أجمع جمهور العلماء على أن الكلب نجس العين بكل أجزائه وهو مذهَبُ الحنابلة والشافعيَّة، وقال به محمَّدُ بنُ الحسن من الحنفيَّة، أما المالكية فذهبوا إلى طهارة سؤره وبدنه، أما الحنفية فذهبوا إلى طهارة بدنه ونجاسة سؤره، تعرف معنا على لماذا الكلب نجس؟
لماذا الكلب نجس؟
- ذهب جمهور العلماء والشافعية إلى أن (الكلب نجس بجميع أجزائه). أما الحنفية قالوا في الأصح إلى (نجاسة سؤره وطهارة بدنه). قال المالكية في شأن نجاسة الكلب إلى (طهارة سؤره وبدنه).
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وأما الكلب فقد تنازع العلماء فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنَّه طاهرٌ حتى ريقه، وهذا هو مذهب مالك. والثانـي: نجس حتى شعره، وهذا هو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد. والثالث: شعره طاهـر، وريقه نجسٌ، وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وهذا أصحُّ الأقوال، فإذا أصاب الثوبَ أو البدنَ رطوبةُ شعره لم ينجس بذلك ” انتهى. “مجموع الفتاوى” (21 / 530).
- فضلات الكلب نجسة حسب قول جمهور العلماء، قال النووي في (المجموع 2/524): أن البيهقي قال: (أجمع المسلمون على نجاسة بول الكلب وكذلك بول وغائط جميع الحيوانات مما لا يؤكل لحمه). أما لعاب الكلب وريقه فهو نجس في قول جمهور العلماء وأرجئوا ذلك لوجوب غسل الثوب أو الإناء أو البدن الذي ولغ فيه الكلب، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب).
كيفية تطهير نجاسة الكلب؟
- أجمع جمهور العلماء على نجاسة الكلب ونجاسة بدنه وجميع أجزائه. وشددوا على وجوب تطهير البدن أو الثوب أو المكان الذي يصاب بلعاب الكلب أو بدنه. وهذه الطهارة تكون على النحو التالي:
- يتم غسل الإناء أو اللبس أو البدن الذي يلمسه الكلب سَبْعَ مرَّاتٍ، أُول هذه المرات الغسل بالتُّراب، وفقاً لمذهل الحنابلةِ، واختيارُ ابن حجر، وابنِ حَزمٍ، وابنِ عُثيمين.
- قال النوويُّ في “المجموع” (2/598): “وقدِ اختلفَ العُلماءُ في ولوغِ الكلب، فمذهبُنا: أنَّه ينجس ما ولَغ فيه، ويَجبُ غسْلُ إنائِه سبعَ مرَّات إحداهنَّ بالتّراب، وبِهذا قال أكثرُ العُلماء.
حكى ابنُ المنذِر: وجوبَ الغَسْلِ سبعًا، عن أبِي هُريرة، وابن عبَّاس، وعروةَ بْنِ الزُّبيْر، وطاوس، وعمرِو بن دينار، ومالكٍ، والأوزاعيِّ، وأحْمد، وإسحاقَ، وأبِي عُبيدٍ، وأبِي ثور.
وقدِ اختلف العُلماءُ في استِعْمال التُّراب في التَّطهير، وهل يجوز أن يستعمل شيئًا آخَر، كالصابون أو غيْرِه من المنظفات؟
فذهبَ الإمام الشافعيُّ إلى أنَّه: يَجب استِعمال التراب، ولا يُجْزِئ استعمال غيره؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عيَّنَه وأمر به.
الدليل على ذلك من السنة النبوية:
- روى مسلم في صحيحه عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ).
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” (طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أولاهن بِالتُّرَابِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (طُهْرُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ).
– الأمرَ بالتطهير والغَسلِ هنا 7 مرات أولهم الغَسلِ بالتُّرابِ يدلُّ على نجاسةِ الكَلبِ. - عن مَيمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصبح يومًا واجمًا، فقالت ميمونةُ: يا رسولَ الله، لقدِ استنكرتُ هيئتَكَ منذُ اليوم! قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ جِبريلَ كان وَعَدني أنْ يلقاني اللَّيلةَ فلمْ يَلْقَني، أمَ واللهِ ما أخلَفَني، قال: فظلَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَه ذلك على ذلك، ثم وقَع في نفْسِه جِرْوُ كَلبٍ تحت فُسطاطٍ لنا، فأمَر به فأُخرِج، ثمَّ أَخَذ بِيَدِه ماءً فنَضَحَ مكانَه، فلمَّا أمسى لقِيَه جبريلُ، فقال له: قد كنتَ وعَدتَني أنْ تلقاني البارحةَ، قال: أجَلْ، ولكنَّا لا ندخُل بيتًا فيه كلبٌ ولا صُورةٌ).
لماذا تطهر نجاسة الكلب بالتراب؟
- ثَبَتَ عِلْميًّا أنَّ النجاسة التي تنجم عن ولوغ الكلب في الإناء لا يُزِيلُها إلا التُّراب؛ حيث يحتوي التراب على مادتين مهمتين جداً تستخدمين لقتل الجراثيم هُما (تتراكسلين)، و(التتاراليت). هاتان المادتان تستخدمان في عمليَّة التَّعقيم ضدَّ مجموعة من الجراثيم، من بينها الجراثيم التي تتواجد في لعاب الكلب، والتي لا تزولُ إلا بِهذا التَّعقيم.
- يجب على كل من يصاب ثوبه أو بدنه بشيءٌ من لُعاب الكلب القيام بغسل الموضع المصاب سبْعَ غسلات أولاهنَّ بالتُّراب.
ما هي الحالات التي يجوز فيها اقتناء الكلب؟
- لا ينبغي اقتناء الكلب إلا في حالة حراسة الزرع والماشية، أو الصيد، ومن يخالف ذلك يعاقب بنقصان حسناته بمقدار قيراط أو قيراطين في كل يوم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أوْ صيداً، أوْ زَرْعٍ، انْتُقِصَ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ) رواه مسلم (1575).
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اقْتَنَى كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أوْ ضَارِياً نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) رواه البخاري (5163) ومسلم (1574).
- قال النووي في شرح مسلم (10 / 236): (اختلف في جواز اقتنائه لغير هذه الأمور الثلاثة كحفظ الدور والدروب، والراجح: جوازه قياساً على الثلاثة عملاً بالعلَّة المفهومة من الحديث وهي: الحاجة).