هل المرأة تحتلم؟

يُعرّف الاحتلام لغة بأنّه رؤيا الجماع في المنام، وهو أيضاً دلالة على الإدراك والبلوغ. أمّا اصطلاحاً كما عرّفه الفقهاء فهو ما يراه النائم من جماع، فيُسبّب في الغالب نزولاً للمني أو المذي، ومن أكثر الأسئلة الشائعة بين الناس سؤال “هل المرأة تحتلم؟”.

هل المرأة تحتلم؟

هل المرأة تحتلم؟نجد الإجابة عن سؤال “هل المرأة تحتلم؟” في الرواية التي وردت عن أم سلمة هند بنت أميّة -رضي الله عنها- حيث قالت: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَ تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا).

وتجدر الإشارة إلى لطيفة وردت بالحديث، وهي في قول أم سليم -رضي الله عنها-: “إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ”، حيث قصدت بذلك أن الله لا يأمر بالحياء في مثل تلك الأمور للتعلّم والتفقّه في أمور الدين وأحكامه، لذلك قالت عائشة -رضي الله عنها-: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ).

فينبغي على الإنسان أن لا يستحي بالسؤال عن أمور دينه، فيسأل بأسلوب مؤدّب ويتعلم، إذ إن الحياء لا يأتي إلا بخير، بينما الخجل مذموم ويأتي بالشر، بحيث يمنع الإنسان من التفقّه في أمور الدين.

ويُستفاد من الحديث النبوي الشريف أن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجال، وأن هذا الأمر طبيعي، والعبرة في الاغتسال إذا رأت الماء، أي المني، أما في حال احتلمت ورأت أنها تنزل، لكن بعد أن استيقظت لم تجد ذلك، فليس عليها الغسل، وهذا بإجماع المسلمين.

وقال الإمام النووي رحمه الله: “وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منها: إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عند خروجه”.

اقرأ أيضا: علامات البلوغ عند الإناث

الاحتلام عند المرأة

قال الشيخ البسام معنى (احتلمت): “عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، والمراد هنا: إذا رأت المرأة في نومها مثل ما يرى الرجل من صورة الجماع وتمثيله”.

وفي هذه الحال لا يجوز للمرأة الصلاة أو مس المصحف وتلاوة القرآن وغير ذلك مما لا يجوز مزاولته إلا بالطهارة إلا بعد أن تغتسل، لكن إن استيقظت المرأة ولم تر المني، فإنها لا تغتسل، إذ إن الاغتسال في حق من رأت المني بعد الاحتلام

والسّن المعتبر للاحتلام للذكر والأنثى هو تسع سنين قمريّة، ولا يستطيع الإنسان أن يتجنّبه في نومه، إذ إن الاحتلام لا يكون بمقدرة الإنسان ولا يؤاخذ عليه.

لكن قد يخفّف من الاحتلام من خلال عدة أمور؛ لأن هذه المنامات قد تكون من الشيطان، فيستعيذ الإنسان بالله من الشيطان، ويجتنب النظر إلى المثيرات والمحرّمات، ويحافظ على أذكار الصباح والمساء، ويحافظ كذلك على أذكار النوم، ويستحضر معانيهم، فإن ذلك من شأنه أن يخفّف من هذه المنامات.

اقرأ أيضا: كيف تتحدث عن كل ما يخص الجنس مع الأبناء

أحكام الاحتلام

أحكام الاحتلامإن الأمور المتعلّقة بالاحتلام لا تخلو من أربعِ حالات، وفيما يأتي ذكرها وبيان ما يترتّب على كل حالة:

  • أن يحتلم الإنسان فيرى المني، وفي هذه الحالة يجب عليه الاغتسال، بدليل حديث أم سلمة -رضي الله عنها- في الحديث الذي ورد سابقاً عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: “فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟”، فأجابها النبي عليه الصلاة والسلام: (إذَا رَأَتِ المَاءَ)، وهذا بإجماع المسلمين.
  • أن يحتلم الإنسان فلا يجد المني، وهنا ليس عليه اغتسال باتفاق أئمة الفقه الأربعة الشافعية، والحنفية، والحنابلة، والمالكية، ففي حديث أم سلمة -رضي الله عنها- علّق النبي -صلى الله عليه وسلم- الاغتسال على رؤية الماء.
  • أن لا يتذكّر الإنسان أنه احتلم، لكنه يستيقظ ويجد المني، ويجب عليه الغسل في هذه الحالة بإجماع المسلمين، واتفاق أئمة الفقه الأربعة، لأن الظاهر أن يكون هذا الماء ناتجاً عن احتلام، فالنائم قد لا يحسّ به.
  • أن يرى الإنسان الماء، لكن يشك في كونه يوجب الغسل أم لا، أي يحصل عنده شكّ أهو منيٌّ أم مذيّ، والمشهور عند أكثر أهل العلم أنه لا يجب عليه الاغتسال في تلك الحالة، لأن الغسل لا يثبت بالشك، واليقين والأصل أن الإنسان طاهرٌ، والغسل واجب بحال وجود الماء الذي يتحقّق فيه أنه مني، كما في حديث أم سلمة -رضي الله عنها-.

اقرأ أيضا: معنى آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا

صفة الغسل من الاحتلام

إن الغسل له صفتان؛ غسلٌ مجزئٌ واجبٌ، وغسلٌ كامل يجمع بين الواجب والمستحب، فأما الغسل المجزئ فيكون بالنية بالطهارة من الحدث، ثم إفاضة الماء على البدن كلّه، حتى ولو كان استحماماً أو سباحة مع النية، فيجزئ ذلك ويرتفع الحدث طالما وُجِدت نية التطهّر مع عموم الماء لجميع البدن.

أما الغسل الكامل فهو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأفضل، ويكون بالنيّة، ثم غسل موضع النجاسة، وغسل الكفّين، ثم الوضوء كوضوء الصلاة.

ويجوز تأخير غسل الرجلين إلى حين انتهاء الاغتسال، ثم حثو الماء على الرأس ثلاث مرات، ثم إفاضة الماء على البدن ابتداءً من الشق الأيمن، ثم الانتقال إلى الشق الأيسر بإفاضة الماء عليه، وهذا الغسل هو الأفضل والأكمل.

اقرأ أيضا: أضرار العادة السرية

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة