سيرة حياة الامام مالك
سيرة حياة الامام مالك
اسمه
هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحيّ الحميريّ المدنيّ، ولد في المدينة المنوّرة،عام 93 للهجرة، الموافق 714 للميلاد. أصله من اليمن، لكنّ جدّه استقرّ في المدينة بعد اعتناقه للإسلام.
حياته
تلقّى الإمام مالك تعليمه في أهم مركز للتّعلّم الإسلاميّ، وهي المدينة المنوّرة، حيث عاش أصحاب النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام والتّابعون.
ولد الإمام مالك في عائلة غنيّة، لم يكن بحاجة للعمل من أجل لقمة العيش، ووصف بأنّه طويل القامة، وشعره كثيف ولديه لحية كبيرة، وعيونه زرقاء. كان الإمام مالك شديد الانجذاب لدراسة المبادئ الإسلاميّة، وانتهى به الأمر إلى تكريس حياته بأكملها لدراسة الفقه. أصبح مالك إمام المدينة، وواحدًا من أئمة الإسلام الأكثر شهرة.
علمه
يقول الإمام مالك، إنّه عاصر أكثر من ثلاثمئة من التّابعين، وتعلّم الحديث منهم، ولم يكن أحدٌ في مثل خشوعه أبدًا؛ فلم يكن يعلّم حديثًا، أو يعطي فتوى دون أن يكون متوضّئًا، ويقول ابن أخيه إسماعيل بن أبي أويس: سألت عمّي عن شيء، وكان جالسًا معي، فقام وتوضّأ، ثمّ قال لا حول ولا قوّة إلّا بالله الفاتح، ولم يكن يعطِ أيّ فتوى من دون أن يقولها.
كان الإمام مالك شديدًا جدًّا في تأكّده من علمه في الفتوى، ودقيقًا جدًّا في صحّتها، وإذا لم يكن مُتأكّدًا من مسألة ما، لم يكن يجرؤ على الحديث فيها، يقول الهيثم بن جميل: كنت ذات مرة مع الإمام مالك عندما سئل أكثر من أربعين سؤالًا، وسمعته يردُّ: لا أعرف إلى اثنين وثلاثين منهم.
وقال عنه الإمام الشّافعيّ: عندما يُذكر العلماء، يكون الإمام مالك نجمًا بينهم. ويقول الإمام مالك عن نفسه أنّه لم يجلس لإعطاء فتوى، قبل أن يجيزه عليها لأوّل مرّة سبعون عالمًا من المدينة.
وقال عن كتابه الموطّأ: عرضتُ كتابي على سبعين من علماء المدينة، وكلُّهم وطّأني عليه أي وافقوا عليه، لذلك سمّاه الموطّأ.
قال الإمام البخاريّ عن كتاب الموطّأ: إنّه سالم من سلاسل الإسناد. ولا يوجد فيه إلّا إسناد: مالك عن نافع عن ابن عمر، إلى آخر السّلسلة الذّهبيّة، كما يُسمّيها علماء الحديث، ولا يوجد إلّا ثمانين رواية من هذه السّلسلة في الموطّأ، واستغرق تأليفه أربعين سنة، بدأ بعشرة آلاف رواية، وخفّضها حتّى وصل العدد أقل من ألفين.
المذهب المالكيّ
كان الإمام مالك مشهورًا بنزهاته، وشجاعته، بالإضافة إلى تقواه وورعه، مثله مثل باقي العلماء، روي عنه أنّه كان يصوم أحيانًا أربعة أيّام في الأسبوع، وعاش حياته منكرًا لفضله، بسبب تواضعه.
أسّس تلاميذ الإمام مالك مدرسة فقهيّة، أصبحت تعرف فيما بعد بالمذهب المالكيّ، وانتشر هذا المذهب في شمال إفريقيا، والأندلس، ومعظم مصر، وبعض بلاد الشّام، واليمن، والسّودان، والعراق، وخراسان، واليوم المالكيّة منتشرة في : شمال إفريقيا وغربها، ومصر والسّودان، والجزء الشّرقيّ من شبه الجزيرة العربيّة.
مواقف من حياة الإمام مالك
عاش الإمام مالك، تسعين سنة، شهد خلالها السّلالة الأمويّة وأوئل العبّاسيّة، والتقى بالعديد من الخلفاء الذين قدّم لهم النُّصح والفتوى.
أحد مواقف الإمام مالك مع الخليفة هارون الرّشيد: عندما جمع الإمام مالك كتابه الموطّأ، عَرَف عنه هارون الرّشيد، وأرسل في طلبه ليقرأه، ولكنّ الإمام مالك قال: أوصل تحيّاتي للخليفة، وأخبره أنّه يجب عليه الذّهاب للمعرفة، وأنّها لا تزور النّاس، ويجب لمن يُريدها أن يذهب إليها. في وقت لاحق ألقى الخليفة اللّائمة على الإمام مالك لأنّه لم يأتِ، وقال للخليفة: يا أمير المؤمنين لقد رفعك الله إلى هذا المنصب، فلا تكُن أوّل من يُخفّض ويهين العلم، ولم يكن بودّي أن أعصيك، ولكنّني أردّتُ من قائد المؤمنين أن يبدِ الاحترام الواجب للعلم، حتّى يرفعُ الله مكانته، واقتنع الخليفة هارون الرّشيد بكلام الإمام مالك، وسار معه إلى بيته للاستماع للكتاب وقرائته.
ومثال آخر من أخلاق الإمام مالك، هو تواضعه واعترافه بالجهل بالأمور التي لم يكن متأكّدًا منها، وأكّد لطلّابه أنّ أكثر شيء مهمٍّ والذي ينبغي أن يكون لدى طالب العلم الحقيقيّ هو الشّجاعة في قول: لا أعرف. قيل أنّ رجلًا جاء إلى الإمام مالك من سفر ستّة أشهر ليسأله عن مسألة معيّنة، وعندما سمعه الإمام مالك قال له لا أعرف، فتفاجأ الرّجل، وقال: بماذا سأخبر قومي عندما أعود؟ فقال الإمام مالك: قل لهم إنّ مالك بن أنس يقول: لا أعرف.
وفاته
توفّي الإمام مالك عن عمر يناهز 84 عامًا في المدينة المنورة عام 795 للميلاد، الموافق 179 للهجرة، ودُفن في مقبرة البقيع، على جانب المسجد النّبويّ، يقول ابن أخيه إسماعيل بن أبي أويس: عندما مرض الإمام مالك سألت من كان عنده وقت وفاته، فقالوا: لقد تلا الشّهادتين، وتلا الآية الكريمة: “لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ”.
المراجع
- http://www.islamweb.net/en/article/92758/al-imaam-maalik-ibn-anas
- http://sunnahonline.com/library/biographies/309-malik
- http://islamichistory.org/imam-malik/