إن التقرّب إلى الله -عزّ وجلّ- يعدّ سبباً من أسباب السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة؛ لذلك يحرص الكثير من المسلمين على معرفة ما هي الباقيات الصالحات باعتبارها خير ما يُقرّب المسلم إلى ربه -عزّ وجلّ-.
ما هي الباقيات الصالحات
قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ أَمَلًا)، وورد في تفسير الباقيات الصالحات عن عبد الله بن عباس وسعيد بن جبير وغيرهم من السلف الصالح -رضي الله عنهم- أنّ الباقيات الصالحات هي الصلوات الخمس.
بينما ذكر عثمان بن عفان وكثير من الصّحابة -رضي الله عنهم- أنّ الباقيات الصالحات هي: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، والله أكبر.
والدليل على ذلك: (استكثِروا مِنَ الباقياتِ الصَّالحاتِ، قيل: وما هي يا رسولَ اللهِ؟ قال: التَّكبيرُ والتَّهليلُ والتَّحميدُ والتَّسبيحُ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ). (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 840 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
وممّا ذكره الطبري في جامع البيان في تفسير القرآن أنّ الباقيات الصالحات هي ما يعمله المسلم من أعمال صالحة تبقى له ويؤجر عليها بعد انتهاء حياته.
وفسّرها ابن زيد بأنّها كلّ ما يُكسب صاحبه الأجر والثواب، فيجوز لكلّ عمل من هذا القبيل أن يُقال عنه: الباقيات الصالحات.
وجاء كذلك في تفسير الباقيات الصالحات بأنّها العلم الذي ينتفع به الإنسان، وبأنّه الولد الصالح الذي ينتفع به، أو الصدقة الجارية.
والعلم الذي ينتفع به الإنسان هو كلّ ما علّمه للآخرين من أمور تنفعهم في آخرتهم ودنياهم من عقيدة وخلق وعبادات ومعاملات، والولد الصالح هو الولد الذي يدعو لوالديه بالخير، أو الولد الذي نشأ نشأةً سليمة فكان صالحاً، وأمّا الصدقة الجارية فهي ما يتصدّق به الإنسان بحيث يدوم نفعه وأثره، كبناء مسجد، أو مدرسة، أو دار علم، أو سبيل ماء، أو غير ذلك.
اقرأ أيضا: كيفية صلاة التسابيح
فضل الباقيات الصالحات
وبهذا يتبيّن أنّ الباقيات الصالحات ذِكْر، وأنّ الذِكْر يُكسب المرء الأجر والثواب العظيم، ولكن يجدر بالمسلم عدم تحديد عدد معيّن منها في وقت معين؛ لعدم ورود دليل على ذلك، فقد بيّنت الأدلّة فَضْل الذكر دون تحديده بعدد.
ومن ذلك ما قاله الله عزّ وجلّ: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، ومن فضائلها: تكفير الذنوب والسيئات وما أحوجنا لما يُساقط به الذنوب.
وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعدما مرّ بشجرةٍ يابسة الورق فضربها بعصاه فتناثر الورق: (إنّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3533 | خلاصة حكم المحدث : غريب ))
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الكهف
الأعمال الصالحة
هناك العديد من الأعمال الصالحة التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها، منها: الصلاة التي تعدّ عمود الدين، وبها يُصلح الفرد، مع ضرورة الخشوع أثناء الصلاة، وإعطائها حقّها من الشروط والواجبات والأركان.
ومن الأعمال التي يجب على المسلم أن يواظب عليها كذلك: صوم رمضان، والزّكاة، والصّدقة التطوعية؛ لما ينعكس عليها من بركة في المال والعمر، وكذلك حُسْن الخلق، وصِلة الرحم، والإحسان إلى الجار، والحجّ المبرور لِمن استطاع إليه سبيلاً.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة وأهميّة الدعاء في حياة المسلم وخاصّة الدعاء بالثبات على دين الحقّ دين الإسلام، فالقلوب بين إصبعي الرحمن يستطيع أن يقلّبها كيفما يشاء.
ومن أفضل الأعمال الصالحة هي: الفرائض، ثمّ النوافل؛ حيث يجب مراعاة الفاضل والمفضول من الأعمال فلا تُقدّم أعمال النوافل على الفروض، وإنّما بعد أداء الفرائض يكون أداء النوافل؛ مثل: ذكر الله تعالى، والسنن الرواتب، وقيام الليل، وصيام التطوّع، والصدقات، وكلّما تقرب العبد الى الله -عزّ وجلّ- بالنّوافل كلّما اقترب من حبّ الله وولايته.
وقد ورد ذلك المعنى فيما يرويه رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- عن ربّه عزّ وجلّ؛ حيث قال: (ما تقرَّبَ إليَّ عبدٌ بمثلِ أداءِ ما افترضتُه عليه، ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يُبصِرُ به، ويدَه التي يَبطِشُ بها، ورجلَه التي يمشي بها). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج شرح السنة | الصفحة أو الرقم : 1249 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
اقرأ أيضا: ما هي أسماء الجنة