يوجد أكثر من نوع للشهوة التي تخرج من الإنسان، ومن أشهرها: المني والمذي، فالمني هو الماء الأبيض الغليظ الذي يخرج من الرجل مع رعشة، وأمَّا عند المرأة فيكون رقيقًا أصفر اللون، أمَّا المذي يكون ماءً رقيًقا لزجًا أبيض يخرج عند المداعبة أو النَّظر أو تذكَّر الجماع، ويكون عند الرجال والنساء سواء، ويبحث الكثيرون عن إجابة سؤال ” هل نزول الشهوة يبطل الصيام في رمضان أم لا؟ “.
هل نزول الشهوة يبطل الصيام
نزول المني في نهار رمضان
ذهب الفقهاء في حكم نزول المني إلى أقوال عديدة؛ فرأى جمهور الفقهاء أنَّ نزول المني يبطل الصيام إذا كان عن عمد وبفعل مقصود، أمَّا إذا كان عن غير قصدٍ لا يبطل الصيام، مثلاً إذا كان بسبب نظر الرجل إلى جسد زوجته أو بسبب التفكُّر، ومثل ذلك الاحتلام؛ وهو نزول المني أثناء النوم فإنَّه لا يبطل الصيام.
يقول النووي في ذلك: “من قبَّل فأنزل بطل صومه”، ويقول ابن قدامة في كتابه المغني: “إن قبَّل فأنزل بطل صومه بلا خلاف”، ويقول الإمام مالك: “من باشر أو قبَّل فأَنْعَظَ ولم يُمْذِ ولا أنزل بطل صومه وقضى”، ومن باب أولى أنَّ نزول المني يبطل الصيام عند مالك.
نزول المذي في نهار رمضان
إنَّ نزول المذي لا يعدُّ مثل نزول المني بالنسبة للحكم سواءً في الغسل أو في الصيام، وقد تنوعت آراء الفقهاء فيما إذا كان المذي يُفسد الصيام أم لا؛ فذهب الحنابلة إلى أنَّ المذي يُبطل الصيام إذا كان بسبب التقبيل أو اللمس باليد مباشرة وما شابه ذلك أمّا إذا كان بسبب النظر لا يبطله.
أمَّا الشافعي وأبو حنيفة فقد ذهبا إلى أنَّ المذي لا يُبطِل الصيام إطلاقًا سواءً كان سببه المباشرة أو لا، ويقتصر ذلك على نزول المني فقط.
وقد ذهب بعض الفقهاء والعلماء إلى أنَّ نزول المذي يبطل الصيام أيضًا مثل المني حتى لو لم يكن دون مباشرة، ومن الذين ذهبوا إلى هذا القول: مالك وإسحاق وابن قدامة، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا: هل بخاخ الربو يفطر
الإفرازات المهبلية والصيام
تنقسم الإفرازات المهبلية إلى عدَّة أنواع وهي بالإضافة إلى المذي والمني اللذين سبق الحديث عنهما، الودي: وهو سائل أبيض يخرج بعد البول وليس له علاقة بالشهوة، وهناك رطوبة وهي عبارة عن إفرازات تخرج من الفرج أو الرحم، وهي شفافة وطاهرة وغالبًا لا تشعر المرأة بخروجها.
ولا بدَّ من القول بأنَّ جميع الإفرازات الصفراء والبيضاء والمذي والودي والرطوبة لا توجب الغسل بل تنقض الوضوء فقط، كما أنها لا تُبطل الصيام ولا تفطر صاحبتها؛ لأنَّ فساد الصيام مقتصرٌ على خروج المني سواءً عند الرجل أو المرأة على حد سواء.
ومن الإفرازات المهبلية الكدرة وهي الإفرازات ذات اللون البني الفاتح والغامق، وقد تنوعت آراء الفقهاء هل هي من الحيض أي إذا رأتها المرأة بطل صيامها؟ فالحنابلة والشافعية من وجه قالوا يبطل صيامها إذا رأت الكدرة في أيام الحيض، أما إذا رأتها في غير أيام الحيض فهي استحاضة.
وذهب الحنفية والشافعية إلى أن الكدرة حيض، إذا رأتها المرأة بعد مضي خمسة عشر يومًا من الطهر ولو كانت في غير أيام حيضها بشرط أن يتبعها دم الحيض الأحمر والأسود، وعليه فإن الكدرة تبطل بها الصيام.
اقرأ أيضا: هل البلغم يفطر
هل نزول الشهوة يوجب الغسل؟
إنَّ نزول المني يوجب الغسل في الشرع الإسلامي، إذ يُعدّ من موجبات الغسل سواء عند الذكر أو الأنثى، وسواء كان بحصول الجماع والإيلاج أم لا، وبمجرد نزول المني وإنَّ كانت كمية قليلة كقطرة واحدة فإنَّها توجب الغسل وحتى لو اختلف لون المني قليلًا، وسواء كان ذلك خلال اليقظة أو خلال النوم وسواءً صاحب نزوله شهوة أم لم يصاحبه ذلك.
وذهب البعض إلى أنَّه يجب على المسلم الغسل في حال وجود شهوة حتى لو لم يتم نزول المني، لأنَّ الماء أو المني انتقل من مكانه ولكنَّه لم ينزل ويتدفق، وبذلك يوجب الغسل لوجود الجنابة بمعناها العام.
وذهب الجمهور إلى أنَّ نزول المني هو الذي يوجب الغسل، ففي الحديث عن علي بن أبي طالب أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “كنتُ رجلًا مذَّاءً فسألتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: إذا رأيتَ المذيَ فتوضَّأ واغسِل ذَكَرَكَ، وإذا رأيتَ فضخَ الماءِ فاغتسِل”، ولذلك لا يثبت الحكم دون نزول المني.
أمّا نزول السائل اللزج الذي يعقب مشاهدة مثيرة أو التفكير بالشهوة والذي يسمَّى مذيًا لا يوجب الغسل، وإنَّما ينقض الوضوء فقط، وقد أكَّد ذلك حديث علي بن أبي طالب السابق، وأشار عليه الرسول أن يتوضأ من المذي فقط.
وقد يسأل البعض عن حكم نزول المذي بشهوة، والحقيقة أنَّ الحكم لا يتغيَّر في ذلك، إذ أنَّ المذي أساسًا هو نزول سائل لزج نتيجة تفكير بشهوة أو عند هيجان الشهوة ولكنه يخرج دون رعشة ودون لذة ودون تدفق ولذلك يختلف عن المني، وعلى ذلك فإنَّ خروج المذي بشهوة أو بدون شهوة فإنَّه لا يوجب الغسل وإنَّما يجزيه الوضوء والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا: أحاديث عن الشهوة