اليقين يعني الوضوح، والثبات دون أي شك، فالموت يقين لأنه لاجدال فيه، ولاشك: قال سبحانه وتعالي “وأعبد ربك حتي يأتيك اليقين” فاليقين هو طمأنينة القلب… سنتعرف معا على كيف يكون اليقين بالله تفصيليا
ما هو اليقين بالله
اليقين هو التأكد من أن الله هو الواحد الأحد وأن حكمه هو أفضل الأحكام، وأعدلها فهو أحكم الحاكمين، والرضا التام بكل ما يمر به المسلم من خير كان أم شر؛ حيث قال الله تعالي في كتابه ” ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون”
صفات أهل اليقين
لأهل اليقين عدة صفات أشار الله إليها في القرأن والسنه النبوية هي
1- أهل اليقين يؤمنون بالغيب
- فأهل اليقين يؤمنون بالحساب، والبعث، والجنه، والنار لذلك فالحياة بملزاتها تهون عليهم: قال تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
2- أهل اليقين يؤمنون بأن الأرزاق بيد الله
- حيث يوقنون تيقن تام بأن الرزق بيد الله وحده، وليس بيد البشر فنجدهم يتصدقون، وينفقون أموالهم فالخير دون خوف من الفقر: قال سبحانه
- (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)
3- لا تتشابه عليهم الأمور ولا يحيدون عن الحق
- فأهل اليقين الحق واضح عندهم فلا يراءون ولا ينافقون قال الله عز وجل (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
4- يضعون شرع الله في كل أمورهم
- فهم لا يجاهرون بالباطل، ولا يحكمون الهوى؛ قال تعالي (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
5- يوقنون بإعجاز الله وآياته
- أهل اليقين يتفكرون في أيات الله، وملكه ويرون إعجازة في الكون: قال سبحانه
- (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)
6- يؤمنون بأن النفع والضر بيد الله
- في قوله تعالي (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
7- يؤمنون بالقضاء والقدر
8- يحسن أهل اليقين الظن بالله
- فأهل اليقين يحسنون ظنهم بالله ويعلمون جيدا بأنه رب حكيم عليم
كيف يكون اليقين بالله
لكي يقوي المؤمن يقينه بالله هناك عدة وسائل هي
1- قراءة القران وتدبره، والتأمل في الأيات التي تناولت الحديث عن التوحيد بالله، وقدرته فمعرفة الله تعالي من أهم السبل التي تقوي اليقين بالله.
2- قرأة نصص السنه النبوية والقرأن التي تحدثت عن وعد الله للمؤمنين بالجنه، وصفات الجنه، والنصوص التي تناولت تهديد الكافرين بالنار، وصفات أهلها.
3- قراءة سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام بإستمرار، والتعرف علي صفاته، واخلاقه، وصبره،وجهاده.
4- التعرف علي الساعه وعلاماتها الكبري والصغري، والتعرف علي أهوالها، ودرجات الجنه
5- قرأة قصص الرسل، الأنبياء، وتأييد الله لهم بالمعجزات، ويقينهم الكامل بالله عز وجل
6- الإلحاح بالدعاء واللجوء إلى الله، فالدعاء يقوي اليقين، ويغير القدر؛ حيث قال الرسول صلي الله عليه وسلم (وسَلُوا اللهَ اليقينَ والمُعافاةَ ؛ فإنَّهُ لمْ يُؤْتَ أحدٌ بعدَ اليقينِ خيْرًا من المُعافاةِ)، وكان الرسول يدعو فيقول: (اللهمَّ اقسِمْ لنا مِنْ خشيَتِكَ ما تحولُ بِهِ بينَنَا وبينَ معاصيكَ، ومِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنَا بِهِ جنتَكَ، ومِنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَيْنَا مصائِبَ الدُّنيا)
8- التفكر في عظمة الله، وقدرته في الكون كخلق السماء، والأرض والمخلوقات، وتثبيت الجبال، والأنهار، والمحيطات، والرياح قال الله عزوجل : (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)
9- مصاحبة أهل العلم، والمعرفه، ومجالستهم وحضور روس العلم، وحلقات الذكر والدين.
أمثلة من يقين الأنبياء بالله
ضرب لنا انبياء الله، ورسله أعظم الأمثله علي قوة اليقين بالله، وجزاءه
- فها هو أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، يقول لصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهما في الغار وحاصرهم الكفار “ما ظنك بإثنين الله ثالثهما , لا تحزن إن الله معنا ” قال سبحانه : ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
- ثم إن موسي عليه السلام أكد لنا علي قوة اليقين، إذ قال لقومه عندما أدركهم فرعون فوجدوا البحر من أمامهم والعدو من ورائهم كلا إن معي ربي سيهدين كما جاء في قول الله تعالي : ” فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ)