذكر أنّ له كتابًا لتفسير القرآن الكريم، ومؤخّرًا تمّ جمع بعض التّعليقات والتّفسيرات المنسوبة إلى ابن عيينة، ونُسبت مجموعة من الأحاديث إليه، تمّ جمعها من قِبل طُلّابه.

برغم هذه الآثار القليلة إلّا أنّ سفيان بن عيينة كان من أكابر علماء الحديث في الفترات المبكّرة، وكان معروفًا بكلامه الحكيم الذي تلين له القلوب، وتجعل النّاس أكثر استعدادًا لمحاولة القيام بواجباتهم الدّينيّة، وتجنب كل ما يحرّمه الله.

تلاميذه

الأعمش، عبد الله بن المبارك، عبد الرّحمن بن مهدي، يحيى بن سعيد القطّان، الإمام الشّافعيّ، يحيى بن معين، علي بن المدنيّ، الإمام أحمد بن حنبل، إبراهيم الرّماديّ، وغيرهم.

وفاته

حجّ سفيان بن عيينة سبعين مرّة؛ حيث أخبر عنه ابن أخيه الحسن بن عمران بن عيينة، يقول: عندما وصلنا إلى مزدلفة، وأتتمنا عرفات، وأتمّ عمّي صلاته، قال لي: لقد كُنت في هذا المكان سبعين مرةّ، وفي كلّ سنة أدعوا الله أن لا يجعل زيارتي إلى هذا المكان هذا العام الأخيرة، ولكنّي في هذه السّنة أشعر بالخجل من الّدعاء، وتوفّي رحمه الله في هذه السّنة، قبل الحجّ، عن عمر يناهز الواحد وتسعين سنة، في عام 198 للهجرة، الموافق 814 للميلاد.

بعضٌ من أقواله

  • قال رجل من العلماء: هناك شيئان أحاول أن أعتني بهما لمدة ثلاثين سنة، أن لا أتأمّل بالنّاس، وأخلص في أعمال الله.
  • الذي يُزيّن عملًا من أجل النّاس، يهدمه الله له.
  • أسياد العلم هم الذين يضعوه موضع التّنفيذ.
  • لا يوجد شيء يعيش من دون ماء، كما في الآية الكريمة: “‏ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ‏‏ ” سورة الأنبياء 30، وكلمة لا إله إلّا الله هي الماء الذي يعيش عليه الشّخص، ومن لا يملكها فهو ليس حيًّا.
  • إنّ العالم ليس من يعرف الخير والشّر، ولكنّ العالم هو الذي يعرف الخير ويتّبعه ويعرف الشّرّ ويبتعد عنه.

المراجع

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *