مراحل حزن الفقد الخمس
عندما نفقد أحد أفراد أسرته، يمكن أن نشعر بألمٍ لا يطاق، ومن المفهوم أن الحزن معقد، ونتساءل أحيانًا عما إذا كان الألم سينتهي، لذا سنحاول من خلال هذا المقال توضيح مراحل حزن الفقد الخمس، ليسهل التعامل معها وتجاوز الحزن أيًا كان حجمه.
مراحل حزن الفقد الخمس
يرى الكثير من علماء النفس أننا نمر بخمس مراحل متميزة من الحزن بعد فقدان أحد الأحباء، وهي الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب وأخيراً القبول.
الإنكار
تساعدنا المرحلة الأولى في هذه النظرية على تقليل الألم الهائل للخسارة، فبينما نعالج حقيقة خسارتنا، نحاول أيضًا أن نتغلب على الألم العاطفي، وقد يكون من الصعب تصديق أننا فقدنا شخصًا مهمًا في حياتنا، خاصةً لو كنا قد تحدثنا للتو مع هذا الشخص في الأسبوع السابق أو حتى في اليوم السابق.
قد يتحول الواقع بالكامل في لحظة الخسارة هذه، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لأذهاننا للتكيف مع هذا الواقع الجديد، نحن نفكر في التجارب التي تشاركناها مع الشخص الذي فقدناه، وقد نجد أنفسنا نتساءل عن كيفية المضي قدمًا في الحياة بدون هذا الشخص.
الغضب
من الشائع الشعور بالغضب بعد فقدان أحد الأحباء، ونحن نحاول التكيف مع واقع جديد ومن المحتمل أننا نعاني من انزعاج عاطفي شديد، فهناك الكثير من الأمور التي يجب معالجتها بحيث نشعر بأن لغضب يتيح لنا منفذًا عاطفيًا.
ضع في اعتبارك أن الغضب لا يتطلب منا أن نكون ضعفاء للغاية، إذ أنه يسمح لنا بالتعبير عن المشاعر بخوف أقل من الحكم أو الرفض.
يميل الغضب إلى أن يكون أول ما نشعر به عندما نبدأ في إطلاق المشاعر المتعلقة بالخسارة، ويمكن أن يجعلك هذا تشعر بالعزلة في تجربتك ويُنظر إليك على أنك غير قابل للاقتراب من قبل الآخرين في اللحظات التي يمكنك فيها الاستفادة من الراحة والتواصل والطمأنينة.
المساومة المراوغة
عند التعامل مع الخسارة، من المعتاد أن تشعر باليأس لدرجة أنك على استعداد لفعل أي شيء تقريبًا لتخفيف الألم أو تقليله، ويمكن أن يدفعنا فقدان أحد الأحباء إلى التفكير بأي طريقة يمكننا من خلالها تجنب الألم الحالي أو الألم الذي نتوقعه من الخسارة، وهناك العديد من الطرق التي قد نحاول بها المساومة.
يمكن أن تأتي المساومة في مجموعة متنوعة من الوعود بما في ذلك أن تتعهد بأن ينصلح حالك إذا عاد من فقدت، أو ان تتقرب إلى الله أكثر إذا أعاده إليك، أو أن تفعل الخير الكثير إذا كان كل ما مررت به حلمًا، وهكذا.
الكآبة
خلال تجربتنا في معالجة الحزن، يأتي وقت يهدأ فيه خيالنا ونبدأ ببطء في النظر إلى حقيقة وضعنا الحال، فلم تعد المساومة تبدو خيارًا ونحن نواجه ما يحدث.
بدأنا الآن نشعر بفقدان أحبائنا بشكل كبير، وبدأنا موقنين أنه لا عودة، فعندما يبدأ ذعرنا في التراجع، يبدأ الضباب العاطفي في التلاشي وتشعر الخسارة بمزيد من الوجود، وأنه لا مفر منها.
في تلك اللحظات، نميل إلى الانجذاب إلى الداخل مع نمو الحزن، وقد نجد أنفسنا نتراجع، ونصبح منعزلين اجتماعيًا، ولا نتواصل مع الآخرين بشأن ما نمر به، وعلى الرغم من أن هذه مرحلة طبيعية جدًا من الحزن، إلا أن التعامل مع الاكتئاب بعد فقدان أحد الأحباء يمكن أن يكون مؤلمًا للغاية، وتلفه الوحدة والعزلة.
القبول
عندما نصل إلى مرحلة القبول، لا يعني ذلك أننا لم نعد نشعر بألم الخسارة، ولكن لم نعد نقاوم حقيقة وضعنا، ولا نكافح لجعله شيئًا مختلفًا.
لا يزال الحزن والندم موجودين في هذه المرحلة، لكن تكتيكات البقاء العاطفي المتمثلة في الإنكار والمساومة والغضب تقل احتمالية وجودها مع الوقت.
نظرية التعلق والحزن
ركز عالم النفس جون بولبي عمله على البحث في الارتباط العاطفي بين الوالدين والطفل، من وجهة نظره، تساعد هذه التجارب المبكرة للارتباط مع الأشخاص المهمين في حياتنا، مثل مقدمي الرعاية في تشكيل إحساسنا بالأمان.
طور الطبيب النفسي البريطاني كولين موراي باركس نموذجًا للحزن يعتمد على نظرية التعلق لبولبي، مما يشير إلى وجود أربع مراحل من الحداد عند الشعور بفقدان أحد الأحباء الذين يتعلق بهم الشخص:
- الصدمة والخدر: من المستحيل قبول الخسارة في هذه المرحلة، الأكثر ارتباطًا بمرحلة الإنكار، حيث نشعر بالارتباك عندما نحاول التعامل مع عواطفنا، ويقترح باركس أن هناك ضائقة جسدية حدثت في هذه المرحلة أيضًا، والتي يمكن أن تؤدي إلى أعراض جسدية.
- الحنين والبحث: بينما نعالج الخسارة في هذه المرحلة، قد نبدأ في البحث عن الراحة لملء الفراغ الذي تركه أحبائنا، وقد نحاول القيام بذلك من خلال استعادة الذكريات من خلال الصور والبحث عن إشارات من الشخص للشعور بالارتباط بها.
في هذه المرحلة، ننشغل كثيرًا بالشخص الذي فقدناه. - اليأس والفوضى: قد نجد أنفسنا نتساءل ونشعر بالغضب في هذه المرحلة، فإن إدراك أن أحبائنا لم يعودوا موجودين ليس بالأمر السهل، وربما نواجه صعوبة في فهم المستقبل أو إيجاد الأمل فيه، وقد نشعر بأننا بلا هدف إلى حد ما في هذه المرحلة ونجد أننا نتراجع عن الآخرين بينما نعالج آلامنا.
- إعادة التنظيم والتعافي: في هذه المرحلة، نشعر بمزيد من الأمل في استعادة قلوبنا وعقولنا، كما هو الحال مع مرحلة القبول، إذ لا يختفي الحزن والشوق، ولكننا نتحرك نحو التعافي وإعادة الاتصال بالآخرين للحصول على الدعم، وإيجاد طرق صغيرة لإعادة بعض الأمور إلى طبيعتها في حياتنا اليومية.