لماذا سمي شهر شعبان بهذا الاسم

يُطلِق العرب على الشهور تسميات مرتبطة بأهم الأحداث أو الأحوال التي تحدث فيها، ويهتم الكثيرون بالتعرف على أصل تلك التسميات، ومن هنا يكثر البحث عن إجابة سؤال “لماذا سمي شهر شعبان بهذا الاسم؟” إضافةً إلى أهم الأحداث التي وقعت خلال هذا الشهر في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

لماذا سمي شهر شعبان بهذا الاسم

لماذا سمي شهر شعبان بهذا الاسماختلف المؤرّخون في الإجابة عن سؤال “لماذا سمي شهر شعبان بهذا الاسم”، وذهب كل منهم إلى وضع تفسير مختلف عن تفسير الآخر، إلا أنّ معظمها تجتمع على معنى كلمة شعبان المشتقة من التشعب أي التفرق.

ففي أحد التفسيرات إنّ العرب كانوا يتشعّبون أي يتفرقون في هذا الشهر بحثاً عن مصادر المياه، بينما ترجّح تفسيرات أخرى أنّ العرب كانوا يتشعبون للغزوات والحروب بعد انتهاء الأشهر الحرم التي تسبق شهر شعبان، حيث كان يعتزل العرب عن قتال بعضهم بعضاً خلال هذه الأشهر.

يدعم هذا التفسير قول ابن حجر رحمه الله: “سُمّي شعبان لتشغيلهم في طلب المياه أو الغارات بعد خروج شهر رجب الحرام”، بينما يُرجّح آخرون أنّ العرب كانوا يتفرقون في هذا الشهر متوجّهين إلى الملوك والزعماء طلباً للعطية.

وقال اللُغوي أحمد بن يحيى ثعلب: إنما سمي شعبانُ شعبانَ لأنه شَعَب، أي ظهر من بين شهري رمضان ورجب. ولما كانت العرب تنسأ، أي تؤجل، الشهر الحُرُم فقد كانت تُدخل رجب في شعبان ويطلقون عليهما الرجبان.

ويعزو بعض اللُغويين تسمية شهر شعبان بهذا الاسم إلى تشعب الأغصان في الوقت الذي سُمّي فيه بتلك التسمية تماماً كما سُمّي جُمادى بذلك؛ لأن الماء كان يجمد فيهما زمن تسميتهما.

وفسّر البعضُ “الشعب” بمعنى التجمّع، أما سبب تسمية شعبان بهذا الاسم فيعود إلى تجمع الخير فيه تحضيراً لشهر رمضان، وذلك استدلالاً بما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (تَدْرُونَ لِمَ سُمِّيَ شعبانُ؟ لأنه يُشَعَّبُ فيه خيرٌ كثيرٌ، وإنما سُمِّيَ رمضانُ؛ لأنه يَرْمِضُ الذنوبَ؛ أي: يُدْنِيها من الحَرِّ).

وفي الحقيقة أن هذا الحديث لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بيّن أهل العلم أنه حديثٌ موضوعٌ لا أصل له.

وقد سُمّي شهر شعبان بهذا الاسم في عام 412 ميلادياً في عهد كلاب بن مرة الجد الخامس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

اقرأ أيضا: معنى اسم شعبان بالتفصيل

أحداث وقعت في شهر شعبان

يُعدّ شهر شعبان من الأزمنة الفاضلة التي أكرم الله -تعالى- عباده بها، حيث جعله موسماً للأعمال الصالحة والعبادات، فهو الشهر الذي يسبق شهر رمضان المبارك، والصيام فيه يهيّئ النفس لصيام رمضان، وكذلك قراءة القرآن، وسائر الأعمال.

قال ابن رجب رحمه الله: “أفضل التطوُّع ما كان قريبًا من رمضان قبلَه وبعدَه”، وقد وقع في شهر شعبان الكثير من الأحداث العظيمة عبر التاريخ، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:

فرض صيام رمضان

حيث فرض الله -تعالى- الصيام على المسلمين في العاشر من شعبان من العام الثاني للهجرة، كما قال ابن كثير رحمه الله: “وفي شعبان فُرض صوم رمضان”، ولا بُد من الإشارة إلى أن زكاة الفطر فُرضت في الوقت نفسه.

اقرأ أيضا: لماذا سمي رمضان

تحوّل قبلة المسلمين إلى الكعبة المشرفة

كان أمر الله سبحانه في بداية تشريع الصلاة أن يتوجّه المسلمون إلى المسجد الأقصى، ثمّ جاء التحويل إلى الكعبة المشرفة، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتّجه في صلاته إلى بيت المقدس يودّ لو أن الله -تعالى- يحوّل قبلته إلى البيت الحرام، وذلك لارتباطه القلبي بأبويه إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-.

وشاء الله -تعالى- أن يُلبّي رغبة نبيه -عليه السلام- فأنزل عليه الأمر بتغيير الوجهة إلى البيت الحرام، قال الله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

وقد سرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، كما أكّد الله -تعالى- أنه ما كان ليضيع عملهم الصالح وعباداتهم، كما ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في الاستجابة لأمر الله -تعالى- دون أي تردّد أو تأخير، حتى إن بعضهم بلغهم حكم تحول القبلة وهم راكعون في الصلاة فداروا كما هم باتجاه الكعبة.

غزوة بني المصطلق

وقعت هذه الغزوة المباركة في الثاني من شعبان من العام الخامس للهجرة، وكان سببها أن بعض الأخبار وردت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفادها أن المشركين يتجمّعون لقتاله والقضاء على المسلمين، فأمر -صلى الله عليه وسلم- الجيش بالاستعداد، وباغت المشركين بالهجوم عليهم وهزَمهم.

ومن الأحداث التي وقعت في هذه الغزوة افتضاح المنافقين الذين يسعون في إفساد المجتمع المسلم، من خلال الكذب، والتحريض، ونشر الفتن بين أبنائه.

وقد حاول المنافقون استغلال خلافٍ وقع بين المهاجرين والأنصار ليُشعلوا الصراع بين المسلمين، وقال رأس النفاق عبد الله بن أبي في ذلك اليوم قولته الخبيثة: “لئن رجَعْنا إلى المدينةِ ليُخرجَنَّ الأعزُّ منها الأذَلَّ”، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تدخل مباشرةً وقال: (دَعُوهَا فإنَّهَا مُنْتِنَةٌ)، فدُفنت الفتنة في مهدها.

اقرأ أيضا: ما هي أسماء الأشهر العربية

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version