يتساءل الكثير من الآباء “متى يجب الصيام على الطفل؟” حيث يُعدّ شهر رمضان المبارك فرصة ثمينة لتربية الأطفال على الصيام، ولا بُدّ من استغلالها في تعويدهم على ذلك إلى أنْ يتمكّنوا من الالتزام الكامل بالصيام، وهذه الخطوة لا تبدأ دفعة واحدة، بل تتمّ بشكلٍ تدريجيّ.
متى يجب الصيام على الطفل؟
ويبدأ تعويد الأطفال على الصيام وهم في سنٍّ صغيرة؛ ليعتادوه حين بلوغهم، واستدلّ القائلون بجواز تعويد الأطفال على الصيام بما ثبت عن الربيع بنت معوذ بن عفراء -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أَرْسَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ، الَّتي حَوْلَ المَدِينَةِ: مَن كانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَن كانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ. فَكُنَّا، بَعْدَ ذلكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ منهمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ).
ولأهل العلم في مسألة تحديد السنّ التي يُؤمَر بها الطفل بالصوم تفصيل:
- قال الحنفيّة والشافعيّة أنّ الأمر بالصيام كالأمر بالصلاة؛ إذ يُؤمَر به وهو ابن سبع سنين، ويُضرَب عليه لعشر إذا قدر عليه.
- وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أنّه يُؤمَر به لعشر مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار نيّة الطفل وقدرته على تحمُّل مَشقّة الصيام.
- أمّا المالكية فذهبوا إلى أنّه لا يُشرَع الصيام في حقّ الصبيّ الذي لم يبلغ، ولا يُطلَب من وليّه أن يأمره به؛ لأنّ الصوم غير مشروع في حقّه إلى أن يبلغ فيأمره بذلك.
وتجب استشارة الطبيب قبل صيام الطفل، مع القيام بتحليل دم لدى أي معمل تحاليل؛ للتأكّد من نسبة الهيموجلوبين في دم الطفل؛ لأنّ انخفاضها يُضعِف قدرته على تحمُّل الانقطاع عن الطعام، وكذلك تحليل براز؛ للتحقّق من خلو أمعائه من الديدان؛ لأنّ وجودها يُسبّب له فقر الدم الذي يجعل الصيام شاقاً.
اقرأ أيضا: الحصول على مختصر أحكام الصيام الصادر عن دائرة الإفتاء
وسائل تعويد الطفل على الصيام
صيام شهر رمضان عبادة وفرض على من كُلِّف به، وتعويد الأطفال على أداء عبادة الصيام أمر ضروريّ؛ حتى لا يكون الأمر شاقّاً عليهم حين بلوغهم.
ونظراً لأّن الأهل هم أكثر الناس درايةً بمقدرة طفلهم على الاستمرار من عَدَمه؛ وِفقاً لبُنية جسم الطفل وعُمره؛ فيجب عليهم اتّخاذ منهج الوسطية والاعتدال في ذلك، وعدم تكليف الطفل فوق مقدرته وطاقته؛ لأنّ هذا من شأنه أن يلحق به الأذى والضرر.
في الوقت ذاته، يجدر عدم إفساح المجال لهم لتناول كلّ ما تشتهيه أنفسهم في نهار رمضان، مع ضرورة الابتعاد عن القسوة والشدّة في تعويد الطفل على الصيام؛ لأنّ الطفل غير مُكلَّف شرعاً بالصيام، وإنّما شهر رمضان فرصة لتعويده على الصيام، وليس لتنفيره من هذه العبادة.
وهناك العديد من الوسائل التي تساعد في تشجيع الطفل على الصوم، وبيان ذلك فيما يأتي:
- ذِكر الأجر المُترتِّب على صيام رمضان، كذكر الجنّة، وأنّ فيها باباً خاصّاً بالصائمين يُسمّى باب الريّان.
- تعويد الطفل على الصوم قبل رمضان، كصيام بعض أيّام شهر شعبان؛ ليستعدَّ للصوم في شهر رمضان.
- تأخير السحور إلى ما قبل الفجر بقليل؛ حتى تكون لدى الطفل المقدرة على صيام نهار رمضان كاملاً.
- صيام عدد مُعيَّن من الساعات في بداية شهر رمضان، بحيث تزداد هذه الساعات بشكل تدريجيّ يوماً بعد يوم.
- تشجيع الأطفال أمام أقاربهم؛ لرَفع معنويّاتهم للاستمرار في أداء عبادة الصيام.
- تفعيل روح التنافُس بين الطفل وإخوته مثلاً، مع ضرورة عدم تجريح المُتخلِّف منهم؛ لأنّهم غير مأمورين بالصيام.
- قضاء نهار رمضان بفعل أمور مختلفة تساعد على تمضية الوقت دون الشعور بالتعب، مثل: اللعب، أو مشاهدة برامج تعليميّة مفيدة على التلفاز، أو غيرها ممّا هو مفيد وبنّاء.
- أداء العبادات في المسجد مع الأطفال في نهار رمضان.
- تشجيع الأطفال؛ من خلال صُنع الحلوى، وما تشتهيه أنفسهم من طعام وشراب.
- تشجيعهم بالمكافآت التي من شأنها أن تدعم الطفل وتشجّعه؛ سواء كانت مكافآت مادّية، أو معنويّة.
اقرأ أيضا: آيات عن الصيام
كيف أدرّب طفلي على الصيام؟
ولا يُعَدّ هذا صياماً شرعيّاً، وإنّما عملية تعويد للطفل؛ حتى يألف عبادة الصيام، فلا يستصعبها عند وصوله إلى سنّ البلوغ، بالإضافة إلى ضرورة تشجيعهم على الصيام من خلال ربط الصيام بالعديد من أعمال الخير، والأجواء الروحانيّة التي تُحبّب الطفل فيه.
كما أنّ الطفل يرى في أهله القدوة؛ فإذا تعوّد على رؤية أبويه مُلتزِمين بالصيام وأداء العبادات الفضيلة في شهر رمضان، فإنّه سيقتدي بهم؛ لأنّ الآباء قدوة لأبنائهم.
اقرأ أيضا: قصص عن مراقبة الله للأطفال