أفضل الصيام بعد رمضان

يُعدّ الصيام عبادةً من العبادات التي يتقرّب بها العبد من الله -تعالى-؛ إذ لا يطّلع على الصائم إلّا الله، فيُحقّق الصيام بذلك العبوديّة لله -تعالى- بأعلى درجاتها، ويفوز بمحبّته، ونصره، ومعونته، ويبحث الكثير من المسلمين عن أفضل الصيام بعد رمضان.

أفضل الصيام بعد رمضان

أفضل الصيام بعد رمضانبيّن الفقهاء أفضل الصيام بعد رمضان، وذلك كما يأتي:

  • الحنفية: قالوا إنّ صيام الأشهر الحُرم هو أفضل الصيام بعد رمضان، وأفضلها شهر الله المُحرّم.
  • الشافعية: قالوا إنّ أفضل الصيام بعد رمضان صيام الأشهر الحُرم، وأفضلها المُحرّم، أمّا بعد الأشهر الحُرم، فأفضل الصيام صيام شعبان، وباقي شهور السنة متساوية في الأفضليّة.
  • المالكية والحنابلة: قال المالكيّة إنّ صيام شهر المُحرَّم هو أفضل الصيام بعد رمضان، ووافقهم في ذلك الحنابلة، واستدلّوا على ذلك بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عندما سُئِل عن أفضل الصيام بعد رمضان، فقال: (وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ).

اقرأ أيضا: الصيام في الشهر التاسع

صيام شهر الله المحرم

المقصود بأفضلية صيام شهر الله المحرم بعد رمضان، والتي وردت في الحديث، هي أفضلية صيام شهرٍ كاملٍ؛ بدليل أنّ هناك أيّاماً يكون الصيام فيها أفضل من صيام شهر محرَّم، كصيام يوم عرفة.

أعظم أيّام شهر مُحرّم يوم عاشوراء؛ وهو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى -عليه السلام- مع من آمن بدعوته، وأغرق فرعون وقومه، وهو اليوم العاشر من شهر مُحرّم، فصامه موسى؛ شُكراً لله، ثمّ صامه النبيّ، وأمرَ بصيامه، وتحوّل عن الأمر بصيامه حين فرض الله صيام شهر رمضان، فقد ثبت عنه أنّه قال: (إنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِن أَيَّامِ اللهِ، فمَن شَاءَ صَامَهُ وَمَن شَاءَ تَرَكَهُ).

وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صيام يوم عاشوراء يُكفّر ذنوب سنةً كاملةً؛ إذ ورد أنّه قال: (وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَاشُورَاءَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ)، ولا يُكرَه إفراد يوم عاشوراء بالصيام، إلّا أنّ الأفضل صيام اليوم التاسع معه.

الدليل على ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (حِينَ صَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بصِيَامِهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَإِذَا كانَ العَامُ المُقْبِلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا اليومَ التَّاسِعَ قالَ: فَلَمْ يَأْتِ العَامُ المُقْبِلُ، حتَّى تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ).

صيام الأشهر الحرم

صيام الأشهر الحرميُعدّ صيام الأشهر الحُرُم من الصيام المُستحبّ، وهذه الأشهر هي: مُحرّم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجّة، وقد استدلّ الحنفيّة على أفضليّة صيامها بأكثر من حديثٍ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كالحديث الذي قال فيه: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم).

وقد ذهب المالكيّة والحنابلة إلى استحباب صوم الأشهر الحُرُم، واستدلّوا بحديث ضعيف عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عندما أوصى رجلاً بصيامها، كما ذهب الشافعية إلى سُنّية صيام الأشهر الحُرُم.

ومن الأشهر الحُرُم شهر ذي الحجّة الذي يتأكّد الصيام فيه منذ اليوم الأوّل منه، وحتى اليوم التاسع، أمّا اليوم العاشر فيحرم صيامه بالإجماع؛ لأنّه يوم عيد، وقد نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن صيام الأعياد.

اقرأ أيضا: أيام الصيام في شهر رجب

صيام شهر شعبان

بيّن الشافعيّة أنّ شهر شعبان من الأشهر التي فُضِّل صيامها، وهو من الأشهر التي كان النبيّ يحرص على صيام أغلب أيّامها، علماً أنّه لم يستكمل صيام شهرٍ بشكل كامل سوى شهر رمضان، ولم يُرَ صائماً في شهرٍ -غير رمضان- أكثر من شعبان الذي يأتي في الأفضليّة بعد رمضان، وبعد صيام الأشهر الحُرُم.

وقد ذهب الحنفيّة إلى نُدب صيام شهر شعبان؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ).

وذهب المالكيّة إلى نُدب صيام النصف من شعبان لِمَن لا يُريد صيام الشهر كاملاً، وذهب الحنابلة إلى أنّ صيام شهر شعبان أفضل من صيام شهر مُحرَّم؛ لأنّه كالنافلة بالنسبة إلى الفريضة؛ فهو الأقرب إلى رمضان.

حكم صيام يوم الشك

اختلف الفقهاء في حُكم صيام اليوم الثلاثين من شعبان وضابطه على عدّة أقوال، بيانها فيما يأتي:

  • الحنفية: ذهبوا إلى أنّ يوم الشكّ هو اليوم الذي يُشَكّ فيه هل هو من رمضان، أم من شعبان، ولا يجوز صيامه إلّا لنافلة، أمّا إن صامه المسلم لصيام واجب، فإنّ ذلك مكروه.
  • المالكية: ذهبوا إلى أنّ يوم الشكّ هو اليوم الثلاثون من شهر شعبان في حال كانت السماء غائمة ولم تثبت رؤية الهلال، ولا يجوز صيامه؛ ليحتاط به المسلم لرمضان، وصيامه مكروه، وإن صامه احتياطاً لرمضان وثبت أنّه رمضان لم يُجزئهُ ذلك عن رمضان؛ لمُخالفة النيّة.
  • الشافعية: ذهبوا إلى أنّ يوم الشكّ هو اليوم الثلاثون من شهر شعبان في حالة صَحو السماء، ولا يحلّ صيامه إن كان بغير سبب، ويجوز صيامه عن القضاء والكفّارة.
  • الحنابلة: ذهبوا إلى أنّ يوم الشكّ هو اليوم الثلاثون من شهر شعبان إذا لم يكن في السماء ما يمنع رؤية الهلال في ليلة الثلاثين ولم يرَ الناس الهلال، ويُكرَه صيامه إن كان القَصد منه الاحتياط لرمضان.

اقرأ أيضا: الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة