هجمات الشمال القسنطيني
لطالما كان الجزائريون يكافحون الاستعمار بشراسة وبكل ما يملكون وهو ما يظهر جليًا في الثورة الجزائرية أمام الاستعمار الفرنسي. كما كانت هجمات الشمال القسنطيني ذات أثر كبير ودور هام في نجاح هذه الثورة. لذلك كانت هجمات الشمال هي التي جعلت الاستعمار يفك الحصار الذي فرضه على الثورة سعيًا لخنقها وخمدها في مهدها الأول.
هجمات الشمال القسنطيني
ما هي الثورة الجزائرية
قد يهمك أيضًا: اسباب الثورة الجزائرية
تعرف الثورة الجزائرية بحرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962)، وقد قامت في الأساس بهدف استقلال الجزائر عن فرنسا. بدأت الحركة من أجل الاستقلال خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918). من ثم ازدادت حدة وشراسة نتيجة لعدم تحقق الوعود الفرنسية بحكم ذاتي أكبر في الجزائر بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945). لذلك في عام 1954، بدأت جبهة التحرير الوطني في الجزائر حربًا ضد فرنسا. كما سعت للحصول على اعتراف دبلوماسي من الأمم المتحدة لتأسيس دولة جزائرية ذات سيادة. لذلك اندلعت أخطر المعارك في الجزائر وحولها، حيث شن مقاتلو جبهة التحرير الوطني سلسلة من الهجمات الحضرية العنيفة التي عرفت باسم هجمات الشمال القسنطيني. قضت ضراوة القتال على الإرادة السياسية للفرنسيين لمواصلة صراعهم واستعمارهم. وفي عام 1959 أعلن شارل ديغول أن الجزائريين لهم الحق في تقرير مستقبلهم. كذلك تم توقيع اتفاقية 1962 واستقلت الجزائر لتعلن تحررها من الاستعمار ونجاح ثورة الإرادة الحرة.
قد يهمك أيضًا: حقائق لاتعرفها عن الجزائر.. اكتشف معنا حقائق غريبة عن شعب الجزائر
ما الذي أدى إلى هجمات الشمال
هجمات الشمال القسنطيني هي عبارة عن هجمات عسكرية شنها جيش التحرير الوطني الجزائري في 20 أغسطس عام 1955 على المستعمر الفرنسي. كما أن هذه الهجمات كانت عبارة عن رد فعل على محاولة الاستعمار الفرنسي إخماد الثورة الجزائرية التي اندلعت في نوفمبر عام 1954. كما كانت داعمة لجهود جبهة التحرير الوطني في النضال السياسي ضد الاستعمار الفرنسي. لذلك فإن هذه الهجمات كانت حدثًا تاريخيًا فارقًا في طريق استقلال الجزائر. كذلك أكثر ما أدى إلى حدوث هجمال الشمات هو محاولة قوات وسلطات الاستعمار الفرنسي خرس الأفواه التي تنادي بالاستقلال من خلال وضع الثوار في السجون والقمع العنيف لهم، إضافة إلى قتل المئات بل الآلاف من الشهداء. وبالفعل اجتمع القيادي السياسي زيغود يوسف حينها مع مسؤولي منطقة شمال قسنطينة والضباط أيضًا وأكد على أن الشعب الجزائري يجب أن يختار ما بين الموت على يد الاستعمار أو التحرر منهم بأي ثمن ولو كان ذلك حياتهم. وذلك يعني المشاركة مع الثوار وليس التعاطف معهم فحسب.
قد يهمك أيضًا: هل تعلم عن الثورة الجزائرية
لماذا لجأت الثورة الجزائرية إلى شن هجمات الشمال
كانت الظروف القاسية التي تمر بها الثورة هي التي دفعتها إلى شن هجوم بهذا العنف على الاستعمار الفرنسي، فقد كان الاستعمار على وشك النجاح في إخماد لهيب هذه الثورة بقتله للثوار وسجنه لبقيتهم. وبالتالي فإن أهم الأسباب التي تم شن الهجمات لأجلها هي:
- اختيار يوم 20 من أغسطس بالتحديد تزامنًا مع الذكرى الثانية لنفي الملك المغربي محمد الخامس، وقد تم اختيار هذا التاريخ بالتحديد من أجل إشعال الروح الوطنية وروح المقاومة بين الناس وتعزيز التآخي مع المغرب.
- إظهار زيف وكذب قوات الاحتلال الفرنسية التي تحاول تشويه سمعة الثورة الجزائرية.
- الإثبات بالحاسم بالفعل على قوة الجيوش الجزائرية الجسورة وجبهة التحرير الوطني.
- كما تم شن الهجمات في وضح النهار لرفع الروح المعنوية للشعب الجزائري وإشعارهم بالدعم وزرع الشك والخوف بين صفوف الاحتلال.
- إعدام أي شخص تعاون مع الاحتلال وتآمر بذلك على الثورة في خيانة واضحة وصريحة لوطنه.
- تشجيع أبناء الوطن على المشاركة في الثورة لإنجاحها.
- إيصال صوت الثورة إلى العالم بأكمله وخاصةً الدول ذات السيادة والتي لها شأن بين دول العالم.
- فضح حقيقة قوات الاحتلال الفرنسي وجرائمهم البشعة.
قد يهمك أيضًا: تاريخ مصر والجزائر
كيف نفذت الهجمات الشمالية
بحلول صباح التاريخ المقرر لشن الهجمات الشمالية وهو 20 من أغسطس عام 1955؛ قامت جبهة التحرير والقوات الثورية بشن هجمات شديدة العنف في مناطق متفرقة في الشمال القسنطيني على قوات الاحتلال الفرنسية. المناطق التي شهدت شن هذه الهجمات هي:
- الحروش
- الميلية
- عين عبيد
- وادي الزناتي
- السمندو
- سكيكدة
- القل
- قسنطينة
- الخروب
كما تم شن الهجمات على مناطق أخرى متعددة في الشمال. كذلك اشترك الشعب الجزائري في هذه الهجمات بجميع الوسائل التي يمتلكونها والمتوفرة أمامهم مثل العصي والخناجر والفؤوس. استخدم الشعب هذه الأدوات كأسلحة قاتلة وشنوا بها هجمات على المراكز العسكرية التي يتمركز فيها الاستعمار الفرنسي.
قد يهمك أيضًا: خواطر عن ثورة الجزائر
آثار الهجمات على الثورة الجزائرية
قد يهمك أيضًا: جهود الجزائريين في مواجهة الغزو الاوروبي
على الرغم من النجاح الذي كلل الثورة الفرنسية بفضل هذه الهجمات؛ إلا أن آثارها في البداية كانت بعيدة كل البعد عن النجاح. فلم يتمكن الشعب الجزائري من الاحتفال بهذه الهجمات على الفور، حيث قامت قوات الاحتلال بحملة انتقامية وحشية للغاية على المدنيين العزل. شملت هذه الحملات الانتقامية قتلًا وحرقًا جماعيًا وقصف للمنازل وانتهاك الأعراض والتمثيل بالجثث ودهس الأسرى بالدبابات ودفنهم أحياء. كانت الخسائر في الأرواح مؤلمة للغاية إلا أنها تسببت في وصول الثورة في النهاية إلى المجتمع الدولي واقتناعه بحرية الجزائريين في تحديد مصيرهم. كما كانت الهجمات الانتقامية هي أول مسمار يضعه الاحتلال الفرنسي في نعشه بنفسه.
قد يهمك أيضًا: اسباب احتلال الجزائر