الوحدة لبعض الوقت أمر ضروري
يميل الناس إلى أن يكونوا كائنات اجتماعية، وقد أظهرت الأبحاث أن الروابط الاجتماعية ضرورية لكل من الرفاهية العاطفية والجسدية، ولكن يلعب الوقت وحده دورًا محوريًا في الصحة العقلية، وكما يقال فإن الوحدة لبعض الوقت أمر ضروري.
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي
الإنسان كائن اجتماعي، ورغم أن التواجد في مجموعات يأتي بمكافآت، ولكنه أيضًا يخلق ضغوطًا، فأنت قلق بشأن ما يعتقده الناس، وأنت تغير سلوكك لتجنب الرفض وللتوافق مع بقية المجموعة.
بينما قد تكون تكلفة أن تكون جزءًا من عالم اجتماعي باهظة وفيها الكثير من التحديات، فإن بعض هذه التحديات توضح سبب أهمية أن تقضي بعض الوقت بمفردك.
أظهرت جائحة COVID-19 تحديات الشعور بالوحدة وقلة الوقت الانفرادي، حيث عانى الكثير من الناس من الشعور بالعزلة والوحدة، وواجه الآخرون تحديات قضاء الكثير من الوقت فجأة في أماكن قريبة مع أفراد الأسرة، وكانت الحدود غير الواضحة بين العمل والحياة وقلة الوقت بعيدًا عن بعضها البعض تعني أن الكثير من الناس كانوا يكافحون طوال الوقت لعدم قضاء الوقت بمفردهم.
الوحدة لبعض الوقت أمر ضروري
يمكن أن يكون لإيجاد الوقت لتكون بمفردك الكثير من الفوائد، من بينها:
الاستكشاف الشخصي
يمكن أن يمنحك الشعور بالراحة في غرفتك، الوقت والحرية لاستكشاف شغفك حقًا دون تدخل خارجي، كما يمكن أن يكون وسيلة لتجربة أشياء جديدة، والبحث في الموضوعات التي تثير إعجابك، واكتساب المعرفة، وحتى ممارسة أساليب جديدة للتعبير عن الذات.
منح نفسك الوقت بمفردك يعني أنه يمكنك استكشاف هذه الأشياء دون الضغوط والأحكام التي قد يفرضها الآخرون، حيث يعد قضاء الوقت لنفسك أمرًا بالغ الأهمية للنمو والتنمية الشخصية، وبدلاً من القلق بشأن الاحتياجات والاهتمامات والآراء التي قد يمتلكها الآخرون، يتيح لك الوقت بمفردك التركيز على نفسك.
الإبداع
الوقت الذي تقضيه وحيدًا، هو فرصة للسماح لعقلك بالشرود وتقوية إبداعك، بدون الحاجة إلى الاهتمام بالآخرين أو التفاعل معهم، إذ يمكنك تجاهل التأثيرات الخارجية والتركيز على الداخل.
تشير الأبحاث إلى أن كونك وحيدًا يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في الدماغ تساعد في تغذية العملية الإبداعية، ووجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يميلون إلى الانسحاب عمدًا من أجل قضاء الوقت بمفردهم يميلون أيضًا إلى أن يكونوا مبدعين للغاية
في دراسة نشرت عام 2020 في مجلة Nature Communications، وجد الباحثون أن العزلة الاجتماعية المتصورة (المعروفة باسم الوحدة) أدت إلى زيادة النشاط في الدوائر العصبية المتعلقة بالخيال، وعندما يُترك الدماغ مع نقص في التحفيز الاجتماعي، يكثف شبكاته الإبداعية للمساعدة في ملء الفراغ
الطاقة الاجتماعية
يميل الناس لمن يفضل الجلوس بمفرده إلى النظر إليه من منظور سلبي، ولكن وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم قد يكون لديهم في الواقع حياة اجتماعية أكثر ثراء وطاقة اجتماعية أكثر من الأشخاص الذين يتواجدون مع الآخرين طوال الوقت.
لماذا تعتبر الوحدة تحديًا؟
يمكن أن يكون قضاء الوقت بمفرده تحديًا لبعض الأشخاص لأسباب متنوعة، وقد وجدت إحدى الدراسات أن العديد من الأشخاص يفضلون أن يصيبوا أنفسهم بصدمات كهربائية مؤلمة بدلاً من الجلوس بمفردهم مع أفكارهم الخاصة، وتشمل بعض هذه الأسباب التي قد يعاني منها الناس ما يلي:
- قلة الخبرة في أن تكون وحيدًا: قد لا يعتاد بعض الأشخاص على أن يكونوا وحدهم لأنهم معتادون جدًا على التواجد حول أشخاص آخرين، ويمكن للغياب المفاجئ للتحفيز الاجتماعي أن يتركهم يشعرون بالانفصال.
- الأفكار والمشاعر المؤلمة: قد يكون الشعور بالوحدة والتركيز على الذات أمرًا صعبًا أو مؤلمًا، وقد يجد الناس هذا الأمر مزعجًا، خاصة عندما يجدون أنفسهم منغمسين في اجترار الأفكار والقلق.
- وصمة العار الاجتماعية: يمكن للوصمة المتعلقة بالوحدة أن تلعب أيضًا دورًا في تشكيل شعور الناس تجاه العزلة، فبالنسبة لأولئك الذين تعرضوا لمواقف سلبية تجاه الوحدة أو الذين يرون أنها شكل من أشكال السلوك المعادي للمجتمع أو الرفض الاجتماعي، يمكن أن تبدو العزلة وكأنها شكل مؤلم من أشكال العقاب.
الفرق بين أن تكون وحيدًا، وأن تشعر بالوحدة
خلال فترة الحظر المصاحب لانتشار وباء كوفيد-19، حذر الخبراء من وباء الشعور بالوحدة الذي يهدد صحة الناس من جميع الأعمار، وتشير الأبحاث إلى أن الناس يعانون الآن من الشعور بالوحدة أكثر مما كانوا عليه في الماضي.
هناك وفرة من الأدلة التي تظهر أن الوحدة يمكن أن يكون لها عواقب صحية مدمرة، وقد تم ربطه بارتفاع ضغط الدم، والتدهور المعرفي المتسارع، والقلق الاجتماعي، وزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
هذا كله ينتج عندما يكون داخل الشخص شعور وجداني مؤلم بالوحدة والرفض، ولكنه لا يشمل أبدًا اختيارك لقضاء بعض الوقت بمفردك بكامل إرادتك، لتعود لحياتك الاجتماعية أكثر قوة فيما بعد.