هدي الصحابة في شهر رمضان

إنَّ شهر رمضان يُعدُّ فرصةً عظيمة لتحصيل مرضاة الله -عزَّ وجلَّ- ويكون ذلك عن طريق تنافس المسلمين في الطاعات والقربات، كما أنَّه فرصة لتكفير السيئات ومحوَ الخطايا وزيادة الحسنات، وقد قال جبريل -عليه السلام- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “شَقِي عبدٌ أدرك رمضانَ فانسلخ منه ولم يُغفرْ له”؛ لذلك تأتي أهمية معرفة هدي الصحابة في شهر رمضان المُعظّم.

هدي الصحابة في شهر رمضان

هدي الصحابة في شهر رمضانإنَّ كلمة الهدي في اللغة تأتي بمعنى الطريقة والسيرة، فيُقال اتخذتُ هدي فلان أي تبعتُ سيرته وطريقته، أمَّا لفظ الصحابة فهي من الصحبة ومعناها في اللغة الملازمة والانقياد.

وأمَّا عن معنى الصحابة بالاصطلاح الشرعي: “كل من لقي النبي يقظة، مؤمناً به، بعد بعثته، حال حياته ومات على الإيمان”، وعلى ذلك فإنَّ المراد بـهدي الصحابة: السيرة التي سلكوها، والنهج الإيماني الذي ساروا عليه وأثر فيهم وذلك باتباعهم للنبي واقتدائهم به، واقتداء غيرهم بهم -رضوان الله عليهم-“.

ولا بدَّ للمسلم أن يغتنم مناسبة شهر رمضان التي فتح الله بها أبواب السماء وأغلق فيها أبواب الجحيم وجعلها فرصةً للفوز بالجنان، وعلى المسلم أن يتَّخذ الصحابة في ذلك أسوةٌ حسنة، حيث أنَّهم مثلوا هذا المنهج خير تمثيل فكانوا يتنافسون فيما بينهم على أعمال البرِّ وأفعال الخير، وفيما يأتي أمورٌ تعدُّ من هدي الصحابة في شهر رمضان المبارك:

تدبّر القرآن الكريم والعمل به

من هدي الصحابة في رمضان إظهار العناية بالقرآن الكريم قراءةً وتدبرًا وعملًا، كما أنَّ تنافسهم في هذا الباب كان لا ينقطع، وظهر ذلك جليًا عند عثمان الذي كان يختم القرآن كاملًا في ليلة واحدة، وكان بعض السلف يختم القرآن الكريم في قيام رمضان فقط كل عشر ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل ثلاث.

اقرأ أيضا: شوق الصحابة للجنة

الإطالة في صلاة القيام

وقد كان من هدي الصحابة في رمضان الإطالة في القيام، فكان الإمام يقوم بهم بمئات الآيات حتِّى أنَّ الصحابة كانوا يعتمدون على العصيِّ من طول القيام ورغم ذلك لم يكونوا يتذمرون من طول القيام ولم يكونوا ينصرفون قبل بزوغ الشمس.

وقد ذُكر عن ابن أبي مليكة أنَّه قال: “كنت أقوم بالناس في شهر رمضان، فأقرأ في الركعة: الحمد لله فاطر ونحوَها، وما يبلغني أن أحدا يستثقل ذلك”.

اغتنام ليلة القدر

كان الصحابة -رضوان الله عليهم جميعًا- يغتنمون ليلة القدر فلا يُحرمون أنفسهم منها ولا يغفلون عن فضلها، وكانوا يجتهدون في إصابتها في العشر الأواخر من رمضان، ولا بأس في هذا المقام من ذكر بعض فضائل ليلة القدر، علَّ ذلك أن يكون سببًا لتشجيع المسلمين على اغتنماها، وفيما يأتي بعض فضائلها:

حفظ اللسان

كان حفظ اللسان عن الزور والكذب والغيبة والنميمة من هدي الصحابة طوال الوقت وخاصةً في شهر رمضان حيث إنَّهم علموا وأدركوا أنَّ الصيام صيامُ الجوارح عن الإثم، وقد ذُكر ذلك عن عمر بن الخطاب حيث قال: “ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه من الكذب، والباطل، واللغو، والحلف”.

وقال جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما -: “إذا صمتَ، فليصم سمعُك، وبصرُك، ولسانُك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء”.

اقرأ أيضا: قصص عن حفظ اللسان للأطفال ومعرفتهم بثواب ذلك الفعل الجميل

العناية بالفقراء والمساكين

كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقدِّمون العناية بالفقراء والمساكين، فكانوا يعطونهم من أموالهم ويقاسمونهم طعامهم بالإضافة إلى أنَّهم كانوا يجالسونهم على موائدهم.

من النماذج على ذلك عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فكان لا يُفطر إلا مع اليتامى والمساكين، ويُذكر أنَّه رُزِق بأربعة آلاف درهم وقطيفة، فما بات ليلته حتَّى فرَّقها وتصدَّق بالقطيفة على مسكين.

وقال أبو السوار العدوي -رحمه الله-: “كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد مَن يأكل معه أكلَ، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس، وأكلَ الناسُ معه”.

الزهد في الدنيا

علم الصحابة قيمة الدنيا؛ لذلك كانوا أزهد الناس فيها فاتخذوها مطية للوصول بها إلى الآخرة، ومن نماذج ذلك أنَّ حذيفة بُعث إلى المدائن، وخرج الناس إليه ليتلقوه فوجدوه على بغلٍ تحته إكاف فلم يعرفوه ولمَّا جاوزوه قالوا أين الأمير؟ فقال لهم الناس هو الذي لقيتم فركضوا في أثره، فأدركوه وفي يده رغيف وفي الأخرى عرق وهو يأكل، فسلموا عليه، فنظر إلى عظيم منهم فناوله العرق والرغيف ولما غفل حذيفة ألقاه.

الجهاد في سبيل الله

إنَّ أمر الجهاد عظيمٌ وكذلك أجره عند الله عظيم كما أنَّ منزلة المجاهدين ودرجتهم عند الله من أعظم الدرجات، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- فرسان السيف.

وتمتلئ السيرة النبوية العطرة بنماذج لصحابة جاهدوا بأنفسهم وجل أموالهم وبأولادهم في الغزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بعد وفاته، وكان بعض هذه الغزوات في رمضان مثل غزوة بدر وفتح مكة.

اقرأ أيضا: أجمل قصص الصحابة المؤثرة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version